السنيورة ليلاً: لا استقالة ولا تراجع عن القرارات بانتظار وصـول اللجنة العربيّةوذكرت مصادر فريق السلطة أن الأمور من جانبها لا تشير الى تسوية قريبة، واتهمت المعارضة وحزب الله على وجه الخصوص بأنه وضع خطة متكاملة تقضي بفرض سيطرته وحلفاءه على كل لبنان، لا على بيروت فقط. وقال مصدر غير مدني مطلع في فريق الأكثرية، إن ما يجري على الأرض يندرج ضمن خطة تقضي بإنهاك فريق 14 آذار في كل المناطق قبل العودة الى الحوار، وإن فكرة العصيان المدني وضعت من أجل كسب الوقت ريثما تنتهي الأعمال العسكرية. واتهم المصدر حزب الله بالسعي الى تصفية النائب وليد جنبلاط عسكريا وسياسياً، وأن ما بدأ في منطقة عاليه يرجح له أن يتمدد نحو الشوف ومناطق راشيا وحاصبيا والبقاع. وقال المصدر إن لدى فريق السلطة معلومات عن نية المعارضة التوجه نحو نشر التوتر في مناطق مسيحية في جبل لبنان والشمال أيضاً.
وإذا كانت النقاشات الخلافية داخل فريق السلطة و«العتب» المتنقّل قد دفعت برئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى استنفار كمية كبيرة من مجموعاته في بيروت وقضاءي بشري والكورة، فإنّ اتصالات وإجرءات بادرت إليها قيادة الجيش حدّت من التوتر الذي أطلّ برأسه في المناطق ذات الغالبية المسيحية. وفهم أن جعجع عاد وسحب عدداً من العناصر الذين قال إن انتشارهم يعود لإجراءات وقائية بعد تلقيه معلومات عن نية الحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار المردة شنّ حملة تطهير ضده في زغرتا وبشري والكورة.

الجبل

وكان نهار امس قد افتتح بانتقال التوتر الميداني الى قرى قضاء عاليه. وخلال ساعات قليلة، اندلعت مواجهات عنيفة على عدة محاور بدأت في المناطق الساحلية حيث معقل جنبلاط في الشويفات صعوداً باتجاه قرى تتبع للشحار الغربي وتقود الى بلدتي كيفون والقماطية، الى جانب القرى والطريق المؤدّية الى مدينة عاليه. واستنفر الحزب التقدّمي أكثر من أربعمئة مقاتل من عدة بلدات، بينهم العشرات الذين جيء بهم خلال اليومين الماضيين من قرى في الشوف، وتمركزوا في عدة نقاط مع أسلحة مختلفة، بينها المدفعية المتوسطة، إضافة إلى الرشاشات، ونصبوا عدداً من الكمائن، قبل أن تندلع المواجهات بصورة مفاجئة، حيث استخدمت مختلف أنواع الأسلحة وسط هجوم شنّته قوى المعارضة على محور قرى الشحار وغرب عاليه. فاتّصل جنبلاط بالرئيس نبيه بري وبالوزير السابق طلال أرسلان طالباً وقفاً فورياً لإطلاق النار مقابل انسحاب جميع مقاتليه وإخلاء مراكزهم ونقاطهم العسكرية.
وبعدما أدّت الاشتباكات الى سقوط نحو ثلاثين قتيلاً، معظمهم من المقاتلين، نجحت الاتصالات في نشر الجيش في هذه المنطقة بالتزامن مع انسحاب مقاتلي جنبلاط الى داخل القرى وتسليم بعضهم السلاح الى الجيش أو الى عناصر يتبعون لأرسلان.
لكنّ ذلك لم يمنع انتقال التوتّر الى مناطق الشوف حيث كان مقاتلون من تيّار التوحيد الذي يتبع للوزير السابق وئام وهاب يتقدّمون باتجاه بلدة بعقلين، فيما حصلت مواجهات ليلية على التلال المطلّة على المقلب الشرقي لجبل الباروك، وتردد أن مسؤولاً أمنياً كبيراً في الحزب التقدمي قتل هناك.
وفيما ذكر أن هذه المواجهات الليلية أثارت جنبلاط، قال وزير مقرب منه إن الزعيم الدرزي عمد الى استنفار الجبل كله، بما في ذلك مشايخ الطائفة الدرزية في مواجهة ما سمّاه «محاولة حزب اللّه اجتياح الشوف من الجنوب» في تومات نيحا ومرستي وجوارهما، واتّهم الحزب بأنه يفتّش عن حرب عامّة على رغم كل التسامح الذي أبداه جنبلاط، وعلى رغم «هزيمته في عاليه»، لكن الوزير نفسه عاد وقال في وقت لاحق إن جنبلاط تلقّى تطمينات من الرئيس بري بأنه ليس هناك مخطط لاجتياح قصر المختارة، ما دفع جنبلاط الى الهدوء، علماً بأن استنفار قواته استمرّ وتعزّز ليلاً.

