أحمد الزعتريمن جهة أخرى، منحت وزارة الثقافة الأردنية جائزة «التفرّغ الإبداعي» للشاعر أمجد ناصر، والقاص والكاتب المسرحي جمال أبو حمدان، والموسيقي صخر حتّر، والتشكيلي عصام طنطاوي والمسرحي حكيم حرب. وعلى رغم إقرار قانون ينص على أن يتقلّد المثقفون أنفسهم منصب الملحق الثقافي، إلا أنّ وزيرة الثقافة نانسي باكير ارتأت أنّه ليس بينهم مَن يتقن لغات أخرى ليكون مناسباً للمهمة. والطريف أن من عيّنتهم الوزيرة بدلاً من المثقفين كانوا يشكون من العلّة نفسها!
الضجّة الأكبر أثارها «مهرجان الأردن» الذي أقيم على أنقاض «مهرجان جرش». جوبه المهرجان باعتراضات ثقافية أولاً، إذ ليس هناك ما يبرر استبدال «جرش» أو قتله. أما التحرّك الشعبي فجاء بعد نشر صحيفة محلية خبراً عن أنّ المهرجان هو من تنظيم شركة Publicis التي نظّمت احتفالات «استقلال» إسرائيل. ورغم إعلان الهيئات غير الرسمية مقاطعته، إلا أنّ المهرجان أقيم بعد تدخّل الملك مباشرةً لنفي «الشائعة» وتراجع المؤسسات عن المقاطعة. نجح «الأردن» نسبياً، وغُطّي النقص في المقاعد من خلال دعوات مجانية وجهها المنظمون إلى شركاء إعلاميّين وشركات صديقة. ورغم كل شيء، امتلأت مقاعد مدرج جرش الجنوبي في أمسية أوبرا نادرة أحياها التينور بلاسيدو دومينغو مع السوبرانو جوليا ميغينس. ومثل كل عام، أقيم «مهرجان المسرح الأردني» الذي جاء ليشهد على تردّي ذائقة المؤسسات الرسميّة العربية التي رشحت هذه العروض للمهرجان. شارك العديد من الدول العربية وغاب عنها لبنان. وشهد هذا العام ولادة مهرجان «طقوس مسرحية» بحضور عدد من المسرحيين العرب، منهم سميحة أيوب.
من جهة أخرى، شهدت عمّان مئات المعارض التشكيلية العالمية والعربية والمحلية التي رافقها حضور متواضع: غاليري «نبض» وضعتنا أمام نافذة مطلة على الفن العربي، حيث تمكن مشاهدة أعمال 14 فناناً عربياً. أما المتحف الوطني للفنون الجميلة فجمع 27 فناناً من أوروبا والعالم العربي.
رابطة الكتّاب أدلت بدلوها أيضاً، فأقامت عدداً من النشاطات الثقافية، آخرها استضافة المؤتمر الاستثنائي لاتحاد الكتاب العرب، كما أقامت «ملتقى السرد العربي الأول» الذي حمل اسم غالب هلسا. أما «دارة الفنون» فخصصت أنشطتها للذكرى الستين لنكبة فلسطين، وتضمنت عروضاً لأفلام فلسطينية ومعارض تجهيز فنيّ للفنانتين منى حاطوم وجاين فريري. وبرزت غاليري «مكان» من خلال تنظيم عدد من الفعاليات الفنيّة المعاصرة، مركزةً على قضايا الهوامش والتابوهات مثل معرض «محلات السوتيانة الأولى» لديالا خصاونة، و«فضاء شخصي» للينا صعوب و«بورتريه» لسماح حجازي.
الخلاصة أنّ الثقافة الرسمية فشلت هذا العام في قيادة حركة ثقافية تقترب على الأقل من القضايا المعاصرة. وقد تركت هذا الدور للمؤسسات الخاصة التي تلقفته ونجحت نسبياً في تبنّي فعاليات تمسّ الحركة المعاصرة والحداثية أحياناً.