في اليوم الثاني للمناورة الداخلية الأكبر في تاريخ إسرائيل، حرصت الدولة العبرية على إطلاق تهديدات في كل الاتجاهات، مستهدفة خصوصاً لبنان وإيران وسوريا، التي ردّت بتأكيد استعدادها لكل الاحتمالات، بما فيها المواجهة مع الاحتلال (تفاصيل ص 18).وربطت وسائل الإعلام العبرية أمس الاستنفار السوري في الجولان باقتراب ردّ حزب الله على اغتيال قائده العسكري عماد مغنية، مستدلة بـ«رسالة شديدة اللهجة» وجّهتها تل أبيب إلى دمشق، تحمّلها فيها مسؤولية أي عملية انتقامية قد ينفّذها الحزب. وربطت الاستنفار السوري بالاطلاع «عن قرب على استعدادات حزب الله وخططه».
الردّ المتوقع الذي يؤرّق الإسرائيليين، دفع ضابطاً رفيع المستوى في جيش الاحتلال إلى توجيه تحذير إلى «لبنان واللبنانيين من تدفيعهم ثمناً غالياً إذا نفّذ حزب الله هجوماً على إسرائيل». وأضاف أن «حزب الله يعرف ما حدث في المرة الماضية عندما استفز إسرائيل، ونحن عازمون الآن على أنه إذا استفزّنا مرة أخرى فسوف نرد بقوة كبيرة».
وتولّى وزير البنى التحتية، بنيامين بن أليعازر، مهمة توجيه التهديدات إلى طهران، محذّراً من رد «سيسبّب دمار الأمة الإيرانية» إذا هوجمت إسرائيل.
في هذا الوقت، وفي إطار المناورات الداخلية، عقدت الحكومة الإسرائيلية اجتماعاً مسائياً اطّلعت فيه على آخر التطورات الميدانية، حيث استمعت إلى تقارير عسكرية أظهرت تعرّض الجبهة الداخلية لأكثر من خمسمئة صاروخ خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أُطلقت من جبهات مختلفة، أبرزها الجبهة السورية التي استهدفت وسط إسرائيل بصواريخ من نوع «سكاد». وفي خطوة استعراضية، عرضت القناة العاشرة شريطاً مصوّراً لعملية نشر طارئة لبطارية صواريخ مضادة للصواريخ من طراز «حيتس» أبرزت فيه التوقيت الذي استغرقته العملية برمّتها، وهو تسعون دقيقة، وفقاً لعدّاد ظهر في أسفل الشاشة. وأشارت إلى أن رئيس الأركان، غابي أشكينازي، أمر أخيراً بنشر عدد من بطاريات «حيتس» في عدد من المواقع الثابتة، تحسّباً لهجمات صاروخية مصدرها سوريا أو إيران.
وفي أوّل ردّ فعل رسمي من دمشق على التدريبات الإسرائيلية، قال نائب وزير الخارجية فيصل المقداد إن بلاده «مستعدة لكل الاحتمالات إذا توقفت لغة التفاهم مع إسرائيل في شأن السلام». وأضاف، في تصريح لصحيفة «الثورة» السورية ينشر اليوم، إن «هزيمة إسرائيل في حرب تموز (في عام 2006) على لبنان جعلها تسعى لإعادة هيبتها ولإعادة الثقة إلى المواطن الإسرائيلي، وبثّ جوّ إعداد الجيش الإسرائيلي للتصدي للحرب، ولتخويف بعض القوى بأن إسرائيل أعادت هيبتها». ولكنه تابع أن «الإسرائيليين لا يعرفون أننا نعرف أن لكل حرب طريقها، وأن لكل تجربة ما يطوّرها، ومهما حاولت إسرائيل نشر هذا الجو الاحتقاني للاستفادة من دروس هزيمة تموز، فإن الطرف الآخر لا يمكن إلا أن يقوم بإعداد خطته أيضاً من أجل المواجهة».
وشدّد المقداد على «أن الأطراف المعنية بهذه المناورات تستعد لأي قادم، وتعرف تمام المعرفة أن إسرائيل تقوم بتطوير نظريتها. لذلك، لا أحد يعتقد بأننا سنهزم في أي حرب، سواء داخل الأراضي المحتلة أو في سوريا إذا كانت مستهدفة». وقال إن «سوريا تتابع كل التطورات العسكرية داخل إسرائيل، ولكن ليعلم الجميع أن أهم ما في السياسة السورية، عندما يتعلق الأمر بعملية السلاح، هي الشفافية المطلقة التي تتعامل بها مع هذه القضية. فالسلام أولوية عندما تكون الظروف مؤاتية، ولكن لن نمد يدنا للسلام إلى ما لا نهاية».
بدوره، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، محمد علي الحسيني، عن أمله ألا تكون أي دولة عربية أو إسلامية ضالعة في اغتيال عماد مغنية. وقال: «إلى الآن، لم تقدّم سوريا تقريراً رسمياً بهذا الشأن»، موضحاً أنّ «ما يمكن الاعتماد عليه هو التقرير الرسمي للسلطات السورية».