توجّهت الأنظار اللبنانية أمس إلى قطبي «الاعتدال» العربي، إذ كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يقوم بزيارة إلى مصر وُضعت في خانة الترويج لمبادرته الحوارية، فيما استأنف رئيس الحكومة فؤاد السنيورة جولته العربية في عمّان، بعدما كان استذكر الحرب اللبنانية في بيان شدّد خلاله على أولوية انتخاب رئيس جمهورية، في ما عُدّ رفضاً جديداً لمبادرة بري، الذي تحفّظ بدوره على دعوة رئيس الحكومة إلى عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب.وما بين هاتين الزيارتين، تردّدت معلومات عن احتمال اللجوء إلى اقتراح وسط لحلّ الأزمة، يتمثّل في السعي إلى توافق على تأليف حكومة مصغّرة برئاسة المرشّح التوافقي العماد ميشال سليمان تتولّى إدارة البلاد في مرحلة انتقاليّة حتّى إجراء انتخابات نيابيّة مبكرة، على أن تؤلف هذه الحكومة من عدد من ممثّلي الطوائف الستّ الأساسيّة، وألا يكون بين أعضائها مرشّحون للانتخابات النيابية، ويتولى حقيبة الداخلية فيها رئيسها.
ورغم أن مصدراً مصرياً رسمياً رفض التعليق على هذه المعلومات، إلا أنه شدد على ضرورة إقدام القوى اللبنانية على إيجاد مخرج للأزمة الحالية، وألا يصار إلى انتظار تسوية العلاقات العربية ــ العربية التي قد تتأخّر.
وفيما رفضت مصادر في الاكثرية الاقتراح لأنه يحتاج الى تعديلات دستورية كبيرة، ولا يحل مشكلة قانون الانتخاب، علّقت مصادر المعارضة بأنّ فريق السلطة لا يريد التوصل الى أي حل لأنه لا يريد إجراء الانتخابات النيابية المقبلة إلا وفق القانون المعمول به حالياً. وتحدثت عن ضغوط أميركية وفرنسية وسعودية تمنع التوصل الى اتفاق قريب.
برّي
وكان الرئيس بري قد عقد أمس سلسلة من الاجتماعات في القاهرة، أبرزها مع الرئيس المصري حسني مبارك ووزير خارجيته أحمد أبو الغيط ومدير المخابرات عمر سليمان الذي حضر أيضاً اجتماعاً بين أبو الغيط ونظيره السعودي سعود الفيصل، تناول الملف اللبناني. وسينتقل بري اليوم الى الدوحة للاجتماع بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وكان قد أخّر هذه الزيارة يومين بسبب وجود وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في قطر للمشاركة في أعمال مؤتمر عن الديموقراطية قاطعه حشد من السياسيين والمثقفين والإعلاميين.
وبعد لقائه مبارك، سئل برّي عن دعوة السنيورة إلى اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب لمناقشة الأزمة اللبنانية، فقال «لا مجال الآن لنجاح هذه الدعوة وهذا الاجتماع، وخصوصاً أنه يأتي بعد قمة عربية لم يشارك فيها لبنان». وأضاف «في رأيي أن هذا الموضوع بحاجة إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه لا إلى إعادة النظر».
وقالت مصادر الرئيس بري لـ«الأخبار» إن أجواء محادثاته مع المسؤولين المصريين «كانت جيدة» وإنه لمس منهم «اهتماماً كبيراً» بما نقله إليهم من أفكار تتعلق بمعالجة الأزمة، وعبّروا له عن اهتمامهم بلبنان مشدّدين على وجوب إنهاء الازمة التي تعصف به، ووعدوا بالمساعدة على معالجتها.
السنيورة
وفي عمّان، التقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بالملك الأردني عبد الله الثاني، الذي حذّر من تداعيات «استمرار الوضع الحالي في لبنان على ما هو عليه، لا على لبنان وحده، وإنما على أمن واستقرار المنطقة عموماً»، مؤكداً «أهمية مواصلة الجهود الهادفة إلى معالجة الأزمة السياسية الراهنة في لبنان بما يحفظ أمنه واستقراره ويقوّي وحدة وتماسك الشعب اللبناني بجميع فئاته».
وذكر بيان للديوان الملكي الأردني أن عبد الله الثاني شدّد للسنيورة على دعم الأردن للجهود التي تبذلها الحكومة اللبنانية لإيجاد مخرج مقبول ينهي أزمته السياسية ويعيد للبنان عافيته ليتابع مسيرة البناء والتقدم.