نصر اللّه يعرض اليوم تفاصيل صفقة التبادل والاحتفالات مفتوحة بعيداً عن الانقسام السياسي
استمرّ الجمود السياسي مسيطراً على الملف الحكومي، وتراجعت امس حظوظ الحلحلة السريعة وسط رهان على دور خاص يقوم به رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال الساعات المقبلة لإيجاد المخرج المناسب، بدا لأكثر من مصدر متابع أن هناك مشكلة جدية في إيجاد المخرج من جانبه الشكلي أي بما يخص إعادة الاتصال بين العماد ميشال عون والرئيس فؤاد السنيورة. وعلم أن سليمان أبدى استعداده للطلب من الرئيس المكلف التوجه الى الرابية والتباحث مع عون من جديد، لكنه طلب المساعدة في ترتيب قاعدة لهذا الحوار بعد الرفض المتبادل للعروض بين الرابية والسرايا الكبيرة، علماً بأن الملف كان محل بحث بين رئيس الجمهورية والنائب سعد الحريري الذي وصل فجأة الى القصر الجمهوري يرافقه النائب السابق غطاس الخوري.
وبعد اللقاء أوضح النائب الحريري أنه جرى البحث في الشأنين الحكومي والأمني، مشدداً على أن يكون الجيش هو المسؤول عن الأمن «لأنه ليس للبنانيين في النهاية سوى الدولة بغض النظر عن الخلافات».
وأكد ضرورة استئناف الاتصالات مع كل الأفرقاء للانتهاء من مسألة تأليف الحكومة التي «طال أمدها» معلناً أنه سيكون له اتصالات كما للرئيس سليمان والرئيس السنيورة مع أركان المعارضة بمن فيهم العماد عون.
وعزا العراقيل إلى بعض الحقائب لافتاً إلى أن سببها «هو عدم التواصل بين الأفرقاء وهذا يضر بالبلاد». ونفى وجود خلافات في الأكثرية حول الحكومة وقال: «ما يهمّنا كقوى 14 آذار أن ينطلق عهد الرئيس سليمان بأسرع وقت ممكن، واتفاق الدوحة حدّد الحصص بوضوح، وعلينا جميعاً أن نجهد لتأليف الحكومة».
وأكد أن موضوع تحرير الأسرى «يسرّ كل اللبنانيين» معتبراً أن «عدوان تموز 2006 طبيعي من عدو للعرب».
وعلمت الأخبار أن اللقاء تخلله عشاء إلى مائدة سليمان، وجرى خلاله اتصال بالرئيس السنيورة، أفضى إلى اتفاق على أن يبادر الرئيس المكلّف إلى الاتصال بالعماد عون واستئناف بحث الاقتراح الذي قُدم إليه أخيراً.
وأشارت المصادر إلى أنه قد تكون هناك أفكار أو صيغ حكومية بديلة، وقد أمل سليمان والسنيورة والحريري التوصل إلى اتفاق في وقت قريب.
وبدا لافتاً بعد ظهر أمس استقبال الرئيس سليمان ثلاث شخصيات يجمع بينها الموقف القانوني هي الرئيس حسين الحسيني والنائب السابق حسن الرفاعي ورئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم.
وقالت أوساط رسمية إن سليمان استمزج الشخصيات الثلاث في ما يمكن الإقدام عليه لإخراج الوضع الحكومي من مأزقه، وخصوصاً بالنسبة الى ما قد يفصح عنه الحسيني والرفاعي عن المخارج الدستورية المحتملة والمناسبة وعن تفسير اتفاق الطائف للمأزق الراهن.
وأوضحت المصادر نفسها أن لرئيس الجمهورية جملة أفكار مبعثرة يحاول من خلالها إيجاد آلية حل عبر بدائل يشترك الجميع في تحمّل مسؤوليتها، لأن من غير الممكن استمرار الوضع على حاله من الجمود الذي يعطل عمل المؤسسات الدستورية وآلية الحكم، وقد انقضى على المأزق الحكومي أكثر من شهر. ويلاحظ الرئيس أن لا اختراق في الأزمة بسبب استمرار الشروط المتبادلة من غير إقدام أي من الطرفين على تسهيل توفير المخارج المناسبة وخصوصاً أن الدستور لا يلحظ هو الآخر حلاً، سواء لاستمرار التكليف بدون جدوى، أو لتجاوز العراقيل التي يواجه بها تأليف حكومة الوحدة الوطنية.
