في ظل مراوحة تبقي المأزق الحكومي مجمّداً حتى إشعار آخر رغم استمرار الاتصالات البعيدة عن الإعلام بغية تأليف حكومة الوحدة الوطنية، رفع الرئيس ميشال عون وتيرة انتقاده للرئيس المكلّف فؤاد السنيورة الذي كان قد هاجم عون في حديث إلى صحيفة نمساوية، فرأى رئيس تكتل التغيير والإصلاح أن السنيورة لا يزال، كما وصفه في الاستشارات النيابية، «مشروع حرب». وقال عون إن السنيورة يؤكد يوماً بعد آخر أنه كذلك.وأضاف عون لـ«الأخبار» ليل أمس: «بأي وسيلة يريد السنيورة وأمثاله أن نخاطبهم. لقد خوّل نفسه توزيع الصفة التمثيلية على رئيس الجمهورية وعليّ. لا علاقة للرئيس ميشال سليمان بالأزمة الحكومية. إنّها أزمة الرئيس المكلّف الذي يفشل في تأليفها. وها هو اليوم يريد أن يضع رئيس الجمهورية في المواجهة معنا. المواجهة مع الرئيس المكلّف وليست مع رئيس الجمهورية».
وأوضح أنه سيردّ بالتفصيل على كلام السنيورة اليوم على أثر الاجتماع الأسبوعي للتكتل، وقال: «الرئيس السنيورة مشروع حرب ولا أجده أبداً مشروعاً إيجابياً للحوار والتفاهم. لم أرشّحه لرئاسة الحكومة وسمّيت سواه. وكنت على حق في ما فعلت. وهو اليوم يطلق ادّعاءات واستنتاجات، ويضع نفسه في ضمير الآخرين».
وطالب عون رئيس الجمهورية بـ«مبادرة استثنائية بالدعوة الى استشارات نيابية جديدة لتسمية رئيس مكلف جديد لأن السنيورة فشل. وفي وسع الرئيس الدعوة إليها بعدما تبيّن تعذر تأليف حكومة جديدة. السنيورة، كجماعته، لا يريد حكومة جديدة».
وقال عون إنه ينتظر أن يعيّن رئيس المجلس النيابي نبيه بري جلسة عامة للمجلس لإقرار تعديل التقسيمات الانتخابية في قانون الانتخاب بحسب ما ورد في اتفاق الدوحة. وإذ لم يستبعد تعطيل الغالبية الجلسة بتعطيل نصابها القانوني، قال: «إذا فعلوا ذلك فسيفضحهم الرأي العام وسنرى. لن ينفعهم البترودولار والمواجهة مفتوحة».
وذكّر بأنه كان أول من حذر من حوادث طرابلس التي اندلعت البارحة، ونبّه الى خطورة استمرار توزيع السلاح منذ دق ناقوس الخطر، وحض وزيري الدفاع الوطني والداخلية على التحرك، وقال: «يوزعون السلاح في الشارع. واليوم نقلوا المعركة من البقاع الى طرابلس. هذا الفريق، فريق السلطة، يرعى تفجير الأوضاع».
وكان السنيورة قد قال في حديث الى جريدة «Der Standard» النمساوية، إن رئيس الجمهوريّة وافق على أخذ وزارة الدفاع واقتراح اسم محايد لوزارة الداخلية لأن الوضع الأمني دقيق في لبنان، «وأنا وافقته الرأي، وبالتالي تبقى وزارتان. ذلك أن الوزارات موزعة على الطوائف الأربع الرئيسية، السنّة والشيعة والموارنة والروم الأرثوذكس. ذهبت الداخلية إلى وزير ماروني والدفاع إلى وزير أرثوذكسي (..) إن الجنرال (ميشال) عون يريد وزارة لتكتله وهو يعتبر أنه يمثل المسيحيين في لبنان بدلاً من الرئيس اللبناني أو غيره، ويظن أنه بما أنه لم يصبح رئيساً يجب أن يحصل على التعويض عن خسارته. وادّعت الأقلية أن الأغلبية تريد وزارة المال لكني أكدت عدم صحة ذلك وقلت لهم إنهم يمكنهم الحصول عليها».

سليمان

وأشارت بعض المصادر إلى أنّ الرئيس سليمان حدّد الخط العريض لهذه المرحلة، وهي أن يكون تأليف الحكومة خطوة أولى في اتجاه المصالحة بين القوى اللبنانية لا لتعميق الخلاف بينها، «تمهيداً لمؤتمر الحوار الوطني الذي يجب أن ينطلق بعد إعلان الحكومة». وأكد المصدر أنّ الاتصالات لم تنقطع مع أيّ طرف. وعن اتّهام سليمان بالتعطيل، يؤكد المصدر أنه لم تطرح على الرئيس أي صيغة اتّخذ منها موقفاً سلبياً، فـ«الأطراف لم تحسم خياراتها بعد في موضوع الحقائب السيادية والخدماتية، وموقف الرئيس سيبقى توافقياً مهما كانت الصيغة المتّفق عليها».

الوضع الأمني

أمّا شمالاً، فلم يُنفذ الاتفاق مع الجيش، واستمر الوجود المسلّح في الشوارع في مناطق الاشتباكات بعد وقوع 4 قتلى و28 جريحاً بين باب التبانة وبعل محسن. وعقد اجتماع ثانٍ عند مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، حضرته جميع الأطراف وكانت الأجواء إيجابية، واتفق على تسلّم الجيش مناطق الاشتباكات. وتلى هذا الاجتماع السياسي آخر أمني، حضره ممثلون عن المقاتلين من الطرفين. ورفض ممثلو أفواج طرابلس بند دخول الجيش وتسليم السلاح، على أن يوافقوا عليه بعد أن يُسلّم مسلّحو جبل محسن، ويدخل الجيش إلى الجبل ثم يدخل إلى باب التبانة.