إحباط مساعٍ لعرقلة بتّ قانون الانتخاب والسنيورة يرفض مفاوضات مباشرة مع إسرائيل
حاول الرئيس المكلّف فؤاد السنيورة أمس تقليل العقبات من طريق تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وقال بعد مقابلته رئيس الجمهورية ميشال سليمان، إنه مستمر في المشاورات للتوصل الى تأليفها، وهو سيعود الى مقابلة الرئيس الاثنين لإطلاعه على نتائج هذه المشاورات من غير أن يستبعد مفاجأة قد تحمله على إعلان تشكيلة الحكومة قبل الاثنين إذا نجحت جهوده. وأتت مواقف السنيورة وسط معلومات مصدرها السرايا عن مشاورات حثيثة يشترك فيها سليمان والسنيورة وأفرقاء في الموالاة والمعارضة لإخراج الحكومة في مهلة جديدة قالت أوساط السرايا إنّها ستبلور المخرج في الأيام الثلاثة المقبلة. وبحسب الأوساط نفسها، فإنّ ثمّة ثلاثة مخارج: أوّلها اتّفاق سليمان والسنيورة على وضع تشكيلة حكومية تأخذ في الاعتبار مواقف الموالاة والمعارضة، ويطرحانها على الفريقين بوصفها التشكيلة المناسبة، كما تأخذ في الاعتبار ما نصّ عليه اتفاق الدوحة ومطالب الفريقين. وثانيها استمرار المأزق الحكومي إلى أمد غير منظور إلى أن يأتي تطوّر سياسي يتيح الحلّ، على أن يكون هذا الفراغ تحت مظلة ضبط الوضع الأمني. وثالثها اتفاق رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على تحسين حصة الرئيس ميشال عون في الحكومة الجديدة لجهة نوعية الحقائب التي تعطى له، لا عددها، ولا تكون في عدادها حقيبة سيادية، على أن يتخلى عون عن تشبّثه بحقيبة الدفاع التي تؤول عندئذ إلى رئيس الجمهورية، وعلى رأسها الوزير الياس المر.
وبينما قلّلت أوساط قريبة من عون احتمال استجابته لطلب التخلي عن حقيبة سيادية انطلاقاً من أن إصراره عليها يستمده من قوته التمثيلية داخل الطائفة المسيحية على صورة ما حصل عليه من حقائب سيادية الزعماء السنة والشيعة، قال مصدر في 14 آذار إن عون يستمر في تعطيل تأليف الحكومة كما عطّل انتخاب رئيس الجمهوريّة، ولذلك فإن البلد قد دخل حالة ستاتيكو شبيهة بتلك التي كانت حاصلة قبل انتخاب سليمان، ما يعني أن الخروج منها يحتاج إلى تدخّل إقليمي ـــــ دولي كما حصل في الدوحة. وتوقّع عدم تأليف الحكومة خلال الشهر الحالي.
ومع أنه لا إشارات ملموسة الى قرب إعلان التشكيلة الحكومية في ظل إصرار رئيس الجمهورية وعون على حقيبة الدفاع، إلا أن لقاء رئيس الجمهورية برئيس المجلس نبيه بري ثم بالسنيورة أوحى ببعض الإشارات، وخصوصاً أن الرئيس المكلف أبلغ سليمان أن اللقاء الذي جمعه ظهراً برئيس المجلس وتناولهما الغداء معاً انطوى على ملامح إيجابيّة يمكن التعويل عليها لإزالة العقبات من طريق تأليف الحكومة، علماً بأنّ السنيورة يدعم وجهة نظر رئيس الجمهورية بحصوله على حقيبة الدفاع الوطني.
وللمرة الأولى منذ انتخاب سليمان رئيساً، زاره بري مستعيداً تقليد زياراته الأسبوعية لرئيس الجمهورية كل أربعاء، وهو دق في قصر بعبدا ناقوس الخطر محذّراً من استمرار التردي الأمني بعد أحداث البقاع الأوسط، ومن «الفتنة المتنقلة وما يحصل بين الطوائف والمذاهب، ومن الممكن لا سمح الله، أن يتطور أكثر فأكثر. فهل المطلوب أن ينتقل هذا التشظي الذي حصل في بعض البلدان المجاورة الى لبنان؟ لا يستطيع هذا البلد أن يتحمل هذا الأمر. هذه هي النقطة الأولى الأكثر أهمية».

