قمّة مبارك ـ عبد اللّه تفتح الطريق لوساطة جزائريّة وتشترط تسهيل دمشق الحلّ في لبناناختلط مأزق الخلافات العربية ــــ العربية بمحاولات تطبيعية جديدة في القمّة المصريّة السعودية التي شهدتها مدينة شرم الشيخ، والتي احتل فيها الملف اللبناني حيّزاً مهماً في مباحثات الرئيس المصري حسني مبارك والملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، باعتباره مقدّمة لتصويب العلاقة بين البلدين وسوريا، وسط تسريبات عن إفساح المجال لوساطة الرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة.
ولم يمنع ملف الخلافات العربية ــــ العربية من التطرق إلى موضوع طارئ على جدول الأعمال الشرق أوسطي، بعد الإعلان عن القمّة الخماسية التي يسعى الرئيس الأميركي إلى عقدها في شرم الشيخ، الشهر المقبل، لتكون مكمّلة لمؤتمر أنابوليس. وتحدثت مصادر عن أن مبارك تداول والملك عبد الله في مقترح أميركي بانضمام السعودية إلى القمّة، التي تخشى بعض المصادر من أن يكون هدفها عزل سوريا وإيران وتكريس الانقسام العربي.
وفي ما يخص خلافات دمشق مع كلٍّ من القاهرة والرياض، قالت مصادر مطّلعة إن القمة المصرية ــــ السعودية قررت مبدئياً إتاحة الفرصة أمام الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة للقيام بجهوده للوساطة بين القاهرة ودمشق، على أن تمتد في حال نجاحها إلى دمشق والرياض. وقال مسؤول سعودي رفيع المستوى لـ«الأخبار» إن عودة العلاقات إلى سابق عهدها مرهونة بحلحلة الملف اللبناني وتخلّي دمشق عن التدخل في الشأن الداخلي للبنان.
وقالت مصادر مصرية رسمية لـ«يونايتد برس إنترناشونال» إن الزعيمين ناقشا «المسألة اللبنانية بمختلف جوانبها، في سياق استمرار الجهود المصرية السعودية الرامية إلى دفع مختلف الأطراف على الساحة اللبنانية إلى توافق وطني ينهي أزمة الاستحقاق الرئاسي، ويصل بهذه الأطراف إلى اختيار الرئيس اللبناني».
وكان الملك عبد الله قد وصل على رأس وفد ضم وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، ورئيس الاستخبارات العامة الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود، ومساعد رئيس الاستخبارات العامة الأمير فيصل بن عبد الله محمد آل سعود.
رايس
وفي موازاة محاولات إقناع الملك السعودي بالانضمام إلى القمّة العربية ــــ الإسرائيلية ـــــ الأميركية وتشديد الخناق على سوريا، استبعدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، أمس، أي صفقة مع سوريا تقضي بتحييد «عائلة (الرئيس السوري بشار) الأسد» في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، من أجل حمل نظام دمشق على الابتعاد عن إيران.
وقالت رايس أمام الكونغرس «لا أعتقد بأنه سيكون من المناسب أن نفترض أن بوسعنا الحد من نطاق صلاحيات المحكمة (التي سيمثل أمامها المتهمون) باغتيال رفيق الحريري (...) لأنها قد تورّط بطريقة أو بأخرى النظام أو عائلة الأسد». وتابعت: «أعرف أنهم يفكرون في ذلك، لكن أعتقد بأن هذه ستكون فكرة سيئة جداً»، مضيفة «أعتقد بأن الأمر سيكون سيّئاً للبنان وسيّئاً للقضاء الدولي».
ولم يسبق أن أقامت رايس مثل هذا الرابط المباشر بين اغتيال الحريري والرئيس السوري، وقد أدلت بتصريحاتها رداً على السيناتور الجمهوري عن بنسلفانيا ارلن سبكتر الذي اقترح بدء مفاوضات مع دمشق في شأن احتمال خفض العقوبات في هذه القضية لقاء تحقيق تقدم سياسي في المنطقة.
وأوضح سبكتر أنه تبلّغ أخيراً من ملك الأردن عبد الله الثاني أن المحكمة الدولية بشأن اغتيال الحريري هي مصدر القلق الرئيسي للأسد.
لكنّ رايس استدركت قائلة «بذلنا جهدنا حتى لا تتركّز المحكمة على سوريا أو عائلة الأسد، بل حرصنا على التحقق من أنها ستتمكن من العمل بسهولة وبنزاهة تامة».