بسّام القنطاربعد صراع قضائي استمرّ ثمانية أشهر، نجح مجلس الإنماء والإعمار في «إقناع» أصحاب الأراضي المنويّ استملاكها في منطقة عين درافيل العقارية (قضاء عاليه) بالتراجع عن دعواهم الرافضة لتوسيع مطمر عين درافيل ــ الناعمة لثلاث سنوات إضافية.

ويعود قرار أصحاب الأراضي في عين درافيل التراجع عن الدعوى ــ رغم النصر القضائي الذي تحقّق في مجلس شورى الدولة بتاريخ 3/7/2007 ــ إلى «إغراءات غير قابلة للرفض» سوقتها مرجعيات سياسية قضت بتلقّيهم مبالغ مالية ضخمة وزيادة قيمة سعر متر الأرض الذي سيُدفعه لهم مجلس الإنماء والإعمار، وصولاً إلى التلويح بزيادة قيمة التعويضات التي ستقدّمها وزارة المهجرين. والمعروف أنّ أهالي عين درافيل المهجّرين لم يتلقّوا سابقاً أيّ تعويضات من الوزارة، ولم يعودوا بالتالي إلى بلدتهم، رغم إتمام المصالحة وتسلّمهم أراضيهم منذ عام 1996. وقد تزامن حرمانهم التعويضات مع قرار إنشاء المطمر آنذاك. ونتيجة التسوية مع أصحاب العقارات المحيطة بالمطمر الحالي، ستبقى منطقة عين درافيل ــ الناعمة مطمراً لما يزيد على 65% من نفايات لبنان حتى أيلول عام 2010.
الجدير بالذكر أنّ توسيع المطمر الحالي يهدّد بمحو بلدة عين درافيل عن الخريطة، إذ سيضاف 25 ألف متر مربّع إلى مساحة المطمر الأساسية البالغة 220 ألف متر، علماً بأنّ وزارة الدفاع الوطني كانت قد استملكت أيضاً مئة ألف متر مربّع من البلدة.
أصوات الحفارات التي تعمل على خلية الطمر الجديدة لا تتوقف ليلاً ونهاراً، لكن ذلك لم يحرِّك ساكناً حتى اللحظة من البلديات المعنية أو القوى السياسية المعارضة في المنطقة، وذلك رغم الضرر البيئي لتوسيع المطمر، ورغم إهمال رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لمشروع مرسوم أُقِرّ مبدأه في مجلس الوزراء منذ حزيران عام 2006، يقضي بالتعويض على سبع قرى محيطة بالمطمر هي: الناعمة، عبيه، عين درافيل، بعورته، عين كسور، كفرمتى، وعرمون، بمبلغ مالي قدره 3 دولارات مقابل كل طن نفايات طُمر في الناعمة، أي ما مجموعه حوالى 24 مليون دولار.
وقد استوعب المطمر على مدى السنوات العشر الماضية ما يزيد على 8 ملايين طن من النفايات العضوية والصلبة. ومع التوسيع الجديد، يتوقع أن يستوعب 2.5 مليون طن ضمن خلية جديدة تضاف إلى ثلاث خلايا استنفدت كامل طاقتها الاستيعابية.
وكانت الخلية الأولى قد أنشئت عام 1997 وصُمّمت لاستيعاب النفايات غير العضويّة (العوادم). إلّا أنه نتيجة عدم فرز النفايات كفاية، وفشل الخطة الطارئة التي وضعتها وزارة البيئة، تدفّقت إلى المطمر جميع أنواع النفايات، بما فيها العضوية، التي كانت قد بلغت كلفة معالجتها حوالى أربعين دولاراً للطن الواحد سُحبت من جيب المكلّف اللبناني.
وكان مجلس الإنماء والإعمار قد وقّع عقدين مع شركة سوكومي لمعالجة النفايات المنزلية الصلبة وطمرها، التي تجمعها شركة سوكلين. وبدأ العمل بهذا العقد في حزيران 1998، وتنتهي مدّته في أيار 2008. أمّا عقد الطمر فقد بدأ العمل به في كانون الثاني 1998، وانتهى في كانون الثاني 2008. ويشمل العقد جمع كمية 400,000 طن من النفايات سنوياً، إلاّ أنه منذ بدء العمل بالعقد، لم تقل الكمية عن 600,000 طن سنوياً.
ورغم عدم إعلان مجلس الإنماء والإعمار تمديد العقد مع الشركة، توافرت معلومات مؤكدة أن العقد قد مُدِّد فعلاً ضمن السناريو نفسه الذي سبق أن تم على أساسه تمديد عقد جمع النفايات لشركة سوكلين المنتهي منذ كانون الثاني 2001 تحت حجة «تحضير دفتر شروط جديد وإطلاق مناقصة جديدة».
بسّام القنطار