25 مليار ليرة متأخرات على «امتياز عاليه»

25 مليار ليرة متأخرات على «امتياز عاليه»

  • 0
  • ض
  • ض

يمتنع مالك شركة امتياز كهرباء عاليه عن تسديد مبلغ 25 مليار ليرة مستحقة عليه لصالح مؤسسة كهرباء لبنان. هذه الوقائع ظهرت في التحقيقات التي يجريها المدعي العام المالي علي ابراهيم على أساس لائحة تضم عشرات الأشخاص والشركات الممتنعين عن تسديد فواتيرهم للمؤسسة.

استمع المدعي العام المالي علي ابراهيم يوم الأسبوع الماضي إلى إفادة المدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الطاقة غسان بيضون بشأن المتأخرات المترتبة على امتياز كهرباء عاليه لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان. تبيّن من التحقيق أن مالك الامتياز السابق ألبير خوري يرفض سداد المبالغ المستحقة عليه، والتي صدرت بشأنها أربعة أوامر تحصيل منذ 2008 حتى نهاية 2014. هذه المبالغ ناتجة من كمية الطاقة التي اشتراها الامتياز من مؤسسة كهرباء لبنان بسعر يتراوح بين 75 ليرة و95 ليرة لكل كيلو واط وبيعه بسعر 127 ليرة. امتياز عاليه، كغيره من الامتيازات، هو إحدى عمليات الخصخصة بصورتها القديمة. وهو تأسّس في 10 كانون الأول 1924 على يد المفوض السامي الذي منح حبيب أفندي عبد النور امتياز إنشاء واستثمار توزيع القوّة الكهربائية في عاليه. يومها كانت مدّة الامتياز 40 سنة، لكنها مدّدت لنحو 20 سنة إضافية انتهت في 15 كانون الأول 1999. وقبل أن تستردّه الدولة في عام 2000، انتقلت ملكية شركة الامتياز إلى أشخاص من عائلة خوري، الذين حوّلوها أخيراً من شركة تضامن إلى شركة مساهمة من دون موافقة سلطة الوصاية. وفي عام 2004، أعيد الامتياز إلى الشركة المذكورة لمدّة 10 سنوات. وفي منتصف كانون الأول 2013 انتهت مدّة الامتياز الجديدة واستردته المديرية العامة للاستثمار في وزارة الطاقة، رغم كل العقبات التي وضعها مالك الامتياز السابق أمام عملية الاسترداد.

