لم يرشح أي معطى عما دار في اللقاءات الجانبية في قمة دكار حول المساعي العربية والإيرانية الجارية لإنهاء الأزمة التي تعتري العلاقة السورية ـ السعودية بما يؤدي الى انفراج قبل القمة العربية المقررة في دمشق. وبدا أن الجميع في الداخل والخارج ينتظرون عودة الوفود المشاركة في القمة الى بلادها حتى يظهر الى العلن ما أنتجته تلك اللقاءات وما سيعقبه من خطوات في الأيام المقبلة بين العواصم المعنية بالمساعي.وفي انتظار اتخاذ الرئيس فؤاد السنيورة قراره النهائي بشأن المشاركة في القمة العربية أو عدمها، أظهر ممثلون لقوى 14 آذار في مؤتمرهم امس في بيروت رغبة واضحة في عدم تلبية الدعوة، باستثناء الرئيس أمين الجميّل الذي رأى وجوب المشاركة فيها، فيما أكد آخرون أن هذا الأمر سيدرس في مجلس الوزراء لاتخاذ موقف نهائي وحاسم في شأنه، ولا سيما أن هناك عدة وجهات نظر، والجميع ينتظر بصورة خاصة عودة النائب سعد الحريري من السعودية حيث يجري مشاورات تتصل بزيارة ولي العهد سلطان الى قطر ومشاوراته مع قيادتها حول ملف لبنان والعلاقات مع سوريا.
وكانت لافتةً دعوة وثيقة قوى السلطة التي تُليت في المؤتمر الى طيّ صفحة الماضي مع سوريا وتطبيع العلاقات معها، «وذلك بعودة النظام السوري الى الحظيرة العربية بعدما تحول الى حصان طروادة بمواجهة العالم العربي».
في هذه الأثناء أعادت القمة الإسلامية «تأكيد دعم المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية ودعوة القيادات السياسية اللبنانية الى إنجاز انتخاب المرشح التوافقي في الموعد المقرر والاتفاق على أسس تأليف حكومة الوحدة الوطنية في أسرع وقت ممكن بما يمنع التداعيات الناجمة عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان وبما يمنع الانقسامات».
لكن تطورات أخرى كانت تجري في باريس، حيث أفيد أن ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن أجرى مشاورات مع المسؤولين الفرنسيين، وذلك قبل تقديم تقريره في شأن تطبيق القرار 1559 إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المقرر في 24 الجاري، وجاءت هذه الزيارة بعد أيام من عودة نائب مدير دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية لودفيك بوي من لبنان، حيث أجرى محادثات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين تركزت على انعكاسات المأزق الدستوري على قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب اللبناني. وقال لارسن لـ«الأخبار» إن زيارته لباريس تهدف إلى التشاور قبل تقديم تقريره، رافضاً التعليق على ما آل إليه الملف الرئاسي وتأثيره على تقريره.
إلا أن مصادر متابعة لهذا الملف أكدت أن الانتخابات الرئاسية اللبنانية هي في قلب المحادثات الدائرة حول العالم، مشيرة إلى أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي أعلن فيه انطلاق المحكمة الدولية، يصبّ في رزمة الضغوط الهادفة إلى تجاوز عقدة انتخاب رئيس للجمهورية.
ورداً على سؤال لـ«الأخبار»، أكدت الناطقة الرسمية لوزارة الخارجية باسكال أندرياني أن باريس «ليس لها أن تقرر من يذهب إلى القمة»، مشيرة إلى أن موقف فرنسا معروف، وهو مرتبط بموعد 25 آذار المقرر لانتخاب رئيس جديد، مضيفة أن باريس «تتمنّى انتخاب الرئيس في هذا الموعد»، وأكدت مصادر قريبة من لارسن أن بان كي مون «يعمل بقوة وعزم» في محاولة أخيرة «لإجراء الانتخابات الرئاسية خشية انعكاس فشل القمة العربية سلباً على مجمل المنطقة بشكل غير مضبوط يؤدي إلى فوضى تمسّ تداعياتها اليونيفيل».
وذكرت مصادر عربية في باريس أن النقاط الثلاث الواردة في المبادرة العربية «لم تعد تمثِّل رزمة واحدة مطلوباً تنفيذها قبل الخامس والعشرين من هذا الشهر، ما يعني أن العمل جارٍ لانتخاب رئيس بصورة عاجلة على أساس التوافق بعد القمة العربية على تأليف الحكومة وقانون الانتخاب».
ساترفيلد
والى ذلك شكك كبير مستشاري وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد في إمكان نجاح القمة العربية المقبلة بسبب ملف لبنان. وقال «نجد صعوبة في رؤية كيف يمكن أن تكون القمة العربية ناجحة في وقت تعرقل فيه سوريا انتخاب رئيس للبنان، لكن القرار المتعلق بمستوى التمثيل في هذه القمة تقرره الجامعة العربية والدول الأعضاء».
وعن إرسال بلاده بوارج حربية إلى السواحل اللبنانية، قال ساترفيلد «إن الولايات المتحدة تنشر قواتها حول العالم ومن ضمنها منطقة الشرق الأوسط للدفاع عن مصالحنا وحماية حلفائنا وأصدقائنا والدفاع عن مصالحهم، ويجب أن يُنظر إلى الانتشار العسكري من هذه الزاوية على أنه إشارة لحماية وتقدم مصالح حلفائنا وأصدقائنا في المنطقة والتصدي للدول التي تعارض هذه المصالح».