اقتراح للسنيورة يزيد التعقيدات: 8 حقائب للمعارضة و12 للموالاة و2 للرئيس و8 وزراء دولة

للمرّة الأولى منذ انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً، أعرب قادة في فريقي الموالاة والمعارضة عن الخشية من استمرار العقبات التي تحول دون تأليف حكومة جديدة قريباً، مع أن الرئيس المكلّف فؤاد السنيورة حاول التخفيف من التشاؤم بإبلاغه الرئيس سليمان في لقاء بينهما ليل أمس أن العقبات قابلة للتذليل. وقد سبق هذا اللقاء أكثر من اتصال بين السنيورة وسليمان المنهمكين في اجتماعات أمنية.
وكان موقف تيار «المستقبل»، الذي صدر أول من أمس ملوِّحاً بوقف المشاورات ربطاً بحادثة الطريق الجديدة، قد زاد من مخاوف القيادات السياسية المتشائمة أصلاً، وخصوصاً أنّ «المستقبل» قاد حملة تحت عنوان حادثة تورّط فيها أحد عناصره الذي تبيّن أنه مطلوب بأربع مذكرات توقيف على الأقل، ومنع أنصاره الجيش أمس من نقله إلى المستشفى العسكري لإبقائه قيد التوقيف في المستشفى خشية أن يهرب مرة جديدة، علماً بأن حزب الله وحركة أمل أعلنا «توثيق الاعتداءات التي يقوم بها «المستقبل» في بيروت لإرسالها إلى اللجنة الوزارية العربية».
في هذه الأثناء، انتهت الاتصالات الأمنية والسياسية التي جرت خلال الساعات الـ24 الماضية إلى قرار من وزير الداخلية حسن السبع يقضي بوضع خطة أمنية تهدف إلى «وقف التحريض الإعلامي وعودة جميع المواطنين إلى المنازل والمؤسسات التي تركوها خلال الأحداث ونزع الصور والأعلام واللافتات في العاصمة وإعادة المكاتب الحزبية إلى أصحابها». وكان اللافت إشارة البيان «إلى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة».