السنيورة وأولمرت

وكان المكتب الاعلامي للسنيورة قد أصدر بياناً رد فيه على ما أثارته إسرائيل عن مزارع شبعا ورغبة رئيس حكومتها إيهود أولمرت في محادثات مباشرة مع لبنان، فأكد «أن لا مكان لمفاوضات ثنائية بين لبنان وإسرائيل، وأن الموقف اللبناني الثابت والذي كرّرناه الأسبوع الماضي هو الالتزام بمبادرة السلام العربية التي تدعو الى السلام العادل والشامل». وأضاف أنّ سعي لبنان لتحرير أرضه من الاحتلال الإسرائيلي، والعمل على انسحاب قوات الاحتلال من مزارع شبعا، هدف وطني سام لا تقف خلفه أهداف سياسية، ولبنان لم يتلق أية رسالة من أي طرف عبر زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى لبنان، لكن في الوقت ذاته، فإن الحكومة اللبنانية لم توفر يوماً أيّ جهد أو فرصة على مدى السنوات الثلاث الماضية، ومع جميع الدول الصديقة ومع الأمم المتحدة، إلا أثارت فيها مسألة الضغط على إسرائيل للانسحاب من مزارع شبعا، كما أنها بعد العدوان الإسرائيلي عام 2006 طرحت فكرة وضعها تحت إشراف قوات الأمم المتحدة كإحدى النقاط من أصل النقاط السبع التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية ووردت أيضاً في القرار الدولي الرقم 1701.

قانون الانتخاب

على صعيد آخر، باشرت أمس لجنة الإدارة والعدل اجتماعاتها برئاسة النائب روبير غانم لدرس قانون الانتخاب والإجراءات الإصلاحية التي سيتضمّنها. وبالتزامن مع عرقلة تأليف الحكومة، ظهرت مساعي عرقلة بتّ قانون الانتخاب، إذ حاول نواب من الأكثرية، وخاصة من تيار المستقبل، التنكّر للالتزامات التي أوردها اتفاق الدوحة. فكان أن حسم غانم الأمر وثبّت إجماع الدوحة في ظلّ مطالبة عدد من نواب الأكثرية بتكامل مشروع القانون مع الإصلاحات.
وكان النائب إبراهيم كنعان أول المتحدثين في مشروع قانون الانتخاب فشدّد على أهميته وطرح تخصيص جلسات نيابية بوتيرة تصاعدية. ثم انتقل الى الحديث عن ضرورة الفصل بين ما اتّفق عليه في الدوحة والإصلاحات المقدّمة. فقاطعه النائب نقولا فتوش، قائلاً إنّ على اللجنة مناقشة كل الاقتراحات المقدّمة. وقال فتّوش إنه غير ملزم باتفاق الدوحة لأنه لم يوقّعه. فردّ كنعان: «أنت غير ملزم لكن كل المجتمع السياسي ملزم بتطبيقه، وإلا كان الأمر بمثابة عملية التفاف سياسي كبيرة».
وطالب النائب سيرج طورسركيسيان بعدم استعجال بتّ قانون الانتخاب «في ظل وجود حكومة تصريف أعمال». وتساءل: «لماذا الخوف من التأخّر في بتّه. هناك قانون جاهز»، في إشارة منه الى قانون عام 2000. فردّ عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي حسن خليل، مؤكّداً على الإلزامية المعنوية والسياسية لاتفاق الدوحة، مشدداً على ضرورة رفع الاقتراح إلى الهيئة العامة، مضيفاً «يمكن من لديه أي اعتراض أن يعبّر عنه في الجلسة العامة عبر حق التصويت». وتوجّه خليل إلى طورسركيسيان: «ليس من مصلحتكم اعتبار قانون عام 2000 صالحاً للسير به، فهذا الأمر سيضرّ بكم».
بعد هذه النقاشات، أكّد النائب سمير الجسر التزام كل القوى اتفاق الدوحة، وطلب عدم تجزئة الاقتراح بين تقسيم الدوائر والطروحات الإصلاحية. ثم كانت مداخلة للنائب بهيج طبارة الذي أكد ضرورة الانطلاق من إجماع الدوحة «وهو اتفاق سياسي ووطني ومعنوي»، داعياً إلى بحث الإصلاحات على اعتبار «أننا اتّفقنا على التقسيمات». وختم غانم بأنّ مسألة التقسيمات مبتوتة، رافضاً كل الاقتراحات التي تقول عكس ذلك.