ندى الحاجأبي
لم يمرّ عامٌ على غيابك. لم تمرّ لحظات على انطفائك. لم تُصبح في المقلب الآخر. لم تفلت... ولن...
لم تهرم. لم تنعزل. لم تتجعّد... ولن...
سِيّان إن كنتَ في بيتك الصغير أو في سماء فضفاضة، في سريرك أو في مقهى، وراء مكتبك أو في ظلّ شجرة، لا يهم. ما دمتَ توشوش أحلامي وأغطّيك في البرْد، وأردّ عنك الخوف وأطمئنك في المنام واليقظة.

ألهذا ولدتُ أبي؟ قل لي أنتَ العارف بكل شيء، على الأقل في نظري...
لا أريد أن ترتجف عظامك ولا روحك ولا يبرد قلبك!
ولدتُ لأكون ابنتك من قبل ان أولد. لأكونَ التي أردتَها أن تبقى هي، هي كما ولِدَتْ.
........
تُسامركَ الملائكةُ شِعراً وأسرابَ عصافير
شجرُ البرْد لن يحويك وغاباتُ الضوء تُظلِّلك
ها أنتَ تُشعل الترابَ وتُوهِّجُ الذّهب
تقولُ للأحياء والراقدين «لم أمُت لأني قمتُ وقمتُ لأني حيّ!
سأمضي حيث الريح والوليمة
نافِضاً غبار الكلمات عن جبيني
أمضي حيث الآب في انتظاري
أنا ابن الإنسان المكلَّلة هامته بالورد المعطَّر بالحرية المضمَّخ بالحُب
للحُبِ أتيت
وأمضي...»
مِن أنسٍ الى جنٍّ الى ظلالٍ فهواء
آثرتَ الطيران نحو الغيوم
امتشقتَ الغيبَ وآلفتَه
غلبتَ اليتمَ وكسرتَه
أعدتَ تركيبَ الكون على مزاجك
وضحكتَ ساخراً مما فعلت
فهدَّمتَ كلَّ شيء ونقضْتَه
ولم تربح غير وفاء العصافير.
سوف يكون ما سوف تريده
عالم من دون خوف ولا أقفاص
من دون دم ولا معجزات
بلا ليل ولا نهار
فارغ إلا من غيوم ...
بئرُ السامرية امتلأ
سفينةُ نوح رستْ
أليعازر استفاق
المجدلية رأت
العذراء مريم رُفعَتْ
الجحيمُ انتفضْ
الحروفُ أُضيئتْ
الكرومُ عبقتْ
وأبي ينام في قلب الله
سريره من نسيج أمٍّ انتظرتْهُ طويلاً...