مساعي برّي

في هذه الاثناء، كان رئيس المجلس النيابي يواصل مساعيه في غير اتجاه، ونقل عنه زواره أنّه تلقّى إشارات اولية الى أن النائب سعد الحريري مستعدّ للسير بالحوار الموسّع، ولكنه ينتظر مشاورات مع بعض العواصم العربية، وأن جنبلاط أبلغه أنه مستعد ولكنه لا يقدر على فرض رأيه على الآخرين، وخصوصاً أن مسيحيّي 14 آذار يرفضون تلبية دعوة بري الى الحوار.
وقال بري لـ«الأخبار» إنه ينتظر موقف السنيورة من طلب قيادة الجيش إلغاء القرارين، وإنه إذا تحقق الامر وتبلغ استجابة الجميع للدعوة الى الحوار، فسيباشر الترتيبات التي تقود الى حوار يظل مفتوحاً الى أن يتم الاتفاق. وعند بدء الحوار، ترفع المعارضة العصيان وتفتح الطرقات ويعاد العمل في المطار والمرفأ. وأكد أنه لم يغيّر في جدول الأعمال المنحصر في بندي الحكومة وقانون الانتخاب، وبمجرد التوافق عليهما يصار فوراً الى انتخاب رئيس الجمهورية التوافقي العماد ميشال سليمان.

الدخول الأميركي

وتضاربت المعلومات في شأن الكلام الذي نقلته الدبلوماسية الاميركية الى فريق الاكثرية، إذ هي أبلغت الرئيس بري أنها تدعم فريق الاكثرية في المضي بالحوار والتسوية، لكن قيادات مسيحية من 14 آذار تحدثت عن دعم كبير قدمته القائمة بالاعمال الى الرئيس السنيورة وحكومته، وهي التي أبلغتهم بأن المدمرة كول في طريقها الى لبنان دون المزيد من الشروح. لكنها أشارت الى مشاورات قائمة مع عواصم غربية لإصدار بيان عن مجلس الامن الدولي يدين «الحملة العسكرية لحزب الله في لبنان».
وكان مسؤول في هيئة قناة السويس قد قال إن المدمرة الاميركية «يو اس اس كول» عبرت قناة السويس الأحد عائدة الى البحر المتوسط الذي غادرته في آذار الماضي بعد فترة وجيزة على انتشارها هناك، وسط الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان. وأضاف ان «كول عبرت قناة السويس وتتجه الى المتوسط»، مضيفاً انه لا يعلم مقصدها بالتحديد.
وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت المدمرة التي تحمل صواريخ موجهة الى السواحل المقابلة للبنان في 28 شباط في خطوة عدّها مسؤولون أميركيون «إظهاراً لدعم الولايات المتحدة لاستقرار المنطقة»، وسط مخاوف من الأزمة السياسية اللبنانية.


مصوّران من «الجزيرة» يتعرّضان لإطلاق نار

نجا الزميلان أيمن المولى وماهر المر (مصوّران في قناة «الجزيرة») بأعجوبة بعد تعرّض سيارتهما لإطلاق نار كثيف من مسلّحين في منطقة الحمراء قرابة الساعة الثانية فجراً. ونقل المولى والمر إلى مستشفى الجامعة الأميركية، وتبيّن أنّ إصابتهما غير خطرة.