سوريا دعت السنيورة عبر صلّوخ... والموالاة ترفض الحضور قبل انتخاب رئيسشُغلت الأوساط اللبنانية أمس بتحليل أبعاد وخلفيات الدعوة السورية الموجهة الى «السيد فؤاد السنيورة رئيس الحكومة في الجمهورية اللبنانية» من نظيره السوري محمد ناجي العطري للمشاركة في القمة العربية العادية المقررة في دمشق أواخر الشهر الجاري، وقد نقل هذه الدعوة وفد سوري برئاسة معاون وزير الخارجية أحمد عرنوس، زار بيروت أمس، الى وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ ليسلمها بدوره الى السنيورة بعد عودته من القمة الإسلامية المنعقدة في داكار.
وبرز موقف أميركي لافت عبر دعوة الدول العربية الى التروّي قبل اتخاذ قرار المشاركة في القمة العربية المقرّر عقدها في دمشق في أواخر الشهر الجاري بسبب المشاكل التي تعترض انتخاب رئيس جديد في لبنان. وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية شون ماكورماك «لا نريد السعي للإملاء على المشاركين طريقة تصرفهم (...) إلا أنهم عندما يفكرون بالمشاركة في اجتماع سوريا من الواضح أنه سيكون من مصلحتهم أن يبقى في ذهنهم الدور التي قامت به سوريا حتى الآن لمنع العملية الانتخابية في لبنان من المضي قدماً».
وتابع المتحدث الاميركي «أسجل أن الدعوة (إلى لبنان) وجهت الى السنيورة الذي يتولّى بحكم الأمر الواقع صلاحيات الرئيس بالوكالة»، مضيفاً «بإمكانكم أن تسألوني «لماذا هو رئيس انتقالي؟» لأنه لم تحصل انتخابات رئاسية في لبنان».
وكانت وزارة الخارجية السورية قد أعلنت في بيان لها أن عرنوس سلّم «وزير الخارجية اللبنانية المستقيل فوزي صلوخ دعوة لبنان إلى حضور القمة العربية. وقد أشار معاون وزير الخارجية خلال اللقاء الى أنه نظراً للفراغ الدستوري الحاصل في رئاسة الجمهورية اللبنانية، فإن سوريا سترحّب بمن يختاره لبنان لتمثيله في القمة العربية بدمشق».
وأكد عضو مجلس الشعب السوري محمد حبش في حديث إلى تلفزيون «anb» أن «أي لبناني يحظى بتكليف اللبنانيين لتمثيلهم وحضور القمة العربية سيكون محل ترحيب في سوريا». وقال «أهلاً وسهلاً ومرحباً بأي شخص يوفده اللبنانيون إلى سوريا لتمثيل لبنان في القمة». ورأى أنّ «من الطبيعي أن تكون الدعوة للبنان مختلفة في الشكل، إذ إنها توجه عبر رئيس الوزراء». وأكد «أن اختلاف وجهات النظر في لقاءات القمم أمر طبيعي» متوقعاً حصول مشادّة في قمة دمشق مثل المشادة التي حصلت في داكار، ومعتبراً «أن المطلوب ليس لقاءً تنافقياً بل صريح». وشدد على «أن وجهة نظر سوريا مختلفة مع وجهة نظر الحكومة اللبنانية وهذا ليس سراً»، معرباً عن شعوره بأن «هناك خطراً على لبنان وبالتالي على سوريا».
وقال وزير الاتصالات مروان حمادة لـ«الأخبار» إن فريق الموالاة لن يتخذ قراراً في شأن تلبية الدعوة الى القمة قبل أن يبتّ أمر انتخاب رئيس الجمهورية الجديد. وأشار الى «جهد عام محلي وعربي يبذل الآن من أجل تأمين انتخاب هذا الرئيس قبل موعد قمة دمشق».
ورأى حمادة في تصريح آخر أن الخطوة السورية بتسليم صلوخ دعوة لبنان الى القمة العربية «تحوي كثيراً من المغالطات»، معتبراً أن «الدعوة خاطئة، فهي باسم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة فيما يفترض أن توجه إلى جمهورية لبنان ورئيس جمهورية لبنان». وأكد «وجود توجيهات من السنيورة إلى صلوخ بتسجيل تحفظ على طريقة أخذ الدعوة عند تسلّمها» مشدداً على أن «لبنان لن يشارك في القمة إلا برئيس منتخب للجمهورية». وأكد «أن الوزراء سيصوّتون ضد المشاركة إذا كانت الظروف كما هي اليوم وإذا كنا لا نزال نصطدم بحائط مسدود في انتخاب الرئيس وإذا غابت عن القمة العربية الدول التي تحمل راية لبنان وراية انتخاب رئيس لبناني في الموعد المقرر».