ولا يزال رئيس الجمهورية، كما تقول المصادر الرسمية، يأمل التوصل الى تأليف الحكومة الجديدة قبل سفره الى باريس للمشاركة في قمة الاتحاد من أجل المتوسط في 13 تموز، وهو سيكون عندئذ بين أحد خيارين: المشاركة في القمة المتوسطية الأمر الذي يربكه في لقاءاته مع نظرائه الأوروبيين والعرب بسبب الأزمة الحكومية اللبنانية وتساؤلاتهم حيالها، أو العدول عن هذه المشاركة للسبب نفسه.
من جهته وفي لقاء خاص مع صحافيين، تحدث عون عن الجهود المبذولة لتذليل العقبات التي تعترض تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وقال إنه لم يصله أي طرح جديد في الساعات المنصرمة، وإنه يكتفي بقراءة ما ينشر من أفكار واقتراحات في الجرائد شأنه شأن اللبنانيين الآخرين. ولفت الى أنه لا يريد عرقلة تأليف الحكومة بل المساهمة في إنجاح تأليفها، ولكنه يصر على الاضطلاع بهذا الدور من ضمن الحصة الوزارية المعطاة له وما نصّ عليه اتفاق الدوحة.
ورداً على سؤال عن قول رئيس الجمهورية بمهلة لتأليف الحكومة، قال عون إنه ينبغي عدم ظلم الرئيس الذي يقوم بواجبه ويريد حل الأزمة الحكومية، إلا أن اتفاق الطائف ـــــ أضاف عون ـــــ لا يساعد على حل المشكلة القائمة دستورياً، وليس في وسع رئيس الجمهورية فرض حل إذا لم يتعاون معه الرئيس المكلف على تجاوز المأزق. وعقب: هل ترون كم هو صعب أن يكون المرء رئيساً للجمهورية في ظل هذا الواقع؟
وأبرز عون أهمية اللقاء المسيحي الذي سيُعلن الجمعة، في حمأة التطورات والتقلبات في المنطقة، وأكد ضرورة وضع استراتيجية مسيحية حيالها، معتبراً أن المسيحيين في لبنان لا يزالون قوة فاعلة، إلا أن ضربها ينعكس على مسيحيي الشرق. وستكون لعون كلمة في هذه المناسبة يضمّنها مجموعة مواقف من الوضع العام في لبنان والأزمة الحكومية وواقع المسيحيين في الدولة وخارجها.
نصر الله وملف الأسرى
الى ذلك يعقد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عند الخامسة من بعد ظهر اليوم، مؤتمراً صحافياً يخصّصه فقط لملف تبادل الأسرى مع العدو. وهو سيدلي بمعلومات عن موقف الحزب وتفاصيل الصفقة والمفاوضات التي جرت بوساطة دولية وتولاها مسؤول أمني ألماني، ثم يفتح باب الأسئلة والأجوبة مع الصحافيين. وحسب مصادر إعلامية في الحزب فإن المؤتمر لن يتطرق الى المواضيع الداخلية، ولم يتقرر بعد ما إذا كان نصر الله سيعلن برنامج الاحتفالات المقررة في المناسبة، مع الترحيب بمواقف القوى والشخصيات التي أشادت ودعمت الصفقة بمعزل عن الخلافات الداخلية.
وكانت الاتصالات الخاصة بالمرحلة التنفيذية من الصفقة قد قطعت شوطاً كبيراً من الجانب اللبناني، حيث يتركز الاهتمام، الى جانب طريقة طلة الأسرى المحررين الخمسة، على مسيرة نحو مئتي شهيد ينتمون الى عدد كبير من القوى والأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية، وعدد كبير منهم من اللبنانيين، وهم من قرى وبلدات من كل مناطق لبنان. وستقوم ورشة كبيرة لفرزهم وخصوصاً أن هناك معلومات عن احتمال أن تكون إسرائيل قد دفنت مجموعات منهم في مكان واحد. كذلك سوف تجرى فحوصات الحمض النووي لعدد منهم للتثبّت من هوياتهم.
وفي عبيه، مسقط رأس الأسير سمير القنطار، كما في عيتا الشعب وبلدات أخرى، تجرى الاستعدادات لإقامة الاحتفالات بتحرير الأسرى، وكذلك لتشييع الشهداء. ولم يقدم حزب الله معلومات مفصلة عن احتفاله المركزي في المناسبة.