strong>عاليه أمام «اختبار أمني» وحزب اللّه ينفي تعديل مطالب المعارضة
في ظل تراجع حدّة التوتّر في مناطق جبل لبنان، واستقرار الوضع في بيروت، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الأخبار»، مساء أمس، إنه يتوقع التئام مجلس الوزراء في الساعات المقبلة لإلغاء قرارَيه اللذين أصدرهما في 5 أيّار. ولمّح بري إلى أن موقف قوى 14 آذار من الإلغاء والذهاب إلى طاولة الحوار الوطني هو غير ما تعلنه.
أما الرئيس فؤاد السنيورة، فقد حرص أمام زوّاره، أمس، على الإعلان أنه لن يقدّم استقالته إلا بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأن الحكومة سوف تجتمع لمناقشة طلب قيادة الجيش إلغاء القرارين، لكنه شدد على ضرورة الاستفادة من حضور اللجنة الوزارية العربية لتكريس بند سلاح المقاومة كأولوية في المرحلة المقبلة. وكان النائب وليد جنبلاط قد أبلغ الرئيس بري بأنه يؤيّد إلغاء القرارين فوراً، وهو ضد أي تأجيل، وقد أبلغ موقفه هذا إلى الجميع، وأن النائب سعد الحريري لا يبتعد عنه كثيراً، وإن كان للأخير ملاحظات بشأن الدعوة إلى استئناف الحوار.
وقال الرئيس بري إن البعض «يحاول إظهار الأمور الآن كأن المعارضة تريد استغلال ما حدث على الأرض سياسياً. هذا غير صحيح. لن نستغل تغيّر الأوضاع». وأضاف: «إن قراري الحكومة خطيئة حقيقية يجب أن تصحّح، ولولاهما لما حصل ما حصل، وتتحمّل الحكومة مسؤولية ذلك. ولو أقدمت قبل الآن على تصحيحهما لكانت وفّرت الكثير».
وأبدى بري اهتمامه بنبأ نقل إليه وهو إقفال السفارة السعودية أبوابها في بيروت بعد مغادرة السفير عبدالعزيز خوجة وعائلته لبنان، فقال: «إذا كانت السفارة قد أغلقت أبوابها، فهذا يعني أن المبادرة العربية في خبر كان».
أما حزب الله، فقد أطلّ إعلامياً للمرة الأولى منذ المؤتمر الصحافي لأمينه العام، فأعلن معاونه السياسي حسين الخليل، أمس، أن مطالب الحزب والمعارضة محصورة في تراجع الحكومة عن القرارين والذهاب إلى الحوار، في خطوة بدت تصحيحية للمناخ الذي ساد بعض أوساط المعارضة التي طالبت برفع سقف المطالب إلى مستوى إطاحة الحكومة وتأليف حكومة انتقالية. كذلك شرح الخليل التطورات الميدانية في بيروت وبقية المناطق، وأعلن ترحيبه بالوفد العربي.
من جانبه، قال وزير مقرّب جداً من الرئيس السنيورة لـ«الأخبار» إن المحادثات التي ستجريها اللجنة العربية يمكن أن تفضي إلى تسوية، وإن أي حوار سيحصل سيفضي إلى البنود الثلاثة التي تتكون منها المبادرة العربية، وهي انتخاب رئيس الجمهورية التوافقي وتأليف حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخابات على أساس القضاء. وقال إن فريق 14 آذار يريد الآن خروج الجميع من الشارع والعودة إلى طاولة الحوار.
وكشف هذا القطب عن أن الاتصالات الجارية بين الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط تنطلق في اتجاه «منع الفتنة في الجبل وبقية المناطق في ضوء التطورات التي شهدتها الأيام الماضية. ويبدو أن تقدّماً ملموساً حصل في هذا الاتجاه». كذلك في اتجاه «العودة إلى الحوار. وعندما ستصل اللجنة العربية سيكون البحث معها على هذا الأساس، لأن مشاركة قادة الموالاة والمعارضة في حوار يرعاه رئيس الوزراء القطري والأمين العام لجامعة الدول العربية من شأنها أن تحقق نتائج ملموسة». وكشف الوزير نفسه عن أن برنامج الوفد العربي يقضي بعقد لقاءات منفصلة بين قادة الفريقين في مرحلة أولى قبل جمعهما على طاولة واحدة.
وكان بري قد أرجأ أمس للمرة التاسعة عشرة الجلسة النيابية التي كانت مقررة اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية إلى العاشر من حزيران المقبل. وقال في بيان أصدره مساء أمس إنه «من البديهي أنه في حال التوصل إلى نتيجة إيجابية من خلال الحوار، فسيصار إلى تقديم موعد الجلسة فوراً».
وعلمت «الأخبار» من مصادر واسعة الاطلاع أن الاتصالات التمهيدية الجارية مع اللجنة العربية قبيل وصولها إلى بيروت تركّز على مشروع حل يقضي بتنفيذ المبادرة العربية وفق المندرجات التي أقرت بها، وعلى قاعدة عدم الأرجحية أو التعطيل لأي فريق، بحيث يتّفق عليها كسلة متكاملة لجهة انتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان وتأليف حكومة من ثلاثين وزيراً موزّعة على الشكل الآتي: 10 + 10 + 10، أو تكون حكومة مكوّنة من 18 وزيراً موزّعة على أساس 6 + 6 + 6، واتفاق على قانون انتخاب يعتمد القضاء يكون أساسه قانون 1960 معدّلاً، وتكون بيروت بموجبه مقسّمة إلى دوائر متوازنة من حيث توزّع نسب التمثيل والقوى الانتخابية على الجميع.

بلبلة أمنية

وكان نهار أمس قد شهد حالة من البلبلة والفوضى في ضوء إعلان النائب السابق طلال أرسلان عدم التزام مقاتلي الحزب التقدمي الاشتراكي بالاتفاق لناحية تسليم الأسلحة المتوسطة والثقيلة. وكشف أنه تولّى سلسلة من الاتصالات مع المعنيين، من مدنيين وعسكريين، لأجل التفاهم على حل سريع خشية استئناف الأعمال العسكرية، في ظل ارتفاع مستوى الاستنفار الميداني بين قوى المعارضة من جهة وقوات جنبلاط من جهة ثانية، وذلك بعدما سرت منذ الصباح شائعات عن استنفار كامل لقوات جنبلاط في قضاء الشوف وبعض قرى قضاء عاليه.
وعلم أن المواجهة التي جرت فجر أمس في مناطق الباروك والقرى المؤدية إلى الشوف مثّلت تحوّلاً بالنسبة إلى النائب جنبلاط الذي قال إنه لا يمكنه القبول بتسليم السلاح في الشوف، وهو أمر لم يفعله في أصعب الظروف، وهو غير قادر على فرض الأمر على جمهوره ومناصريه، وإنه يكفيه «هزيمة عاليه». ونقل عن زوّار جنبلاط أن مناصريه فقدوا نحو 45 قتيلاً في معارك عاليه، وأصيب أكثر من مئة، وأن معلوماته تشير إلى انتشار الآلاف من مقاتلي حزب الله الذين أرسلوا مع أسلحة خاصة وثقيلة لأجل الحسم، ولو أدى ذلك إلى سقوط الكثير من الضحايا، وهو موافق على التسليم في عاليه، شرط أن يتولى الجيش وحده هذه المهمة دون أي طرف آخر، لكنّه غير مستعد لأي تنازل في الشوف، وإن كان يقبل بأن يداهم الجيش أي مقر يراه في كل قرى وبلدات الشوف.
ولاحقاً أعلن أن الجيش اللبناني طلب بعض الوقت لترتيب أموره قبل أن يباشر في السادسة من صباح اليوم المرحلة الخاصة بجمع الأسلحة ودهم المخازن والمراكز العسكرية. ويفترض أن تظهر نتائج الأمر خلال ساعات النهار، لأنه في حال عدم حصول تأكيد، فإن أوساطاً في المعارضة تحدثت عن «موجة جديدة من القتال»، فيما كانت الشخصيات السياسية والمراجع الدينية تعمل على احتواء المشكلات التي قامت في الشمال والبقاع وصيدا.

الموقف الأميركي

وبينما كانت القائمة بالأعمال الأميركية في لبنان ميشال سيسون تجول على قيادات الموالاة وتسأل عما يمكن أن تقوم به بلادها لدعمهم، كان الرئيس الأميركي جورج بوش يعلن في مقابلة مع القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أن إيران تمثّل خطراً لأنها تبني قوة نووية وتدعم الإرهاب. وقال: «تمويلهم لحزب الله... انظروا ما الذي يحدث في لبنان اليوم... ديموقراطية فتية تحاول العيش». وأضاف أنه «من مصلحة إسرائيل أن تبقى الديموقراطية اللبنانية. عليكم أن تقلقوا بشأن إيران، وأنتم قلقون بشأن إيران، وكذلك نحن». وقال إن «الطريقة للمساعدة ووضع حل للوضع في لبنان هو من خلال تجنيد العالم لتقديم الدعم لرئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة»، الذي وصفه بأنه «شجاع».
لكن القائمة بالأعمال الأميركية نفت في اتصالات مع قيادات قريبة من المعارضة أن تكون بلادها خلف قرارات الحكومة التي فجّرت الصراع. وقالت إنها مكلّفة بالتواصل مع الجميع لإيجاد مخرج للأزمة الراهنة.