راجانا حميةيختصر تقرير «من حقّنا أن نعيش بكرامة لحين عودتنا» حياة الفلسطينيين في المخيّمات اللبنانيّة ببابين عن الحقوق التي من المفترض أن يتمتّع بها من هُجّر عنوة عن أرضه، وسلسلة توصياتٍ واتّهاماتٍ للمجتمع الدولي الذي لم يضمن هو الآخر تطبيق هذه الحقوق التي بقيت أسيرة الأوراق الرسميّة. في مقدّمة الباب الأوّل، يلحظ التقرير شرحاً مفصّلاً للوضع الداخلي الفلسطيني الذي لم يعد يشبه ما كان عليه قبيل اتّخاذ مجلس النوّاب اللبناني قراره بإلغاء اتّفاق القاهرة الموقّع بين منظّمة التحرير الفلسطينيّة والحكومة اللبنانيّة، الذي كان ينصّ في فقرته الثانية على ضرورة تأليف لجانٍ محلّية تهدف إلى رعاية مصالح الفلسطينيين ضمن نطاق عملها الجغرافي. واليوم، بعد الإلغاء، يفتقد اللاجئون الفلسطينيون مرجعيّة سياسيّة قويّة تعالج مشاكلهم السياسيّة والأمنيّة والاجتماعيّة، وضمانة قانونيّة وديموقراطيّة، وخصوصاً أنّ اللجان الشعبيّة الموجودة في المخيّمات لم يجر تأليفها وفق عمليّة ديموقراطيّة، إضافة إلى خضوعها للتأثيرات والتجاذبات السياسيّة. أمّا في أوضاع المخيّمات، فحدّث ولا حرج. فمخيّمات اللاجئين اللبنانيّة تضمّ حوالى 54% من مجمل عدد الفلسطينيين في لبنان الذين يقدّر عددهم بحسب إحصاءات الأونروا بـ411000 لاجئ مسجّل، يضاف إليهم 30 ألفاً من فئة غير المسجّلين و5000 من فاقدي الهويّات. وفي الحقوق، يشكو اللاجئون من 11 انتهاكاً لحقوقهم، أوّلها حقّ العودة المعلّق منذ عام 1948 إلى حين تسمح إسرائيل بالتنازل عن الأرض... ولن تفعل. إذاً حقّ العودةّ معلّق، وثمّة حقوق أخرى معلّقة أيضاً، منها الحقّ في الحياة التي لم يفلح الفلسطينيّون في الحفاظ عليها، ولم تسعفهم بالتالي القوانين الدوليّة وإعلانات حقوق الإنسان العالميّة التي بقيت حمايتها قيد أدراج مجالسها وأماناتها. وحقّ التنقّل الذي بات مستحيلاً بعد الحوادث الأخيرة، حيث يعمد الجيش اللبناني منذ معركة نهر البارد إلى تشديد إجراءاته الأمنيّة عند نقاط التفتيش على مختلف الأراضي اللبنانيّة. أمّا حقّ التعلّم، فلم يعد الفلسطينيّ يجده حقّاً بعدما بات التخرّج أسوأ اللحظات التي يتخيّلها الطالب اللاجئ، وخصوصاً أنّه محكوم بالعمل ضمن نطاق لجوئه وضمن وظائف محدّدة جدّاً، تصل حدّ الحرمان من لقمة العيش.
... وباقي الحقوق، كما السابقة. فلا المساكن تسكن، وخصوصاً بعدما فاق عدد اللاجئين قدرة استيعاب المخيّمات أربعة أضعاف، ولا المستوصفات والمستشفيات قادرة على تحمّل صاحب «الهويّة الزرقاء»، بعدما تبرّأت منه الجهات كافّة، سواء اللبنانيّة أو الدوليّة. وحقّ الأطفال لا مبرّر لوجوده في المخيّمات... والحقّ في العمل، بات معلوماً أنّ الفلسطيني محروم من ممارسة الكثير من المهن، فلا داعي لهذا الحقّ أيضاً. والمرأة تعاني تمييزاً واسعاً في مختلف المجالات، ولا سيّما العمل والضمانات الصحّية. وعن حقوق الشخصيّة القانونيّة وفاقدي الهويّة أو ما اصطلح على تسميتها «الفئة الثالثة» من الفلسطينيين، فهؤلاء يعانون أيضاً طمس هويّتهم القانونيّة، الأمر الذي يجعلهم عرضة للاعتقال والمساءلة في كلّ وقت.
ينتهي التقرير عند 11 نقطة منتهكة، ولا شيء جديداً، والتوصيات الصادرة ليست سوى دعوة جديدة إلى إنقاذ من بقي من الفلسطينيين. وفي هذا الإطار، أوصت «شاهد» جميع الأطراف الفلسطينيّة بالعمل على إيجاد مرجعيّة سياسيّة تحكمها الديموقراطيّة المستندة إلى انتخابات نزيهة تشمل مختلف الوجود الفلسطيني في لبنان، لتكون قادرة على مواجهة التحدّيات. كذلك تطالب المجتمع الدولي بضرورة العمل على تطبيق قرارات الأمم المتّحدة، ولا سيّما المتعلّقة بحق العودة. وتضمّن التقرير قائمة بأسماء الشهداء المدنيين الذين سقطوا خلال حوادث مخيّم نهر البارد.