بـرّي يرفـض فيتـو السنيـورة على قانصـو وعنـف طرابلـس يترافـق مـع «حشـود سلفيّـة»
أعطى رئيس الجمهورية ميشال سليمان الجهات السياسية كافة مهلة حتى ما بعد ظهر غد الجمعة، حتى إذا لم تعلن التشكيلة الحكومية، فسيفكر بإصدار موقف سياسي هدفه لفت انتباه الجمهور الى ما يجري وتحميل القوى السياسية كافة مسؤولية التدهور القائم الذي يترافق مع أزمة ناتجة من عدم قدرة الجهات الفاعلة في الدولة على ضبط الوضع الأمني في الشمال، ونقل زوار القصر الجمهوري أن الرئيس سليمان غاضب جداً مما يجري وهو يواصل اتصالاته ولقاءاته مع جميع المرجعيات، وبات يشعر بأن هناك من يتعمّد أن يترافق سفره الى باريس مع خلافات داخلية قوية.
في هذه الأثناء، استؤنفت المعارك في طرابلس، وترافقت مع شائعات عن انتقال عشرات المسلحين من مجموعات سلفية الى طرابلس من عكار وقرى المنطقة، الأمر الذي أثار الذعر حتى في صفوف الموالين من أبناء طرابلس، ما دفع بقيادات ونواب الى الاتصال بالنائب سعد الحريري وقيادة الجيش لاحتواء الموقف سريعاً.
في الملف الحكومي، أظهرت مداولات أمس أن مشكلة توزيع الحقائب والحصص الوزارية داخل فريق الأكثرية لم تحلّ تماماً. ولخص مصدر معني الصورة بالآتي:
ـ انتقال النائب وليد جنبلاط من مرحلة الصمت إزاء الخلافات الى إعلان رفضه مراضاة «القوات اللبنانية» ومسيحيّي الموالاة على حساب حصصه، وإصراره على حقيبة الأشغال العامة للوزير غازي العريضي وحقيبة المهجرين للوزير نعمة طعمة، واعتباره قبوله بوزارة دولة للنائب وائل أبو فاعور تنازلاً لمصلحة النائب السابق طلال أرسلان الذي يريد جنبلاط للمعارضة أن تعطيه حقيبة من الحصة الشيعية. وكان لمواقف جنبلاط في القصر الجمهوري أمس ارتدادات سلبية لدى «القوات» وقوى مسيحية أخرى، استدعت اتصالات للتهدئة ومنع قيام سجال معه.
ـ اعتبار «القوات» أن تسميتها إبراهيم نجار وزيراً للعدل وطوني كرم وزير دولة، تعدّ تنازلاً كبيراً يجب أن يترافق مع تنازلات مقابلة من جانب جنبلاط بالتخلي عن نعمة طعمة لمصلحة ميشال فرعون، علماً بأن «القوات» اقترحت بالتشاور مع آخرين من الطائفة الكاثوليكية تسمية غبريال وردة صاحب متاجر الأقمشة كحل وسط، الأمر الذي أثار حفيظة جنبلاط ورفضه، علماً بأن فرعون أقر بأن الحريري سيتنازل عنه معرباً عن استيائه ومبدياً خشيته من انعكاسات سلبية لهذه الخطوة على التحالف الانتخابي في دائرة بيروت الأولى العام المقبل.
ـ عدم اقتناع الوزير محمد الصفدي بمطالبة النائب سعد الحريري له بالتخلي عن حقيبة الأشغال لجنبلاط. وأبلغ الصفدي الحريري رفضه تولّي وزارة الاقتصاد مقدماً إليه عرضاً بديلاً رفض القريبون من الصفدي الحديث عنه، برغم أن مناخ الاعتراض تجاوز الصفدي طرابلسياً لينتقل الى صفوف تيار «المستقبل» الذي احتج على منح العدلية لـ«القوات» وأخذها من المرشّح سمير الجسر، كما احتجت هذه الأوساط على ترشيح الرئيس فؤاد السنيورة لمستشاره محمد شطح لمنصب المالية.
رفض النائب بطرس حرب وشخصيات أخرى من «قرنة شهوان» السياسة المتبعة وإبلاغهم المعنيين من الحريري وجنبلاط وآخرين بأنها ستؤدّي الى تقوية منطق العماد عون بين المسيحيين. كذلك تأكد أن اتصالات خارجية بعضها جاء من الولايات المتحدة الاميركية كانت وراء إطاحة ترشيح الدكتور غطاس الخوري لمصلحة بقاء الوزيرة نايلة معوّض.
ـ شروع «القوات اللبنانية» وجهات مسيحية أخرى في الموالاة بتوجيه انتقادات الى مرشح رئيس الجمهورية لوزارة الداخلية المحامي زياد بارود والحديث عن أن له أصله السياسي المتعاطف مع قوى في المعارضة.

