المعارضة تقبل باعتماد الـ3 عشرات شرط إرفاقها بضمانات... والموالاة ترفض وموسى يهدّد بعدم العودة
عشية عودة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى بيروت اليوم، في جولة جديدة من المشاورات مع القيادات اللبنانية لوضع المبادرة العربية موضع التنفيذ، حدّد العماد ميشال عون لـ«الأخبار» الإطار الذي يحمل المعارضة على الدخول في جولة جديدة محتملة من التفاوض مع الموالاة لحل الأزمة الداخلية. وإذ رأى أن الكلام عن اجتماع رباعي لا يعدو كونه «مجرد موعد مضروب حتى الآن ليس أكثر»، أبرز إصرار المعارضة على المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، مشيراً إلى أن الهدف هو المشاركة، والأرقام ليست إلا تحقيقاً لها.
وقال: «ما سمعناه من الرئيس فؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري لا يبشّر بالخير. هناك تراجع عما كان قد اتفق عليه سابقاً. منذ بدء المطالبة بتأليف حكومة وحدة وطنية، حاولت الموالاة أن تجعلنا نتنازل عن حقّنا في المشاركة في هذه الحكومة، بالحجم الذي يسمح لنا بالتأثير في قراراتها. وهذا يعني أنها لا تريد أن يكون لدينا ثلث ضامن، بل أن يكون وجودنا في الحكومة مجرّد حاضرين، لا وزراء، كي نصفّق لقرارات الأكثرية. وهذا ما لن يصلوا إليه. في كل ديموقراطيات العالم، عندما تكون هناك حاجة إلى تفاهم بين الموالاة والمعارضة لتطبيق مبادئ الحكم، فإنّ المبادر إلى ذلك هو القوى الحاكمة وليس المعارضة. لذلك أقول للموالاة إذا كانت راغبة في تحقيق المشاركة التي نطالب بها وجاهزة لها، فنحن جاهزون، وإلا فلا يتعبوا أنفسهم بتحديد مواعيد اجتماعات. إذا كان رفضهم الحالي للتسوية مناورة ظرفية يحضرون بعدها الاجتماع، فأهلاً وسهلاً بهم أيضاً. أما إذا كانوا سيأتون من أجل رفض التسوية والمشاركة، فأنصحهم بأن يلزموا بيوتهم ولا يأتوا أبداً».
وإزاء ما يتردد عن تباين في مواقف قادة المعارضة من المشاركة ومن المثالثة والثلث الضامن، قال عون: «أنا ألتزم تأمين المشاركة، والعدد لا يمثل إلا أسلوباً لتأمينها. فإذا كانت المثالثة مع بعض الضمانات تؤمن هذه المشاركة، فنحن معها. الأساس بالنسبة إلينا المشاركة لا العدد. التباين مشروع داخل المعارضة، إلا أنها في نهاية المطاف تتوصل إلى رؤية مشتركة وتتوافق على ما تريده».
وما هي الضمانات التي يطالب بها، قال عون: «أوّلها وأقواها التزام رئيس الجمهورية باعتماد سياسة التوافق في كل البنود المنصوص عليها في المادة 65 من الدستور التي تتطلّب نصاب ثلثي مجلس الوزراء لإقرارها. وهذا الضمان يحقق بالتأكيد المشاركة. هناك أيضاً التوازن في توزيع حقائب حكومة الوحدة الوطنية في الحقائب السيادية والرئيسة وحقائب الخدمات، وكذلك قانون الانتخاب وفق قانون عام 1960، وبعض البنود المتصلة بما ينبغي أن يتضمنه البيان الوزاري».
وعمّا إذا كان يشعر بأن رد فعل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على اغتيال عماد مغنية وتلويحه بحرب مفتوحة يربكه سياسياً وفي أوساط المسيحيين وأنصاره، قال عون: «بالتأكيد، لا يربكني. لأنه أولاً ينبغي أخذ كلام السيد نصر الله بمجمله لا بشكل مجتزأ. أي إذا أرادت إسرائيل أن تكون هناك حرب مفتوحة وبالشروط نفسها فلتكن. وهذا لا يعني أن ما قاله نصر الله أنه ستكون هناك حرب مفتوحة. إذا هي شرطية، وتالياً الأمر منوط بإسرائيل. لكن ما قاله مرتبط بحق الدفاع عن النفس الذي هو حق مشروع لكل إنسان، بل ممنوع حرمان الفرد أو الحزب أو أي كائن حقاً مشروعاً له في الدفاع عن نفسه. وبصرف النظر عن لهجة السيد نصر الله، فأنا أعتقد أن من حقه الدفاع عن نفسه المنبثق من حقه الطبيعي، وخصوصاً أن القادة الإسرائيليين قالوا مراراً إنهم يطلبون رأس قادة حزب الله، وأمينه العام بالذات المطلوب بالنسبة إليهم بحراً وبراً وجواً».
