رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أنّ مخاوف اللبنانيين من التدويل في غير محلّها، لأنّ الأزمة اللبنانية مدوّلة أصلاً. وقال موسى في حديث إلى «الأخبار» إنّ ما سعى إليه بحضوره اجتماع الكويت هو «تعريب الأزمة»، أي العودة إلى الحلّ العربي عبر مبادرة الجامعة العربية. ذلك أنّه ينبغي إبعاد لبنان عمّا آل إليه كمركز للصراع في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصاً في ظلّ وجود من يسعى إلى تعميم الصراع السنّي ـــــ الشيعي الذي يُعدّ وصفة خراب للمنطقة. ورأى موسى أنّ هذا الصيف سيكون حاسماً في لبنان. ومن ينتظر نتائج الانتخابات الأميركية وتغيير الإدارة الأميركيّة فهو واهمٌ، لأنّ الإدارة الجديدة ستأخذ وقتاً طويلاً قبل انطلاقتها الجدية، فضلاً عن أنّها لن تكون بالضرورة أفضل من الإدارة الحالية. لذلك، لا شيء يبرّر تأجيل انتخاب رئيس الجمهوريّة.أمّا على المستوى الداخلي، فلم يحدّد فريق الموالاة بعد موقفه الحاسم من المبادرة الحوارية التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري. ونقل زوار برّي عنه قوله إنّه سينتظر حتى مساء اليوم لإصدار بيان يحدّد مصير مبادرته الحوارية. فإذا تلقّى ردّاً إيجابياً على مبادرته من فريق الموالاة الرسمي، يحدّد موعداً عاجلاً لانعقاد طاولة الحوار. أما إذا جاء هذا الرد سلبياً، فسيحدّد موعداً لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في النصف الثاني من أيار المقبل، واضعاً الجميع أمام مسؤولياتهم.
وقالت مصادر مطّلعة على موقف بري إنّ ما طرحه في مبادرته هو أقصى ما يمكن أن تقدّمه المعارضة، وإنّ على الموالاة أن تدرك هذا الأمر وأن تتلقّفه إذا كانت حريصة فعلاً على الوصول إلى حل للأزمة.
وذكرت هذه المصادر أن بري ينتظر مساعيَ واتصالات يجريها رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط مع حلفائه في 14 آذار بغية إقناعهم بالتجاوب مع مبادرة رئيس المجلس، وخصوصاً أنه كان قد أبلغ الرئيس بري خلال لقائهما الأخير ترحيبه بها متعهّداً أن يتشاور مع حلفائه فيها تمهيداً لاتخاذ موقف إيجابي منها.
وفي المقابل، قال أحد أقطاب 14 آذار لـ«الأخبار» إن مشاورات تنشط بين أركان هذا الفريق تمهيداً لبلورة موقفه من المبادرة «وخصوصاً أن 14 آذار ليست جنبلاط ورئيس كتلة المستقبل سعد الحريري وحدهما، وإنما هي تيار سياسي واسع، عليه أن يتشاور في ما بين جميع أركانه، قبل اتخاذ أي موقف من المبادرة أو من غيرها». إلا أنه لم يُحدد بعد موعد لاجتماع هذا الفريق من أجل إعلان الموقف اللازم من المبادرة.
وكان لافتاً في هذا المجال أمس موقف أعلنه وزير الاتصالات مروان حمادة جاء معاكساً لموقف سابق رأى فيه أن مبادرة بري «مهزلة»، فقال إنّ جنبلاط «يسعى للجمع بين لحظتين إقليمية وداخلية بهدف اقتناص فرصة مناسبة لانتخاب رئيس للجمهورية، من دون التفريط بمبادئ ثورة الأرز و14 آذار وثوابتها ومنجزاتها، ودون أي عبث بفرص الحلحلة التي تقدمها مبادرة الرئيس نبيه بري».
وفي هذا السياق، قالت مصادر المعارضة لـ«الأخبار» إن فريق 14 آذار يعيش في هذه المرحلة حالة من الارتباك ناجمة عن تباين في المواقف بين بعض أركانه الأساسيّين المنقسمين بين مؤيّد ومعارض لمبادرة برّي من جهة، وما يمكن أن يكون عليه قانون الانتخاب من جهة ثانية. وأشارت إلى أن جنبلاط يؤيّد اعتماد الدوائر الانتخابية الصغرى، أي القضاء، لأنه يلبّي مصالح الأكثرية الانتخابية، فيما يتمسّك الحريري بقانون عام 2000 لأنه يرى فيه وسيلة تمكّن الموالاة من الفوز بالأكثرية النيابية في انتخابات عام 2009 مجدّداً.