السنيورة يتبلّغ اليوم موقف عون النهائي من عرضه ونقاش داخل «التيّار» للصيغة المناسبة
ظل الاهتمام السياسي العام محصوراً بين متابعة عملية تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل، والمساعي المتواصلة لمعالجة الملف الحكومي، رغم أن المؤتمر الصحافي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله فتح كوة كبيرة في جدار الأزمة السياسية بإعلانه انفتاحه والحزب على كل اتصال سياسي من دون استثناء وتحت أي عنوان. لكن المناخ الخاص بملف الحكومة، وإن شهد بعض التبدل باستئناف الاتصالات المباشرة بين الرئيس المكلف فؤاد السنيورة والعماد ميشال عون، فإن أجواءً سلبية سادت ليل امس تشير الى رفض عون الاقتراح المعدل الذي قدمه السنيورة، فيما قال مصدر رسمي في التيار إن الموقف النهائي سيعلن اليوم رافضاً التعليق على الأنباء التي تحدثت عن جواب سلبي.
إلا أن مصادر متابعة قالت إن مناقشات عدة جرت أمس داخل قيادة التيار الوطني الحر بشأن عرض السنيورة الذي يقضي بأن تحصل كتلة التغيير والإصلاح على وزير يتولى منصب نائب رئيس الحكومة من دون حقيبة، ويتولى أربعة وزراء حقائب: الأشغال العامة، الطاقة، الاقتصاد والزراعة. وبرزت وجهة نظر تدعو للعودة الى الاقتراح السابق الذي يمنح الكتلة وزارة الاتصالات والشؤون الاجتماعية وعدم تحمّل مسؤولية وزارة الطاقة فيما طالب آخرون بالسير بالعرض لأنه يوفر حقيبة خدمات أساسية هي الأشغال ولأنه يخشى في حال الرفض تحميل التيار مسؤولية تعطيل المساعي لتأليف الحكومة.

نصر الله

في ما خص عملية تبادل الأسرى، عرض نصر الله تفاصيل من المفاوضات التي جرت مع مبعوث الأمم المتحدة المسؤول الأمني الألماني غيرهارد كونراد، وهو أكد أن حزب الله يهدي هذا الإنجاز الى جميع اللبنانيين والعرب، متوقعاً تنفيذ عملية التبادل خلال أسبوعين ومعلناً إقامة احتفالات سيكون له فيها خطاب يضمّنه الكثير من الأمور. وشرح تفاصيل تتعلق بنقاط الاتفاق وبطريقة السير به نحو إقراره. ودعا الى استغلال هذه المناسبة لتوحيد الموقف اللبناني، وقال إن الحزب لا يمانع أن تقوم الحكومة أو الدولة بأي خطوة دبلوماسية تحقق أهداف المقاومة، معلناً في الوقت نفسه أن الحزب لا يمانع فتح النقاش حول الاستراتيجية الدفاعية في أي وقت. وأكد أيضاً أن الحزب لا يعارض أن تخلي إسرائيل مزارع شبعا وتتركها تحت سيادة دولية، وقال إن الحزب سيرحب بخطوة من هذا النوع وإن كان سيعدّه تحريراً منقوصاً ما لم تعد الى السيادة اللبنانية الكاملة.
ومع أن نصر الله كان يريد تجنّب الحديث عن الموضوع الداخلي، إلا أنه أشار في معرض الترحيب بإنجاز التبادل الى أهمية التواصل بين الجميع لتهدئة الاجواء. وقال رداً على أسئلة وجّهت إليه إنه مستعد برغم ظروفه الأمنية لأي لقاء سياسي، فاتحاً الباب أمام مرحلة جديدة داخلياً.
وعلم أن قيادة حزب الله كانت قد ناقشت الأوضاع الداخلية من زوايا مختلفة، ووجدت أن من الضروري نقل البلاد من مناخات التوتر والفتنة الى مناخات الهدوء والمصالحة، وأن تكون الحكومة الجديدة مدخلاً لإعادة توحيد الموقف الداخلي واحتواء التوترات الاهلية والامنية، وقررت قيادة الحزب أن يعلن نصر الله الموقف لجهة الانفتاح على كل القوى السياسية بدون استثناء، وهو ما أعلنه نصر الله امس، علماً بأن الجميع يشعر بأن كلامه بمثابة دعوة مباشرة وخاصة الى النائب سعد الحريري الذي كان قد دعا ليل أول من أمس، بعد زيارته القصر الجمهوري، تأييده التواصل المباشر بين جميع القوى وحديثه عن ضرورة التخلي عن تصنيف القوى بين معارضة وموالاة. وعلم أن سليمان شجّع الحريري على التواصل المباشر بين الجميع ولا سيما مع السيد نصر الله وأنه لاقى ترحيباً بالفكرة وإن تمنى الحريري أن تؤلف الحكومة أولاً.