أضاف عون: «البعض رأى الجريمة، والآن يريد تكبيل يدي السيد نصر الله في حقه في الدفاع عن نفسه لردع المعتدين عليه، وتحميله شعوراً بالذنب وهو أنه يريد حرباً مفتوحة، الأمر الذي يخدم العدو، وفات هذا البعض أن إسرائيل هي التي غيّرت قواعد اللعبة».
وهل يعتقد أن موقف نصر الله يخلّ بورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر؟ أجاب العماد: «أميّز بين البنود التسعة من ورقة التفاهم وبين البند العاشر المتعلّق بإسرائيل. البنود التسعة الأولى المتعلقة بقضايا اللبنانيين والدولة اللبنانية وسوريا والفلسطينيين تظهر يوماً بعد آخر أنها أثبت. صارت أقوى بعد أحداث الشياح ـــــ مار مخايل، وصارت أقوى كذلك بعد استشهاد مغنية، وأكدت صواب هذا التفاهم وتعاون اللبنانيين وتعاضدهم. أما بالنسبة إلى البند العاشر، فإن المبادئ العامة التي وضعت في ظله تتركز على أن سلاح المقاومة قائم من أجل تحرير الأرض المحتلة ودرء الأخطار، وينتهي دوره عند إنجاز التحرير وزوال الأخطار تلك، بصرف النظر عما يحدث في المرحلة الواقعة ما بين هذه الضرورة ونهايتها، والتي قد تتخذ أشكالاً مختلفة للوصول إلى هذا الهدف. لكن المبادئ العامة تستمر سواء حصلت الحرب أو لا، لأن المطلوب هو تحرير الأرض وإزالة الأخطار بصرف النظر عن المكان والزمان. وهنا أتساءل عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية بعد استشهاد مغنية. لا شيء. لا تقدم على أي خطوة، ولا تدافع عن لبنان واللبنانيين، ولا تعطي صاحب الحق حقه المشروع في الدفاع عن النفس. ماذا فعلت للراعي الذي قتل في الجنوب على أيدي الإسرائيليين، وللمواطن الذي قتل في الشمال على أيدي سوريّين؟ لا شيء. لا تريد أن تحمي، ولا أن يحمي أصحاب الحق أنفسهم بأنفسهم. حبذا لو أن الحكومة وجهت مذكرة إلى سوريا، عبر المجلس الأعلى اللبناني ـــــ السوري ما دام قائماً حتى الآن ولم يُلغَ، تسأل فيها عن نتائج التحقيقات التي أجرتها في الانفجار الذي أدى إلى استشهاد مغنية».

هل يحضر موسى؟

في هذه الأثناء، كان مساعد الأمين العام للجامعة العربية السفير هشام يوسف يحاول الحصول من فريقي الموالاة والمعارضة على مادة متقدّمة للبحث، ما يسمح لموسى بالعودة سريعاً إلى بيروت. وقد سأل عن هذا الأمر مباشرة، وقال إنه سمع من الطرفين الترحيب ولكنه لم يكن بمقدوره التوصّل إلى صياغة أفكار توافقية متقدّمة بين الجانبين.
وعُلم أنّ المعارضة قدّمت إلى مساعد يوسف أول من أمس أفكاراً تتعلق بالبيان الوزاري والضمانات حيال احترام مواد دستورية تضمن المشاركة للجميع واحترام المناصفة في الوظائف بين المسيحيين والمسلمين، إضافة إلى إقرار سياسي مسبق لقانون الانتخابات المقبلة على قاعدة قانون عام 1960. وسمعت المعارضة أمس جواباً سلبياً نقله يوسف، ولا سيما لتثبيت المناصفة في البيان الوزاري لأنها واردة في الدستور. كما رفضت الموالاة مبدأ التوزيع للحقائب على أساس الـ3 عشرات، لأنّها ترى في مبدأ المثالثة ضرباً للدستور. وأعربت الموالاة عن موافقتها على اعتماد القضاء، لكن دون التمسّك مسبقاً بقانون 1960 لأنّها ترى في ذلك تجاوزاً لصلاحيات مجلس النواب. كذلك رفضت طلب ضمانة رئيس الجمهورية لعدم إقرار البنود الميثاقية خارج توافق الثلثين، ورأت في هذا الطلب تجاوزاً لسلطة مجلس الوزراء.
وأبدت مصادر في الأكثرية تشاؤماً، ولم تخفِ خشيتها من أنّ موسى قد لا يأتي إلى بيروت، وبالتالي فإنّ جلسة الـ26 من الشهر الجاري قد تتأجّل إلى الأسبوع الثاني من آذار المقبل.