وجه رئيس حزب «العمل»، إيهود باراك، صفعة مدوّية أمس إلى رئيس حكومته إيهود أولمرت، عندما دعاه بصورة مفاجئة إلى ضرورة الاختيار بين الانسحاب من دائرة المسؤولية وترك منصبه، وبين التوجه إلى انتخابات برلمانية. وبذلك يكون باراك قد خلط الأوراق على الحلبة الداخلية في إسرائيل، واضعاً جميع الأحزاب والتيارات السياسية أمام واقع سياسي جديد يفرض عليها إعادة التموضع السياسي، استعداداً لمواجهة المستجدات المترتبة على الدعوة ـــ التحذير التي أطلقها والسيناريوهات المفترضة لها.وكان باراك، الذي يواجه حركة انشقاق داخل «العمل» تهدد بانفراط عقده، عقد أمس مؤتمراً صحافياً هدد فيه بالعمل على تحديد موعد لانتخابات مبكرة، إذا لم يُستبدل رئيس الوزراء بشخصية أخرى من حزب «كديما»، وذلك على خلفية التطورات التي برزت في أعقاب استماع المحكمة المركزية في القدس المحتلة لشهادة الشاهد المركزي في قضية أولمرت، موشي تالنسكي، أول من أمس، التي كشف من خلالها عن مبالغ طائلة سلّمها لأولمرت وشريكه ومساعدته خلال السنوات الماضية. وعلى الرغم من حرص باراك على عدم التهديد بانسحاب فوري لوزراء حزب «العمل» من الحكومة بشكل وشيك، ما سيؤدي إلى انهيار الائتلاف الحاكم، إلا أنه ألقى الكرة في ملعب «كديما»، مشيراً إلى أن عليه تعيين خلف لأولمرت، وهو ما من شأنه فتح باب الصراع داخل «كديما» على مصراعيه من أجل خلافة رئيس الحكومة، لا سيما أن التنافس يدور بين أربعة وزراء على الأقل هم تسيبي ليفني، شاؤول موفاز، مئير شطريت، وآفي ديختر.
بيد أن حسم الخيارات لا يتعلق حصراً بحزب «كديما»، الذي يُفضل تأليف حكومة بديلة يرأسها أحد قادته من دون الدخول في انتخابات مبكرة، ذلك أن الأمر يتعلق أيضاً بموقف سائر الشركاء في الائتلاف الحكومي، لا سيما حزبي «العمل» و«شاس»، حيث تختلط الاعتبارات الحزبية والسياسية الشخصية.
ومن المؤكد أن القنبلة التي ألقاها باراك لن تصيب بشظاياها الوضع الداخلي الإسرائيلي فقط، بل ستمتد لتصيب أيضاً المفاوضات الدائرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتلك الدائرة مع سوريا، ولتضع كل الجهود التي بُذلت في هذا المجال في مهب الريح، أو تجميدها على أحسن تقدير.