صباح أيّوب
يتوجّه عمر إلى مكتبك بخطى سريعة، عيناه تبرقان، ووجهه يُنبئ بأنّ لديه «خبرية بدّا تكسّر الأرض»...
«وينو جوزف؟» لا تكاد يده تلامس مسكة الباب حتى يتنبّه للأمر. فيستدير، تحمرّ عيناه وتدمعان... «كنت بدي خبّرو خبريّة وكان رح ينبسط فيها!» يدور في أرضه، يتمتم، يعبس، ويعود أدراجه منهكاً.
في الممر الطويل هدوء تخترقه ابتسامة بعيدة.
وها نحن نستفيق كل يوم، نعاند العمل الجاف، نخاطب الصور أحياناً، ونخلق «سماحة» في كل لحظة ضعف أو قرار أو احتفال. كان ليفخر بهذا العدد، وكان ليغضب من ذاك.
نشهّد بعضنا على عبارات قُلتها يوماً ومرّت على مسامعنا من دون أن نتنبّه أنّها علقت وبقيت في الذاكرة حاضرة ومرفقة ببعض الحركات والنظرات ونبرات الصوت. مطبوع أنت في أذهاننا ذخيرة نواسي بها الأيام ونواجهها من بعدك.
وصلني للتوّ إيميل من بيار، هو في الصين واليابان والسند والهند... يجول في أقاصي الأرض علّ المسافة البعيدة تنسيه ما حصل فيعود محملاً بالأخبار و«الصرعات» لأبو الزوز يشاركه بها لحظة وصوله. لكن... دون جدوى.
الكلّ حَزن وافتقد وواجه. البعض وضعك صورة أمام عينيه مباشرة يستشيرك، يمازحك ويصبّ غضبه عليها أحياناً. والبعض غرق في العمل وتمسّك به استكمالاً لرسالتك وللمشروع الحلم.
اجتماعات لرفع المعنويات، وأخرى لملء الفراغ. الشباب يسألون عمّا كان رأيك بهم، من سيقود الأحلام الآن؟
... ما زلتُ أقرأ وأقرأ، لكنّي لا أفهم شيئاً. كمن انقطع لديه عصب الربط بين القراءة والجزء الأمامي من الدماغ. في أي مرحلة من المخطّط نحن؟ ماذا سيحصل الآن؟ من هي ميشال سيسون؟ ماذا قالت رايس لمساعدها في طريق العودة من فلسطين المحتلة؟ ما يعني ذلك؟ المحافظون الجدد «يسجّلون نقاطاً جديدة» كما يقولون في افتتاحياتهم، لكن أين؟ وكيف؟ ما كانت آخر هفوة لبوش أثناء زيارته الخليج العربي؟ إلى أين سيصل ساركوزي في سياسته؟ ماذا عن وضعه النفسي؟ لماذا لم تقبل «ياهوو» بعرض «مايكروسوفت» لغاية اليوم؟ في أي طور من «الحالة الجنبلاطية» نحن؟ ماذا عن انفجار الأمس؟ هل شاهدتَ «سكّر بنات»؟ ما رأيك؟
في الممر الطويل ضجيج عمل تريحه ابتسامة عريضة... صامتة.