كأنها البارحة. انتهى العام بلمح البصر. القرّاء ينتظرون إطلالته وسط الضباب الكثيف. نحن نتربّص، لا بد من أن يمرّ بقامته المنحنية قليلاً في الممشى الطويل: لدينا أشياء كثيرة نناقشها، نستوضحها، نسمعها، نحكيها... الأصدقاء تغيّرت حياتهم، والعائلة الصغيرة تسأل أيضاً متى يعود؟ من كان يتصوّر أن نمضي عاماً كاملاً من حياتنا من دون جوزف؟ عاماً مثقلاً بالغياب في قلب الدوّامة التي يشهدها لبنان والمنطقة. «وفي الليلة الظلماء...» يفتقد الفارس المتوحّد الذي عبر عصره كنيزك، صاحب الخطاب السياسي المركّب والنظرة الإنسانيّة المنفتحة. لقد اختار دائماً الرهان الأصعب. أتقن الرقص في العتمة الدامسة، يحرّكه ضوء خفيّ بعيد. إنّه المتربّص الكئيب، طيفه يخيّم على المكان، يعبر حياتنا كل صباح، وآخر الليل قبيل إقفال العدد، كأنّه يدير الدفّة عن بعد.
«الأخبار» وصيّة جوزف. الجريدة التي نحاول يوماً بعد آخر أن نجعلها عند مستوى تطلعاته. كي نستحق التركة. وكي تستحق «الأخبار» جمهورها الآخذ في الاتساع والتنوّع. هذا الملحق أكثر من تحيّة وفاء، إنّه غمزة إلى أبو الزوز، لكي يطمئن إلى أن الأمور على ما يرام... رغم كل شيء!