موفد فاتيكاني يستطلع الوضع المسيحي وتوتُّر في زحلة بين مناصري المعارضة والموالاة وسقوط قتيلين
بات تأجيل جلسة انتخابات رئاسة الجمهورية المقرّرة غداً إلى الشهر المقبل، أمراً بديهياً سوف يعلن عنه الرئيس نبيه بري في الساعات المقبلة. وفيما يواجه رئيس المجلس، للمرّة الأولى، رفضاً من السعودية لتحديد موعد لاستقباله، يواصل تيار «المستقبل» حملته عليه من دون توقّف، ما دفع برّي إلى القول أمام زواره، يبدو أنّ النائب سعد الدين الحريري سيرفض أي شكل من أشكال الحوار، وسيقود حملة التمديد للمجلس النيابي أو إجراء الانتخابات النيابية المقبلة على أساس قانون عام ألفين.
وفي ظلّ غياب أي تطور على مستوى مبادرة بري الحواريّة، كشفت مصادر دبلوماسية عربية عن أن المساعي الكويتية والقطرية لوضع آليّة تواصُل بين السعودية ومصر من جهة وسوريا من جهة ثانية، قد واجهت الفشل مجدداً، وهو ما برز من نتائج زيارة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل إلى قطر. وردّدت المصادر الدبلوماسية نفسها كلاماً منسوباً إلى السعوديّين مفاده أنّه لا يمكن أن تكون هناك مبادرة قبل أن تقدم سوريا على خطوة انتخاب العماد ميشال سليمان من دون شروط.
في هذه الأثناء، استؤنف النقاش داخل القوى البارزة في المعارضة بشأن سبل مواجهة الحملة التي تشنّها قوى الموالاة، التي يبدو أنها مرشحة للتصاعد بعد زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش. وقد تبيّن أن اهتمام ولش كان منصبّاً على حثّ النائب وليد جنبلاط على عدم الذهاب باتجاه أي مبادرة مع الفريق الآخر، وأن الولايات المتحدة لا تزال عند وعودها بأن تغييرات كبرى سوف تحصل في المنطقة خلال فترة زمنية قريبة. وقد حدث ذلك في وقت ترددت فيه معلومات عن رسائل بعث بها جنبلاط إلى جهات في فريق المعارضة تشبه الرسائل التي كان قد وجّهها عشية انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود.
وحسب مصادر قريبة من المعارضة، فإنّ النقاش الأساسي يجري الآن بين العماد ميشال عون وفريقه، إذ يتعرض التيار الوطني الحر لأقسى حملة تتولّاها القوى المسيحية في فريق 14 آذار، مضافاً إليها النائب ميشال المر الذي يجري التعامل معه على أنه «واجهة للمرشّح الرئاسي العماد ميشال سليمان»، الأمر الذي قد يدفع بالعماد عون إلى إطلاق موقف «مختلف نوعياً من ملف الرئاسة ومن موضوع التوافق القائم على سليمان». وهو أمر كان مساعد عون السياسي، جبران باسيل، قد مهّد له في كلمة ألقاها في بلدة البوار، قال فيها إنّ «التوافق لا يمكن أن يُفرض فرضاً». وهذه إشارة فسّرتها مصادر متابعة بأنّها قد تفتح الباب أمام استئناف السجال بشأن التوافق الرئاسي.
توتّر «مسيحي» وموفد فاتيكاني
في هذه الأثناء، تصاعد التوتر داخل الوسط المسيحي، وسجّلت، أمس، حادثة هي الأولى في نوعيتها وقسوتها، حين حصل صدام بين أنصار النائب الزحلي إيلي سكاف ومجموعة من حزب الكتائب في مدينة زحلة، استخدم خلالها الرصاص، ما أدّى إلى مقتل عنصرين من حزب الكتائب وإصابة آخرين. وساد الاستنفار تلك المنطقة، وسط تردّد معلومات عن انتشار مسلّح لعناصر قريبة من فريق 14 آذار في المدينة وبعض القرى المجاورة، علماً بأنّ القوى الأمنية انتشرت بكثافة لمنع توسّع دائرة التوتر (راجع ص 4).
وفي السياق نفسه، عُلم أن سيارتين عبرتا، صباح أمس، من أمام منزل جبران باسيل في البترون، وأفرغتا الرصاص بقربه. وأحصت القوى الأمنية إطلاق ثلاثين رصاصة، من دون أن تتوضّح صورة الموقف أو تُعرَف هويّة المنفّذين.
وكان الوضع المسيحي في صلب مهمة موفد من الفاتيكان هو المونسنيور أنطونيو ماريا فيليو الذي سبق أن شغل منصب القاصد الرسولي في لبنان نهاية التسعينيات، وقد التقى عدداً من القيادات المسيحية، مستطلعاً الموقف، وسائلاً عن «واقع المسيحيين اليوم سياسياً وديموغرافياً»، مع «تدقيق بشأن حجم التمثيل الفعلي لكل القوى، وبشأن ملف التوطين وعملية الهجرة وبيع الأراضي».
مؤتمر الكويت
في هذه الأثناء، تتجه الأنظار إلى الكويت التي ستشهد اجتماعاً يخصص للبحث في الأزمة اللبنانية، على هامش المؤتمر الدولي بشأن العراق الذي سيعقد فيها، وتشارك فيه دول الجوار العراقي. وتردد أن برّي قد يزور العاصمة الكويتية بعد انتهاء أعمال هذا المؤتمر، لإجراء محادثات مع المسؤولين الكويتيين تتناول المراحل التي قطعتها المبادرة العربية الخاصة بالأزمة اللبنانية، ومبادرته الحوارية الداعمة لها، وما يمكن الجانب الكويتي أن يقدمه من مساعدة في هذا السياق. وقد اتصل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، أمس، بوزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، واستطلع منه آفاق هذا الاجتماع، وما يمكن أن يؤدي إليه من نتائج في شأن الأزمة اللبنانية.