لم يتمكن التحالف السعودي في اليمن من إحداث أي اختراق عسكري في محافظة تعز بعد أكثر من شهرين من إعلانه معركة «تحرير تعز» التي حشد لها إمكانيات عالية وتمويل كبير ومقاتلين من جنسيات مختلفة، بما فيهم مرتزقة من شركة «بلاك ووتر»، إلى جانب المجموعات المسلحة التابعة لحزب «الإصلاح» (الإخوان المسلمون) وتنظيم «القاعدة» والمقاتلين الموالين للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي من الجنوب، في وقتٍ حقق فيه الجيش و«اللجان الشعبية» تقدماً كبيراً في المحافظة، على وقع الضربات الموجعة التي سدّدها لقوات الغزو غربي تعز.
عوامل عدة تسبّبت في فشل العدوان في السيطرة على المحافظة الاستراتيجية التي ربما كان وضع اليد عليها يمثل مرتكزاً لإعلان وقف الحرب. من هذه العوامل، النزاع السعودي الاماراتي حول هوية المجموعات المقاتلة على الارض. ففيما تعدّ تعز حاضنة لحزب «الإصلاح»، ترفض الامارات تمكين المجموعات المسلحة التابعة لـ«الاخوان» في اليمن، لا سيما في معركة استراتيجية كمعركة تعز.
عسكرياً، تعثّرت قوات «التحالف» في تعز التي توزعت المعارك فيها على أربع جبهات. أولاً، جهة جنوبي غربي المحافظة، حيث تركزت المعارك في منطقتي ذو باب والعمري، ثم توزعت المعارك في الجنوب على الوازعية والمسراخ، ومن الشرق على الراهدة، إضافة إلى الجبهة الداخلية السابقة شرقي مدينة تعز، أو ما يسمى «جبهة الضباب».
في جبهة ذو باب والعمري، لم تستطع قوات «التحالف» أن تتقدم ولا أن تحكم السيطرة على مديرية ذو باب التي كانت تسيطر سابقاً على بعض المناطق فيها، مثل شعب الجن وسواحل باب المندب من جهة خليج عدن. ونفذت خلال تلك المدة، منذ إعلان بدء «معركة تعز»، عشرات الهجمات المسنودة بالقصف الجوي والآليات المدرعة الحديثة على جبال ومعسكرات العمري، لكنها باءت كلها بالفشل. وفي حديث إلى «الأخبار»، أكد مصدر عسكري أن مخططات تقدم بوارج العدوان على سواحل المخا وذو باب غرباً، باءت كلها بالفشل، بعد استهداف أكثر من ثماني بوارج وزورقين بصواريخ الجيش و«اللجان الشعبية». وأكد المصدر أن جبهة ذو باب والعمري كبّدت قوات «التحالف» والمسلحين خسائر فادحة، قد تكون هي الأكبر خلال تلك المعارك. وأضاف «الضربات الصاروخية المستمرة على تجمعات قوات الغزو والمرتزقة، وأبرزها ضربة توشكا الأخيرة التي أجهزت على معسكر قيادة وتجمع تلك القوات في شعب الجن وأدّت إلى مقتل 150 جندياً ومسلحاً، ساهمت بشكل رئيسي في إفشال جزء كبير من المخطط».
وفيما كان من المقرر، بحسب خطة «معركة تعز»، أن يتم غزو المحافظة من جهة الشرق عبر التقدم من كرش التابعة لمديرية الشريجة في محافظة لحج باتجاه السيطرة على الراهدة والتقدم إلى ماوية ومن ثم مدينة تعز، أسفرت تلك المعارك عن نتائج عكسية لمخططات العدوان، حيث تقدم الجيش و«اللجان الشعبية» الذين كانوا قد انسحبوا من لحج في وقت سابق، وسيطروا على الشريجة بالكامل إضافةً إلى تطهير مديرية القبيطة. ويشير المصدر العسكري إلى أنه إضافة إلى عدم إمكانية قوات «التحالف» التقدم من تلك الجبهة باتجاه تعز، فإن قاعدة العند وتجمعات القوات والمرتزقة في لحج باتت في مرمى نيران الجيش و«اللجان الشعبية»، وهو ما يفسر نجاح القوة الصاروخية في استهداف تلك التجمعات بضربات صاروخية مكثفة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
أما جبهة الوازعية جنوباً، فهي تعدّ أصعب الجبهات. وبحسب المصدر العسكري، فإنها حالياً تشهد هدوءاً نسبياً، بعد فشل عشرات المحاولات لإحداث اختراق فيها. وعلاوة على صعوبة جغرافيتها الجبلية، فإنها تحوي حاضنة شعبية للجيش و«اللجان الشعبية» مختلفة إلى حدّ كبير عن بعض المناطق في تعز، وبالتالي يصعب على قوات «التحالف» ومرتزقتهم التقدم على المعافر وحيفان.
