سليمان يرعى حفل استقبال رسميّاً ووطنيّاً للأسرى المحرّرين ودوائر القصر تتولّى المراسم
يبدو أن مهلة رئيس الجمهورية ميشال سليمان لقوى الموالاة والمعارضة تنتهي عند الثالثة بعد ظهر اليوم. وإذا لم يزره قبل هذا الموعد الرئيس المكلّف فؤاد السنيورة حاملاً التشكيلة الحكوميّة تمهيداً لإعلانها، فسيصبح الوضع مختلفاً، إذ سيُشغل الرئيس سليمان بتحضيرات حفل زفاف ابنته مساء اليوم في بكركي، ثمّ يعود الى القصر ليسافر قبل الثامنة من صباح غد السبت إلى باريس. وهو بذلك يكون أمام مرحلة جديدة، يفترض أن تبدأ بدعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري المجلس النيابي الى جلسة خاصة استثنائية تناقش الوضع الحكومي، وربّما تُتلى خلالها رسالة يبعث بها سليمان الى النواب، قبل أن يخاطب اللبنانيّين.
وكان سليمان وبرّي قد حرصا خلال الساعات الـ36 الماضية على وضع الأفرقاء، ولا سيما فريق الموالاة، أمام مسؤوليّة أي عرقلة لتأليف الحكومة قبل سفر الرئيس الى باريس. وقال بري إن لديه العدّة القانونية التي تتيح علاجاً لمسألة المهلة المفتوحة لتأليف الحكومة. كذلك جرى نقاش قانوني ودستوري مع رئيس الجمهورية يتصل بإعفاء الرئيس فؤاد السنيورة أو إبلاغ فريق الموالاة بضرورة اختيار آخر لمهمة تأليف الحكومة. وقد تعامل النائب وليد جنبلاط مع هذا الأمر بجدية، وبدا ليل امس أن النائب سعد الدين الحريري يأخذ هذا الكلام على محمل الجد أيضاً، ما دفعه والرئيس المكلف الى إطلاق دورة اجتماعات مفتوحة مع قوى الموالاة المسيحية قبل التوصل الى تفاهمات أوّلية، قالت مصادر رسمية إنها تبدو غير نهائية، وإن الرئيسين سليمان وبري ينتظران التثبّت منها وحسمها صباح اليوم، علماً بأن التواصل بين فريقي المعارضة والموالاة ظلّ قائماً حتى منتصف الليل بواسطة النائب الحريري والنائب علي حسن خليل الذي سمع من الحريري عروضاً لتسمية مرشّح آخر غير الوزير علي قانصو، بعدما تردّد أن الحريري تعهّد لفريق 14 آذار كما لفريق المعارضة بأن يتولى هو إدارة الاتصالات الكفيلة بحل المشكلة الخاصة بتوزير قانصو.
وجاءت خطوة الحريري بعدما تبيّن أن «مناورة» السنيورة لم تمرّ، وخصوصاً بعدما ربط تحفّظه بموقف شخصي من قانصو دون تمثيله السياسي، فكانت ردة فعل قيادات في تيار «المستقبل» أنها «ضربة غير موفّقة»، إذ إن التبرير الذي قدّمه بأن الحزب القومي كان مسؤولاً عن حوادث بيروت الأخيرة، لم يهضمه أحد باعتبار أن «المستقبل» يتّهم بذلك حزب الله وحركة أمل أساساً، وهما في صلب الحكومة، كما أن حجته بأنه لا يتفاهم شخصياً مع قانصو وأنّ المشكلة ليست مع حزبه أثارت ثائرة قيادات «المستقبل» أكثر، فاضطر السنيورة الى مفاوضة الرئيس بري على تقديم اسم آخر غير قانصو، فرد بري باسمه واسم حزب الله «الاسم البديل هو علي قانصو ونقطة على السطر».
وفي ما خص الشق المسيحي، خلصت التفاهمات حسب مصادر متابعة، حتى منتصف الليل، الى الآتي:
ـ تخلّي النائب الحريري عن مرشحه غطاس خوري لمصلحة نايلة معوض، وقد أبلغ السنيورة وفد قرنة شهوان بهذا الأمر.
