أثارت سابقة إعلان استقلال إقليم كوسوفو الصربي من جانب واحد بلبلة في أوروبا والعالم، حيث أعرب عدد من الدول عن نيته عدم الاعتراف بالدولة الوليدة، خشية تنامي حدة النزعات الانفصالية، وخاصة في القارة العجوز، حيث بدأ بعض الأقاليم يجاهر بنيّاته الاستقلالية، مدعوماً بتلويح موسكو بـ«إعادة هيكلة علاقاتها مع الأقاليم التي تطالب بالاستقلال» (التفاصيل).وفيما سارع الرئيس الأميركي جورج بوش إلى الإقرار بأن «الكوسوفيين باتوا مستقلّين»، لم يفلح اجتماع وزراء خارجية الدول الأوروبية في الخروح باعتراف جامع بالدولة الجديدة، فترك لكلّ دولة حريّة القرار. وتخطّى الانقسام الحدود الأوروبية، ليطال جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق والصين، فيما كان لافتاً الصمت العربي الرسمي عن الموقف من الدولة الجديدة، إذ لم تحدّد أي من الدول العربية طريقة تعاطيها مع الكيان الناشئ، وهو ما ردّه مراقبون إلى مخاوف غالبية الدول العربية من مطالبات استقلالية قد تصدر عن الأقليات الطائفية أو العرقية فيها.
في هذا الوقت، باشرت صربيا «معركتها السلمية» لاستعادة الإقليم، فأعلن برلمانها «إلغاء الاستقلال». وفيما سعت الولايات المتحدة إلى احتواء الغضب الصربي عبر اتصال بين وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس والرئيس الصربي بوريس تاديتش، حذّر الأخير، خلال نقاش في مجلس الأمن الدولي، من أنّ انفصال كوسوفو يمثّل سابقة خطيرة سيحذو حذوها آخرون، وستسبب «ضرراً لا يمكن إصلاحه للنظام العالمي». وهو تحذير تزامن مع ذكر وكالة «بيتا» للأنباء أنّ بلغراد استدعت سفرائها المعتمدين في الدول التي اعترفت باستقلال، وأوّلهم السفير الصربي في الولايات المتّحدة.. ووجدت التحذيرات من صعود التيارات الانفصالية ترجمتها على أرض الواقع الأوروبي، حيث طالب الحزب الديموقراطي الصربي المعارض في البوسنة، باستقلال «الجمهورية الصربية»..
الأمر نفسه تكّرر في المجر وقبرص وإسبانيا وقبرص التركية، فيما يتوقع أن تنتقل النزعات إلى مولدافيا وروسيا والصين وفرنسا.