مناورة السنيورة

واستبعدت مصادر رسمية تأليف الحكومة قبل منتصف الأسبوع المقبل، ما لم يطرأ أمر مفاجئ يستعجلها. وتحدثت عن شروط متبادلة لطرفي النزاع على الحقائب السيادية والخدماتية، وأن الرئيس سليمان اطّلع من الرئيس المكلف على نتائج اجتماعاته مع القوى السياسية كافة، بما فيها الموقف الأمني ـــــ السياسي لتيار «المستقبل» الذي «لن يكون عقبة في طريق الجهود المبذولة لتأليف الحكومة، وأن الاتصالات جارية على نحو متوازٍ بين التأليف ووضع حد للحوادث الأمنية كي لا يتفاعل الموضوعان سلباً ويضاعفا حدّة التعقيدات الداخلية، تبعاً للمصادر الرسمية».
وبينما تحدثت مصادر عدة في قوى 14 آذار عن خلافات قالت إنها طبيعية على توزيع الحقائب وعدد الوزراء في صفوفها، اتهمت قيادات من المعارضة السنيورة بأنه يقوم بمناورة من أجل تحويل الأنظار عما يجري داخل فريق الموالاة. وقالت المصادر إن السنيورة الذي كان قد اجتمع بالرئيس نبيه بري أول من أمس، وقبله استقبل موفداً من العماد عون هو جبران باسيل، طلب اجتماعاً عاجلاً مع قيادة حزب الله التي أوفدت النائب الدكتور حسين الحاج حسن.
وحسب مصادر المعارضة، فإن السنيورة تحدث عن مشكلة في عدد الحقائب ونسب التوزيع، وهو يعتمد قاعدة حسابية تنطلق من أن حصة المعارضة هي الثلث في الحكومة، وبالتالي فإنها يجب أن تحصل على ثلث المقاعد الوزارية وثلث الحقائب وثلث مقاعد وزراء الدولة. وبعدما أجرى ضرباً فقسمة، انتهى ليعرض على قوى المعارضة ثماني حقائب من أصل 22 حقيبة، و3 وزراء دولة من أصل ثمانية، كما قال، شارحاً أنه سيكون لرئيس الجمهورية ثلاثة مقاعد وزارية، بينها وزير دولة وحقيبتان، ويبقى للموالاة 16 وزيراً مع 12 حقيبة و4 وزراء دولة.
وعرض السنيورة على المعارضة الحقائب نفسها التي كانت معها في الحكومة السابقة مع بعض التعديلات، مشيراً إلى الخارجية والصحة والعمل والطاقة والزراعة مضافاً إليها الشؤون الاجتماعية والصناعة وحقيبة ثامنة، شرط أن يتخلّى العماد عون عن مطالبته بحقيبة سيادية لأن رئيس الجمهورية سوف يأخذ حقيبتي الدفاع والداخلية، وهو يصرّ على تولّي الوزير إلياس المرّ وزارة الدفاع، وهناك حقيبة المال التي يجب أن تذهب إلى السنّة.
وتبلّغ السنيورة من بري وعون وحزب الله أن المعارضة تريد 11 مقعداً وتسع حقائب وزارية، وأنها غير معنية بمشكلة 14 آذار لأنّ ما كان قائماً سابقاً لم يكن حقيقياً، بل كان تمثيلاً منفوخاً، وإن من حقّ عون الحصول على حقيبة سيادية سواء كانت واحدة من التي ذهبت لحصة رئيس الجمهورية أو حقيبة المال، وإن المعارضة لا تريد حقيبة الطاقة بأي شكل وهي تريد حقيبة الاتصالات، وإن الوزير طلال أرسلان الذي سيكون من ضمن حصة المعارضة يجب أن يأخذ حقيبة تحسب من ضمن حصة الدروز.
ومع أن السنيورة وجد في شروحات المعارضة رفضاً لعرضه، تمنّى المزيد من التشاور. لكن تبيّن أن مشكلة الحقيبة الخاصّة بأرسلان ناجمة عن أنّ جنبلاط الذي وافق على عرض حزب الله التخلّي عن مقعد شيعي مقابل مقعد درزي، قال لاحقاً «منّي الوزارة ومن غيري الحقيبة»، الأمر الذي فُسِّر على أنّه عرقلة إضافية، لأنه في حال وجود ثلاثة وزراء للدروز، فإنّ بينهم وزير دولة، وهو يكون من حصة من لديه العدد الأكبر من الوزراء.
في المقابل، كانت المعركة لا تزال مفتوحة داخل فريق 14 آذار، وينطلق النقاش من أن التسوية تجعل فريق الموالاة يخسر عدداً كبيراً من الحقائب، ثم إن هناك مشكلة كبيرة تثيرها الوزيرة نايلة معوض لدى جهات محلية وعربية وخارجية للتوسّط لديها لتوزيرها هي أو نجلها ميشال بذريعة أنها ستواجه تحديات قوية في زغرتا في الانتخابات المقبلة، في مقابل طرح توزير النائب بطرس حرب عن لقاء قرنة شهوان. أضف إلى ذلك أن قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع يريد أن يكون هو شخصياً ممثّلاً في الحكومة، رافضاً طلب النائب سعد الدين الحريري التخلي عن هذه الفكرة، كما أنه يطلب أكثر من حقيبة. وفي الوقت نفسه، تشتدّ المعركة أيضاً على تمثيل طرابلس.

ساركوزي

وبينما يتابع السنيورة الملفين الحكومي والأمني، انصرف رئيس الجمهورية مساء امس الى عقد اجتماعات مع فريق عمله للإعداد لزيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لبيروت غداً على رأس وفد حكومي ونيابي وحزبي واسع. وسيجري سليمان محادثات مع ساركوزي بعيد وصول الثاني في العاشرة والنصف صباحاً، ثم يقيم له مأدبة غداء تكريميّة في قصر بعبدا خفض عدد المدعوّين إليها من 170 شخصية الى 70، يتقدّمهم الرؤساء السابقون للجمهورية والمجلس والحكومة والوزراء وأركان الحوار الوطني، قبل أن ينتقل ساركوزي الى الجنوب لتفقّد الكتيبة الفرنسية العاملة في القوة الدولية هناك، ثم يعود الى بيروت ليغادر في الرابعة والنصف بعد الظهر.