«تذاكٍ ولعب»
ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» من داكار عن مصدر حكومي لبناني قوله: «هذه الدعوة طبيعية حسب الأصول المتعارف عليها، مع الإشارة الى أنها تمّت عند مغادرة الرئيس السنيورة بيروت».
لكن محطة «إل. بي. سي» نقلت عن مصادر مرافقة للسنيورة إلى داكار قولها إن تسليم دعوة لبنان الى القمة العربية لوزير الخارجية المستقيل «تذاك ولعب على التناقضات وتركيز على الشكل لا على المضمون». ورأت أن «الدليل هو أن دمشق اختارت التوقيت الذي يكون فيه السنيورة مسافراً لتسليم الدعوة لوزير خارجية مستقيل هو في صف المعارضة، فيما لو صفت النيات لكان في إمكان سوريا أن تسلم الدعوة للسنيورة عن طريق نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الذي يمثّل بلاده في القمة الإسلامية في داكار والذي صافح السنيورة داخل قاعة الاجتماعات».
وفي المقابل، ذكرت قناة «المنار» أن أوساط رئيس المجلس النيابي نبيه بري وجدت في الأسلوب السوري لدعوة لبنان إلى القمة «أمراً طبيعياً» معتبرة أن «الخطوة السورية كانت مخرجاً ذكياً لأزمة توجيه الدعوة وفق الأصول المتبعة». وأشارت إلى أن «الكرة أصبحت في ملعب الفريق الحاكم لتقرير المشاركة في القمة العربية أم لا»، مذكّرة بموقف بري الذي كان قد أعلنه قبل أسبوعين بأنه لا يمانع مشاركة السنيورة في قمة دمشق «لأن الحكومة حكومة أمر واقع على الرغم من عدم شرعيتها».
وشددت أوساط بري على «ضرورة عدم تكرار تجربة تمثيل لبنان في القمة الإسلامية في داكار حيث ذهب السنيورة من دون العودة الى حكومته، في مخالفة واضحة للدستور الذي يحتم عليه العودة إلى هذه المؤسسة حتى لو افترض أنه يمارس صلاحية رئيس الجمهورية». وكشفت أن أسلوب توجيه الدعوة نُسِّق سورياً مع جامعة الدول العربية، وأشارت الى أن تصريف الأعمال الذي يقوم به صلوخ «يخوّله إيصال الدعوة السورية إلى مجلس الوزراء اللاشرعي بحكم عدم قبول استقالته حتى اللحظة».
وعُلم أنّ صلوخ سيسلّم الدعوة السورية الى السنيورة «بالبريد كما هو حاصل في المراسلات بين الجانبين منذ استقالة صلوخ».
«ربيع بيروت»
من جهة ثانية، تعقد قوى 14 آذار اليوم مؤتمرها الأول في الذكرى الرابعة لنشوئها تحت عنوان «ربيع بيروت» وتطلق خلاله وثيقة سياسية تحدد فيها مواقفها ونظرتها إلى مستقبل لبنان في ضوء النزاع الدائر بينها وبين فريق المعارضة.
وقالت مصادر نيابية في 14 آذار لـ«الأخبار» إن الوثيقة «تطرح نقاشاً بين نظرتي الموالاة والمعارضة إلى لبنان» فتؤكد الموالاة أن نظرتها إلى لبنان مختلفة عن نظرة المعارضة، وهي تقول بأن «لبنان هو بلد التنوّع والتعدّد والانفتاح وأن موقعه هو في قلب العالم العربي المعتدل وأن الدولة هي الضامنة للجميع وأن السلاح ينبغي أن يكون في يد الدولة». وتشير إلى أن موقف المعارضة مخالف لهذه «النظرة الموالية». ووصفت المصادر الوثيقة أيضاً بأنها «مبادرة فكرية ـ سياسية للعودة إلى إعلاء مصلحة لبنان وتكويناته ووضع بناء الدولة فوق أي اعتبار آخر». وتشدّد على «بناء الدولة المدنية الحديثة المتحررة من القيود الطائفية والتي تلغي التناحر بين الطوائف»، كما تدعو إلى «تجاوز الدولة الطائفية الزبائنية التي تضرب الاقتصاد الفعال والعدالة والمساواة بين المواطنين».