ـ تخلّي الحريري عن النائب ميشال فرعون لمصلحة بقاء الوزير نعمة طعمة في وزارة المهجرين، بعدما سقط اقتراح أن يسمّي الرئيس سليمان وزيراً أرمنياً مقابل تخليه عن الوزير الكاثوليكي لإفساح المجال أمام فرعون وطعمة.
ـ تخلّي الوزير محمد الصفدي عن حقيبة الأشغال دون حسم موقفه النهائي الذي سيعلنه خلال ساعات.
ـ حصول القوات اللبنانية على وزير بحقيبة وآخر وزير دولة، على أن يكون إبراهيم نجار ممثلاً لأكثر من جهة لا ممثلاً لـ«القوات» في وزارة العدل.
وكانت الاتصالات والمشاورات قد تلاحقت امس على خط قوى 14 آذار، فزار مستشار رئيس الحكومة السفير محمد شطح قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ثم التقى الرئيس أمين الجميّل الذي استقبل مساء أمس في الصيفي النائب سعد الحريري وأجرى اتصالاً هاتفياً برئيس الجمهورية. كذلك قصد شطح الحريري.
وفي حصيلة اتصالات النهار التي توّجت مساءً بلقاء السنيورة وفداً من لقاء قرنة شهوان طالب بتمثله في الحكومة الجديدة، في انتقاد ضمني الى سعي الحريري لتوزير معاونه النائب السابق غطاس خوري في المقعد الماروني الثالث، قال مصدر واسع الاطلاع في الموالاة لـ«الأخبار» إن هذه الجهود أفضت الى حل الإشكالات العالقة بين قوى هذا الفريق التي أقرت الصيغة النهائية لتقاسمها المقاعد الوزارية الثمانية بما يضمن وحدة 14 آذار وتماسكها.

استقبال الأسرى

على صعيد آخر، لم تطرأ أي تغييرات على البرنامج المقرر تنفيذه بين إسرائيل وحزب الله لإتمام صفقة تبادل الأسرى والمعتقلين وأجساد الشهداء الأسبوع المقبل، بما في ذلك تولي الأمم المتحدة ـــــ بوصفها الوسيط ـــــ الإشراف على عملية التبادل بين الطرفين على معبر الناقورة الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة.
وفي انتظار بعض الإجراءات الإضافية، استمرت المشاورات في لبنان حول تنظيم الاستقبال الرسمي للأسرى. وتلقى حزب الله اقتراحاً بأن يُنقل الأسير سمير القنطار ورفاقه الأربعة من نقطة الناقورة الى مطار رفيق الحريري الدولي بواسطة مروحية دولية، حيث يقام لهم استقبال رسمي في المطار تتولى مراسم رئاسة الجمهورية الإشراف عليه بالكامل. وقد وافق حزب الله على ترك أمر الاستقبال الرسمي لرئيس الجمهورية وفريقه، لكن النقاش استمرّ حول تحديد النقطة التي يُنقل الأسرى المحررون منها الى المطار: هل هي من الناقورة أم من صور أم من صيدا، وبالتالي لم يتخذ قرار بعد بشأن سلسلة الاحتفالات المفترض تنظيمها على طول الطريق قبل الوصول الى بيروت.
وبحسب ما هو واضح من الاتصالات، فإن تولي مراسم الرئاسة حفل الاستقبال، ترافق مع اتصالات لجعله احتفالاً وطنياً، بحيث يدعى الى حضوره حشد كبير من الشخصيات اللبنانية من فريقي المعارضة والموالاة على حد سواء، وتبدأ ترجمة الكلام الذي أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحافي الأخير بالانفتاح على جميع القوى السياسية في البلاد، علماً بأن نصر الله سوف يلقي خطاباً بالمناسبة في حفل كبير يقام للأسرى المحررين في الضاحية الجنوبية لبيروت.