الحريـري يحشـد بغضـب لذكـرى والـده وعـون يسـأله: تذهـب إلى الحـرب وتدعـونا إلى الحـوار؟
«يدعو إلى الحوار ويبلغنا أنه ذاهب إلى الحرب». بهذه الكلمات علّق العماد ميشال عون على كلام النائب سعد الحريري المفاجئ في حدّته أمس، والذي تضمّن هجوماً غير مسبوق على المعارضة بما يتجاوز الخلاف السياسي، وصولاً إلى خلق مناخ لا يوحي بأن ما يمثّله الحريري يريد تسوية سريعة. وهو ما انعكس على محادثات الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي باشر أمس سلسلة من الاتصالات لفحص إمكان إيجاد مخرج للأزمة المتمحورة برأيه حول البند الثاني من المبادرة الذي يتناول ملف الحكومة المقبلة.
وذكرت مصادر مطلعة أن موسى جاء في مناخ لا يوحي بقرب تحقيق انفراج. وبرغم أنه لم يتحدث تفصيلاً عن اجتماعه مع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش قبل مجيئه إلى بيروت، فإن قوى المعارضة شبّهت اللحظة بما حصل في فرنسا يوم انطلقت مبادرة الحوار بين عون والحريري، حيث تبيّن أن تدخل ولش ثم رئيسته كوندوليزا رايس أدى إلى تعطل المبادرة.
وقالت المصادر إن موسى حمل إلى اجتماعات عدة عقدها أمس مع قادة في المعارضة والموالاة، أفكاراً جديدة عن البند الحكومي بينها ما يدعو الى خفض حصة المعارضة الى 9 مقاعد وحصة الموالاة الى عشرة مقاعد ورفع حصة رئيس الجمهورية الى 11 وزيراً، واقتراح آخر يدعو الى أن تتضمّن حصة رئيس الجمهورية وزراء يمثّلون سياسياً المعارضة أو الموالاة بما يحقق الضمانات بعدم سيطرة فريق على الحكومة.
ورغم أن موسى طلب أن يجتمع اليوم مباشرة مع عون والحريري الذي سيرافقه الرئيس أمين الجميّل، فإن العماد عون أبلغه بأنه يريد الاجتماع به قبل الاجتماع الرباعي للاستماع منه الى جدول الأعمال والى الجديد من أفكاره. وذلك «لأن لعبة الأرقام هي لعبة احتيال هدفها حذف حقوق للمعارضة، وهو أمر مرفوض مسبقاً ولن نقبل بأي صيغة مبهمة» كما قال عون لـ«الأخبار»، وأضاف: «أخشى أن تكون مهمة موسى هي لختم ملف المبادرة وهو يريد مخرجاً لإعلان أن فريقاً عطّل المبادرة وأنه يسعى الى تحميل المعارضة هذه المسؤولية».
وشملت لقاءات موسى أمس على التوالي المرشح الرئاسي العماد ميشال سليمان، النائب ميشال المر، الرئيس نبيه بري، قيادة حزب الله، الرئيس فؤاد السنيورة والنائب الحريري.
وقالت المصادر إن بري أوضح لموسى أن صيغة المثالثة في التوزيع الوزاري بين الموالاة والمعارضة ورئيس الجمهورية هي الصيغة الممكنة. ولاحظت المصادر أن هذه الصيغة ليست مقبولة عند الطرف الآخر. ورأت أن المبادرة ما تزال متعثرة، وأن ما يطرحه موسى من أفكار «سيكون مبرّراً» لتأجيل جلسة انتخابات الرئاسة المقررة الاثنين المقبل. وأكد بري إثر خلوة دامت ساعة ونصف ساعة بينه وبين موسى حرصه على المبادرة العربية «باسم كل المعارضة في لبنان»، مشيراً إلى أن ذلك «تأكّد خلال اللقاء التلفزيوني للسيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون».
وقال: «ما دام هناك إجماع على نقطتين على الأقل هما: إجماع على المبادرة العربية، وعلى المرشح التوافقي لرئاسة الجمهورية، فلماذا لغة التهديدات والتصعيد؟ علماً بأنه إذا كان الهدف المشاركة في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري فإن هذه المناسبة كانت ولا تزال مناسبة وطنية جامعة لكل اللبنانيين، وخير ما يمكن أن نقوم به في هذه الذكرى هو السعي الحثيث للتوصل إلى التوافق لأن الرئيس الحريري لم يستشهد لنفسه».
هجوم عنيف
وفي إطار الاستعداد لاحتفال ينظمه تيار «المستقبل» بمشاركة قوى من 14 آذار في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، عقد الحريري الابن مؤتمراً صحافياً شنّ فيه هجوماً عنيفاً على المعارضة وعلى سوريا وإيران، ودعا الى المشاركة في الاحتفال لكي «لا يكون لبنان ساحة أحلام أبدية للنظام السوري». وأعلن أن طريق انتخاب رئيس للجمهورية تمر في بيروت والمجلس النيابي تحديداً لا في دمشق أو طهران، مؤكداً أن قوى14 آذار «لن تقف مكتوفة أمام لائحة الممنوعات الموضوعة من الفريق الآخر»، وأشار الى أنه إذا كان «قدرنا المواجهة فنحن لها».
واتهم الحريري المعارضة بعرقلة وتعطيل مهمة موسى «في سياسة باتت مفضوحة لإخماد أي بارقة أمل في الانفراج». وأكد «أن مسيرة المحكمة الدولية لن تتوقف وهي مستمرة بقوة وتتحرك نحو الهدف الذي قامت من أجله، وأن المجرمين القتلة سيقفون يوماً وراء قضبانها ليواجهوا باسم لبنان وكل العالم القصاص العادل»، وتحدث عن «مواجهة مباشرة ومكشوفة، مع المشروع السوري ـــــ الإيراني المشترك وأدواته المحلية، لوضع اليد على لبنان من جديد، وفرض الحصار الإرهابي والأمني والسياسي على مؤسساته الدستورية». وقال «نحن أمام وجود سياسي وأمني وإرهابي مقنّع للنظامين السوري والإيراني في لبنان».