المساعي الحكومية

مواقف نصر الله التي أطلقها بعد ظهر امس، جاءت بعد سلسلة من الاتصالات التي قادها رئيس الجمهورية ميشال سليمان باتجاه كسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها الاتصالات بشأن تأليف الحكومة.. فيما كان رئيس الجمهورية يبحث مع وفد قيادي من حزب الله الملف من زاوية تنشيط الاتصالات والمساعدة على كسر القطيعة. وعقدت مساءً سلسلة من الاجتماعات التشاورية بين قيادات المعارضة وجرت اتصالات مع القصر الجمهوري ومع السرايا الكبيرة لجوجلة آخر المقترحات.
وعلم أن رئيس الجمهورية أبلغ زواره أنه يريد جهود الجميع من أجل إنجاز تأليف الحكومة خلال أسبوع من الآن على أبعد تقدير. وقال إن عدم تأليف الحكومة سيدفعه الى إلغاء زيارته الى باريس والمشاركة في قمة الاتحاد هناك. وتحدث سليمان أمام وفد حزب الله الذي ضم المعاون السياسي لنصر الله الحاج حسين الخليل ورئيس لجنة الارتباط وفيق صفا، عن المشاورات الجارية بشأن الحكومة. وقال لهما: منذ اليوم الاول لسماعي اقتراح النائب حسن فضل الله بإعطاء عون منصب نائب رئيس الحكومة مع حقيبة أساسية بادرت الى تلقف الفكرة وبادرت باتجاه الرئيس السنيورة وفريق 14 آذار وأقنعتهم بالسير بها، وحصل أن تمت الموافقة على التخلي عن إحدى حقيبتي الاتصالات أو العدل، لكن الاتصالات التي جرت لاحقاً أدّت الى ما هو معروف.
وتمنى سليمان على وفد حزب الله المساعدة في إنجاز الأمر. وفهم أن سليمان يطلب مساعدة مباشرة من الأمين العام لحزب الله، فيما تحدث الحاج الخليل عن أهمية الانتقال الى التواصل المباشر وعدم الاكتفاء بالوسطاء، وأن من المهم أن يبادر الرئيس المكلف الى التواصل مع جميع القوى المعنية بدخول الحكومة، ولا سيما مع العماد عون. وأكد تضامن المعارضة والحزب مع عون، ورغبة الحزب في إنجاز تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن.
وأشار سليمان الى أنه توافق مع الحريري ليل أول من أمس على ضرورة استئناف الاتصالات بين الرئيس المكلف والتيار الوطني الحر، وهو الأمر الذي وافق عليه الحريري وطلبه من السنيورة الذي بادر صباح امس الى إيفاد مستشاره محمد شطح الى الرابية قبل أن يوفد العماد ميشال عون مساعده جبران باسيل لسماع اقتراح جديد من السنيورة بشأن التركيبة الحكومية، وقد استمهل عون 24 ساعة للرد على الاقتراح، علماً بأن بعض المتصلين به سمعوا كلاماً إيجابياً، بينما كان مساعدوه يجرون سلسلة من الاتصالات مع عدد من قيادات المعارضة قبل إبلاغ السنيورة ردهم النهائي.
إلا أن هناك مشكلة ستنشأ في فريق 14 آذار إذا سارت الأمور وفق اقتراح السنيورة، ولا سيما أن الوزير محمد الصفدي مستاء من انتزاع وزارة الأشغال منه، فيما لا يزال البحث جارياً في احتمال أن تنال القوات اللبنانية وزيراً واحداً بدل اثنين إذا ما قرّر السنيورة إبقاء الوزير جهاد أزعور في منصبه، وبالتالي يبقى للقوات وزير أرثوذكسي هو عماد واكيم، المرشح لتولّي حقيبة خدماتية، على أن تذهب السياحة الى وزير ماروني يسمّيه حزب الكتائب، بينما يسمّي رئيس الجمهورية وزيراً مارونياً واحداً لحقيبة الداخلية. وإذا ما أعطي فريق قرنة شهوان حقيبة تذهب لماروني فعندها لن يبقى للقوات أي مقعد ماروني (واحد للرئيس وواحد للسنيورة وواحد للكتائب وواحد لقرنة شهوان واثنان لعون). وبالتالي فإن النقاش سيكون في فريق الموالاة ولا سيما أن المقاعد السنية لم تحسم بعد وخصوصاً احتمال تولي النائبة بهية الحريري حقيبة التربية، بينما تشير مصادر قريبة من النائب وليد جنبلاط الى أنه يميل الى إبقاء ممثليه أنفسهم في الحكومة (مروان حمادة، غازي العريضي ونعمة طعمة) على أن يذهب المقعد الدرزي الثالث للوزير طلال أرسلان.