وقد حقق الجيش و«اللجان الشعبية»، خلال اليومين الماضيين، تقدماً كبيراً في جبهة الضباب، بعد تعثر مقاتلي «الإصلاح» و«القاعدة» لشهور فيها. وتمكن الجيش و«اللجان» من طرد المسلحين من جبل سنا وعدد من التباب (التلال) المجاورة، واغتنموا عدداً من الآليات والأسلحة، في ظل استمرار التقدم في الجبال المطلة على الشقب في مديرية صبر الموادم.
وفي هذه الأثناء، أكد مصدر محلي لـ«الأخبار» أن غارات لطائرات العدوان استهدفت مواقع مسلحي «الإصلاح» و«القاعدة» في منطقة حدة الشقب في مديرية صبر الموادم، أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من مقاتليهم. من جهته، أكد مصدر عسكري أن عدد الذين قتلوا أمس في صبر الموادم بالغارات التي شنّتها طائرات العدوان السعودي تجاوز 40 قتيلاً وأكثر من 100 جريح، لافتاً إلى أن إعلامهم يحاول التغطية ويروّج لكونها ناتجة من الخطأ، فيما ربط ناشطون موالون للعدوان وآخرون مناهضون له تلك الحادثة بصفقة غير معلنة بين الإمارات والسعودية، ترجمتها لقاءات زعيم ميليشيات «القاعدة» و«الإصلاح»، حمود المخلافي، بالإماراتيين وبالرئيس الفار عبد ربه منصور هادي في عدن خلال الأسبوع الماضي، والتي نتج منها سفر المخلافي إلى الخارج بحسب مصادر مطلعة. وبحسب المصادر، فإن تلك الصفقة تقتضي إزالة تحفظات الإمارات على حزب «الإصلاح» في جبهة تعز، لا سيما أن جبهة الضباب تسيطر عليها المجموعات المسلحة التابعة لـ«الإصلاح».

استقدام كتيبة كويتية

وفي سياق منفصل، شهدت الجبهات الحدودية تطورات متسارعة خلال اليومين الماضيين، أبرزها تسعير الحرب الصاروخية. فبعد أقل من 48 ساعة على استهداف معسكر «الحرس الوطني» في نجران بصاروخ باليستي من طراز «قاهر 1»، أطلقت القوة الصاروخية للجيش و«اللجان الشعبية»، في ساعة متأخرة من ليل أول من أمس، صاروخاً باليستياً من نوع «قاهر 1» على شركة «أرامكو» السعودية في جيزان. وأكد مصدر عسكري في وزارة الدفاع أن الصاروخ أصاب هدفه بدقة عالية، متوعّداً بالمزيد من العمليات المماثلة.
وأعلنت البحرين مقتل اثنين من ضباطها في معارك «على حدود المملكة العربية السعودية»، وهما النقيب أحمد محمد أمين، والنقيب مبارك سعد الرميحي. إلى ذلك، تحدثت صحيفة «القبس» الكويتية عن إرسال الكويت كتيبة مدفعية إلى اليمن الأسبوع المقبل. وذكرت الصحيفة أن مجلس الوزراء «بارك في اجتماعه أمس (الاثنين) المشاركة في الدفاع عن أراضي المملكة، باعتبار أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمن كل دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي».