جميع الفرنسيّين يحيون في مثل هذه الأيّام الذكرى الأربعين لثورة الطلاب التي يرى كثر فيها تاريخاً مؤسّساً لجمهوريّة «الحريّة والإخاء والمساواة». البعض يحييها بمحاولة إنقاذ ما بقي من أنقاض إنجازات اليسار الفرنسي في المكتسبات الاجتماعيّة، والآخذة في الاندثار على يد سياسات نيكولا ساركوزي وفريق عمله النيوليبرالي. غيــر أنّ قسماً آخراً يتذكّر المناسبة على طريقته، عبر الانقضاض على مبادئ ثورة أيار 1968 مثلاً (تفاصيل ص 21).ففي خطوة لن يصدّقها كثيرون، صوّت البرلمان الفرنسي الأسبوع الماضي على قانون يعيد الفصل بين صفوف التلامذة الإناث والذكور، بحجج «أخلاقيّة» تركّز على تفادي الجرائم الجنسيّة وإصلاح النظام التربوي. غير أنّ معظم المراقبين لا يرون وراء الخطوة التي «لم يجرؤ على الإقدام عليها أيّ وزير رجعي في تاريخ فرنسا»، سوى دعم المدارس الدينيّة الخاصّة على حساب المدرسة العامّة، رمز العلمانيّة الفرنسيّة.
القانون الذي صدر عن البرلمان، وينتظر التصديق الرئاسي والنشر في الجريدة الرسميّة، سيواجه لا محال موجة شعبيّة اعتراضيّة، لكون هذا الموضوع هو من الخطوط الحمراء لدى أوسع الفئات في المجتمع الفرنسي، ولكون تلك الخطوة تندرج في سياق خطّ سياسي يميني نيوليبرالي بدأ مع ضرب جميع قواعد دولة الرفاه في الاقتصاد والاجتماع، ووصل في نسخته الأكثر تطرّفاً إلى قلب المدرسة الفرنسيّة على يد فريق ديني مسيحي ومسلم ويهودي متشدّد يحيط بساركوزي من جميع الأطراف. غير أنّ الرئيس الفرنسي سيقف مجدداً ويقول لشعبه: لقد انتخبتموني على أساس برنامجي، ولا مجال للتراجع اليوم.