يرفض رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون التراجع عن السقف الذي حدّده كمطالب للمعارضة في آخر لقاء جمعه بممثلي فريق الأكثرية النائب سعد الحريري والرئيس أمين الجميّل، برعاية الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وهو يقول إن الأمور واضحة أكثر من أي وقت مضى. فحقوق المعارضة بديهية في الحصول على ما يضمن مشاركتها الفعلية في القرار، وهي غير قادرة على أي نوع من المقايضة، ولا فائدة من جلسات الحوار الوطني ما لم تكن ضامنة لكامل حقوق المعارضة، وإلا فستستخدمها السلطة للمزيد من تضييع الوقت وإبقاء الأمور على حالها لناحية الفراغ الرئاسي واستمرار الرئيس فؤاد السنيورة في موقعه.ولاحظ عون أمام زواره أن ما يجري الآن هو عودة الأطراف الخارجية، صاحبة النفوذ القوي على فريق السلطة، للعمل على شق المعارضة. وبعدما فشلت في إقناع التيار الوطني بالتخلّي عن تحالفاته، تفكّر الآن بإحياء التحالف الرباعي، من زاوية أن في ذلك ما يضمن التجديد للسلطة الحالية وإبعاد التيار الوطني وشخصيات أخرى من المعارضة عن البرلمان والسلطة.
وكشف عون أن فريق السلطة، مدعوماً من دولة عربية كبيرة، ينفق ملايين الدولارات في المناطق المسيحية، تحت عنوان محاصرة التيار الوطني الحر وإضعافه. ويترافق ذلك مع محاولات لتحويل بعض المواقف السياسية، مثل موقف النائب ميشال المر، إلى مناسبة للحديث عن تراجع شعبية التيار ورئيسه. وأعلن أن فريق السلطة وسفارات أجنبية في لبنان وقوى سياسية طلبت من مراكز دراسات إجراء مسح واستطلاع للرأي بعد حركة المر، ليتبيّن أن النتائج جاءت في مصلحة التيار والعماد عون. وأكد عون أنه يثق بقوة بموقف حلفائه في المعارضة، وفي مقدّمهم حزب الله.
بري ــ الحريري
وفي هذا السياق، ذكرت مصادر مطلعة أن النائب وليد جنبلاط أقنع النائب سعد الدين الحريري بضرورة عدم إقفال باب الحوار مع الرئيس نبيه بري، وشجّعه على الاتصال به والاجتماع إليه. ونقلت مصادر في فريق السلطة عن مراجع قيادية أن جنبلاط مقتنع بأن بري لديه القدرة على إعادة الإمساك بدفة الحوار مع فريق 14 آذار، وأن إبعاد العماد عون يتطلب دعماً لدعوة بري الحوارية، كما يمكن إدارة حوار غير مباشر مع حزب الله بواسطة رئيس المجلس.
وبناءً على هذه المداولات ومشاورات جرت مع عواصم خارجية، قالت المصادر القريبة من فريق السلطة إن التوجه الرئيسي هو لاستئناف التواصل بين الحريري وبري، إذا ما تعذّر جمع قادة البلاد على طاولة الحوار، وخصوصاً أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله سوف يتغيّب لاعتبارات أمنية، كما أن العماد عون أبلغ جهات عدة أنه سوف ينتدب من يراه مناسباً لتمثيله في هذا الحوار.
وقالت المصادر إن المداولات لا تقف عند مسألة انتخاب رئيس الجمهورية، بل تتعدّاها لتطال مباشرة ملف قانون الانتخابات النيابية، حيث يسود الاعتقاد بإمكان ترتيب صفقة سياسية شبيهة بالتي حصلت في إطار التحالف الرباعي. وكشفت المصادر أن الموقف الذي أطلقه مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله نواف الموسوي قبل يومين بشأن النقاش العام، كان يحمل جواباً على رسائل غير مباشرة بالدعوة الى تجديد التحالف الرباعي ولو بصيغ مختلفة. وقال الموسوي إن حزب الله واضح في أن اهتمامه يركز أولاً وأخيراً على مصالح حلفائه في المعارضة، وفي مقدَّم هؤلاء التيار الوطني الحر. وقد تلقى فريق 14 آذار موقف الموسوي على أنه رد سلبي، ما دفع الى تكثيف المشاورات قبل اجتماع أمس في قريطم لاتخاذ القرار بشأن المرحلة المقبلة.
اجتماع قريطم
وفيما اجتمع أركان قوى 14 آذار في قريطم مساء أمس تمهيداً لتحديد موقفها من مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال مصدر في الموالاة لـ«الأخبار» إنها تؤيّد التوصل الى «إعلان نيات» بشأن «اعتماد القضاء دائرة انتخابية وأن تؤلف حكومة الوحدة الوطنية حسبما تنص المبادرة العربية». وأكد أن رئيس كتلة «المستقبل» سيلتقي بري في أي وقت ليبلغه هذا الموقف.
وبعد الاجتماع صدر عن الأمانة العامة لقوى 14 آذار بيان جاء فيه أن المجتمعين شدّدوا على «ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، باعتباره الأولوية وفقاً للدستور اللبناني والمبادرة العربية والمدخل الوحيد لحل الأزمة التي يعاني منها لبنان». وكرّروا «تمسّكهم بمبدأ الحوار» وأكدوا «أنه لا يجوز ربط انتخاب رئيس الجمهورية بأي شرط من الشروط أو بأي اتفاق مسبّق، حرصاً على الدستور والمؤسسات ومشروع بناء الدولة».
وأضاف البيان أنّ المجتمعين اتفقوا على النقطتين الآتيتين:
1ـــــ التفويض إلى رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري التحاور باسم قوى 14 آذار مع الرئيس نبيه بري لبحث السبل الآيلة إلى ضمان انتخاب رئيس للجمهورية في 13 أيار المقبل.
2ـــــ اعتبار اجتماعات الأمانة العامة لقوى 14 آذار مفتوحة حتى نهاية أزمة رئاسة الجمهورية.