المستندات التي قدّمتها الشركة عن حساباتها غير مكتملة
يومها، رفض مالك الامتياز تسليم الأصول لوزارة الطاقة، ما استدعى اللجوء إلى الطرق القانونية لإلزامه بالتسليم، وخصوصاً أن المراسلات الرسمية بين الطرفين انطلقت قبل 21 شهراً من نهاية المدّة، وانتهت برفض الشركة تسليم الأصول بذريعة أن الدولة "ليس لديها الأموال اللازمة للاسترداد". والغريب في ذلك أن الشركة لم تقدّم حساباتها وفق الأصول المنصوص عليها منذ أكثر من 10 سنوات، ولجأت إلى منع دخول موظفي وزارة الطاقة إلى مقرّ الامتياز، بحجّة أنه ملك الشركة وليس ضمن الأملاك التي ستستردّها الدولة مع أصول الامتياز، ما اضطر الإدارة الى إحالة هذه القضية على المدعي العام المالي علي ابراهيم، الذي طلب من السلطات الأمنية مواكبة دخول الموظفين إلى الشركة. ما تبيّن لاحقاً كان مذهلاً، إذ إن ملكية المبنى تعود إلى المالك السابق للامتياز وأنه يؤجّر المبنى لشركة الامتياز مقابل بدل مالي باهظ قياساً على مبنى من 3 طبقات. كذلك تبيّن أن خوري يطالب باسترداد عقار أنشأ عليه الامتياز محطة كهرباء! فهل كانت مؤسسة كهرباء لبنان والمدير العام السابق للاستثمار والصيانة في وزارة الطاقة على علم بأن العقار مملوك من خوري، أم أن الأخير أوهمهم بالعكس، أم هناك قصّة أخرى وراء هذا العقار؟ تبيّن أيضاً أن المبالغ المترتبة على الامتياز لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان تبلغ 25 مليار ليرة، وهي ناتجة من عمليات شراء الطاقة من المؤسسة وبيعها للمستهلكين. وتشير الدراسات التي أعدّتها الإدارة إلى أن عملية الاسترداد توفّر على الخزينة مبلغ 52 ليرة في كل كيلو واط ساعة مبيع لمناطق الجبل، وهو المبلغ الذي كان يذهب إلى الشركة الخاصة التي كانت تدير الامتياز منذ 82 سنة. في السنوات التي تلت انتهاء الحرب الأهلية، كانت شركات الامتياز تشتري الكهرباء من مؤسسة كهرباء لبنان بسعر وسطي يبلغ 75 ليرة لكل كيلو واط ساعة (كما هي الحال بحسب آخر تعرفة رسمية)، ثم تبيعه للمشتركين بسعر وسطي يبلغ 127 ليرة لكل كليو واط ساعة. وعندما حاولت الدولة أن تصحّح جزءاً من هذا الخلل من خلال إصدار قرار يقضي بزيادة قيمة الطاقة المفوترة على الامتيازات من 75 ليرة لكل كيلو واط ساعة إلى 95 ليرة، تمكّنت شركات الامتياز ذات الرعاية السياسية من انتزاع قرار من مجلس شورى الدولة يقضي بوقف القرار. خوري لم يرفض تسديد المبالغ المترتبة عليه فحسب، بل قدّم شكوى أمام مجلس شورى الدولة مطالباً بتعويض مالي قيمته 17 مليار ليرة، مدعياً أن الإدارة ألزمته بأعمال أدّت إلى خسارته وانعدام توازنه المالي. وتندرج مطالبة خوري بالتعويض في إطار نظرية «التوازن المالي» التي اتبعتها شركات امتياز الكهرباء في لبنان لتحصيل أموال إضافية من الخزينة، استناداً إلى بند في قانون الموجبات والعقود يتيح للملتزم الحصول على تعويض مالي في حال ألزمته الإدارة بالقيام بأعمال تفوق طاقته. شركة امتياز كهرباء عاليه، كانت تدّعي، مثلها مثل غيرها من الشركات التي تحمل امتيازات نقل وتوزيع الكهرباء والفوترة والجباية، أنها تتكبّد خسائر مادية بين كلفة تشغيل «الامتياز» وإيراداتها من بيع الكهرباء، وهو ما يوجب تعويضها. وبسبب سطوة شركات الامتيازات والحظوة السياسية التي نالتها على مدى السنوات الماضية، كانت وزارة الطاقة تتماهى مع نظرية انعدام «التوازن المالي»، رغم أن الامتيازات لم تقدّم حساباتها وفق الأصول منذ سنوات عديدة. لا بل راكمت شركات الامتياز هذه المطالبات بالتزامن مع امتناعها عن تقديم حسابات، ما جعل الاطلاع على أوضاعها وعلى التزاماتها مع مؤسسة كهرباء لبنان وعلى نتائجها المالية أمراً شبه مستحيل ... رغم ذلك، حصلت الامتيازات على تعويضات مالية! وفي وقت سابق، حاولت شركة امتياز عاليه الالتفاف على هذه الوقائع وطلبت من إحدى الجهات الرقابية أن تعيّن خبير حسابات بهدف إثبات تقديمها الحسابات وفق الأصول القانونية، إلا أن النتيجة التي وصل إليها الخبير رغم مراعاته الواسعة للشركة، أن المستندات التي قدّمتها الشركة عن حساباتها غير مكتملة، ما يعني أنها لا تظهر حقيقة النتائج المالية للامتياز. وبالتالي، فإن أي أوراق ومستندات مقدّمة وهي غير مكتملة، لا يمكن أن تعدّ حسابات مالية وفق الأصول. لم تنته قصّة امتياز عاليه، رغم مرور نحو سنتين على استرداده. اللجنة المكلّفة لتسيير شؤون امتياز عاليه تستمرّ بعملها وهي تؤدّي الأعمال التي كان يؤديها الامتياز سابقاً بكلفة أدنى، علماً بأن هذا الأمر لا ينفي ضرورة وجود رقابة قويّة عليها لردعها من أي عمليات غير مشروعة كالتي اكتشفت خلال الأشهر الماضية في أوراق الامتياز عن السنوات الماضية.

  • مُنع موظفو وزارة الطاقة من الدخول إلى مقرّ الامتياز بحجّة أنه ملك الشركة

    مُنع موظفو وزارة الطاقة من الدخول إلى مقرّ الامتياز بحجّة أنه ملك الشركة (مروان بوحيدر)

0 تعليق

التعليقات