... وقانصو
من جانبه حرص الرئيس فؤاد السنيورة امس على اعتبار مصدر المشكلة المعطلة لتأليف الحكومة هو إصرار المعارضة على توزير الرئيس السابق للحزب السوري القومي الاجتماعي علي قانصو، واعتباره هذا الترشيح استفزازاً للآخرين، ما دفع بمصادر الرئيس نبيه بري الى الحديث عن أن اتفاق الدوحة لا يعطي أحداً حق الفيتو على أي اسم أو مرشح، وتأكيد التمسك بالوزير قانصو، فيما بدا أن حزب الله غير مكترث باعتراض السنيورة، وهو يتصرف على أساس أنه تم إبلاغ الرئيس المكلف بأسماء المرشحين والحقائب «ونقطة على السطر»، علماً بأن السنيورة حاول الحصول على موقف داعم له من الرئيس سليمان الذي أكد عدم تدخله في الأمر، ثم عاد السنيورة ليتحدث عن أن اعتراضه ليس على الهوية السياسية لقانصو بل لكونه كان رئيساً للحزب القومي عندما جرت أحداث بيروت، ما دفع بقياديين في المعارضة الى تذكير رئيس الحكومة بأنه «يتصدّر لائحة الأسماء المستفزة لأكثر من نصف الشعب اللبناني وأنه مسؤول عن إيصال البلاد اقتصادياً وسياسياً وأمنياً الى ما وصلت إليه، ومع ذلك فإن المعارضة التزمت اتفاق الدوحة ولم تبادر الى الاعتراض على تسميته رئيساً للحكومة».
وحسب مصادر رسمية فإن بري نصح فريق الموالاة بقبول توزير قانصو لأن البديل سيكون بمواصفات يرون فيها اعتداءً لا استفزازاً. ورفض في المقابل مقايضة الثنائي الشيعي في ما خص اسم الوزير الشيعي الذي سوف تسمّيه الموالاة، علماً بأن الأوفر حظاً كان أمس إبراهيم محمد مهدي شمس الدين.

التفجير الأمني

في هذه الأثناء كانت الأنظار تتركز على ما يجري في طرابلس، حيث عنفت المواجهات بين منطقتي بعل محسن والتبانة ودارت اشتباكات عنيفة وأعمال قنص أودت بأربعة وأدّت الى جرح نحو ستين آخرين، فيما أعد الجيش خطة انتشار ترافقت مع أنباء عن وصل أكثر من 150 مقاتلاً ينتمون الى مجموعات سلفية الى المدينة، واتهمت مصادر في المدينة جهات عربية داعمة لفريق الموالاة بأنها تقف خلف هؤلاء وأنها تهدف الى «تحقيق إنجازات ميدانية من أجل استثمارها سياسياً في بيروت»، فيما كان مفتي الشمال الشيخ مالك الشعار وفعاليات المدينة يجرون اتصالات تتيح للجيش قمع المخلين بالأمن، وهو الأمر الذي بدا أنه يصطدم بمواقف رافضة لا تعود الى المرجعيات المحلية في المدينة.
ولفت انتباه الأوساط المتابعة خروج عدد من مناصري تيار «المستقبل» بعيد العاشرة من مساء أمس من منطقة الطريق الجديدة باتجاه شارع قصقص، وقطعوا الطريق بالحجارة والإطارات المشتعلة. وقال بعضهم إن تحركهم يأتي «احتجاجاً على تعرّض أحد أبناء المنطقة وهو من آل البساط للضرب في الأوزاعي صباحاً». وتدخلت قوة من الجيش ومنعت العابرين من الاقتراب من أمكنة التوتر، فيما تفاوض ضباط من استخبارات الجيش مع المحتجين وأقنعوهم بالانصراف وفتح الطريق، فعادت الأمور إلى طبيعتها بعد نحو ساعة.