وسط الجدل المتصاعد عن احتمال توجيه ضربة إسرائيلية لطهران، برزت أمس إشارات إيجابيّة في الملف النووي الإيراني، تمثّلت بانفتاح غير مسبوق أبداه وزير الخارجية منوشهر متكي على الطروحات الدولية لمعالجة هذا الملف، مشيراً للمرة الأولى إلى «تحسّن في الموقف الأميركي»، من دون أن يغفل التهديدات والاستعدادات الإيرانية لمواجهة أي عدوان.وشدّد متّكي، في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، على أنّ بلاده «منفتحة على الحوار»، وهي «تتعاطى بجدّية مع العرض الذي قدّمته مجموعة 5+1 بشأن رزمة الحوافز المعدّلة، وهي تدرسه وستردّ عليه قريباً ضمن فترة لن تتجاوز الأسبوعين». وأثنى على «التجاوب البناء جداً» للممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، تجاه العرض الإيراني لحلّ أزمتها النووية.
وكان لافتاً تحدّث متكي عن «وجود تحسن في موقف الولايات المتحدة» حيال التعاطي مع الملف النووي. وأشار إلى وجود احتمال إجراء محادثات مع واشنطن تسمح لها بفتح مكتب دبلوماسي في طهران (على غرار مكتب هافانا في كوبا)، وتسيير رحلات جوّية مباشرة بين البلدين.
وفي ردّ على سؤال عن التهديدات بضرب إيران، توقّع متكي ألا تخاطر كل من تل أبيب وواشنطن في مغامرة «جنونية» والتورّط في حرب شرق أوسطية واسعة تجرّ سعر النفط إلى مستوى قياسي. واستبعد أي ضربة أُحادية إسرائيلية لإيران، قائلاً: «لا نرى هذا الاحتمال في هذه اللحظة، الحكومة الإسرائيلية تعاني من أزمة سياسية مع نفسها ومع دول الجوار، لذلك نستبعد احتمال أن يلجأ هذا الكيان إلى جنون كهذا». وأضاف أن «الولايات المتحدة أيضاً، ليست في موقع يسمح لها بالتورّط، أو تحمّل مغامرة أخرى في المنطقة»، لافتاً إلى وجود أشخاص داخل الإدارة الأميركية مهتمين بشنّ حرب، لكنّه رجّح أن يمنع المفكّرون العقلانيون في واشنطن التورّط في مغامرة جديدة تزيد الضغوط على دافعي الضرائب الأميركيين.
ولم يستبعد متكي، الذي يزور نيويورك لحضور مؤتمر للأمم المتحدة، أن تلجأ بلاده إلى إغلاق مضيق هرمز أمام حركة الملاحة في حال مهاجمتها. وقال: «في إيران، علينا أن ندافع عن أمننا القومي، وعن بلادنا وثورتنا»، محذّراً من أنه في حال استهداف بلاده عسكرياً، «عندها على السياسيين أن يتنحوا جانباً ويتركوا زمام الأمور للعسكر».
من جهته، تراجع المستشار الدبلوماسي للمرشد الأعلى علي خامنئي، علي أكبر ولايتي، عن تصريحات أدلى بها أخيراً باحتمال قبول إيران بعرض مجموعة «5+1»، موضحاً: «كنت أعني القبول بمفاوضات، لا القبول بسلة العروض».
وعلى الجهة الأميركية ـــــ الإسرائيلية، ظهرت أيضاً بوادر تهدئة، حيث نقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن السفير الأميركي لدى إسرائيل، ريتشارد جونز، قوله إنّه لا يتوقع حدوث عمليات عسكرية في المستقبل القريب ضدّ منشآت إيران النووية، مشيراً إلى أنّ «استخدام القوة هو الخيار الأخير، وأنّ الولايات المتحدة وإسرائيل تتعاونان لحل هذا الموضوع».
في المقابل، دعا الحليف الروسي لإيران إلى مواصلة التفاوض في البرنامج النووي الإيراني والامتناع عن إثارة القيادة الإيرانية عبر مزيد من العقوبات. وقال الرئيس ديمتري ميدفيدف، في حديث صحافي، إن «الجهود التي تبذلها دول العالم لحل المشكلة النووية الإيرانية لم تؤدِّ إلى حلول مجدية بعد، لكن لا بد من مواصلة البحث عن الحلول». ورأى أنّه «لا يجوز، ما دمنا نجري المحادثات مع إيران، أن نقوم بخطوات تثير القيادة الإيرانية وتهدف إلى فرض عقوبات إضافية».
وفي تداعيات أي ضربة عسكرية محتملة للمنشآت النووية الإيرانية، حذّر الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط «الأوبك»، عبد الله البدري، من أنّه سيكون من الصعب تعويض 4.1 أو 4.2 ملايين برميل تنتجها إيران يومياً إذا تعرّض هذا البلد لهجوم. وأشار إلى أنّ «الأسعار سترتفع بالتأكيد».
(أ ب، يو بي آي، أ ف ب، رويترز)