في ضوء السجال الذي لن يتوقف حول حقيقة ما دار في الاجتماعين الرباعيين بين العماد ميشال عون ممثلاً المعارضة والنائب سعد الحريري والرئيس أمين الجميّل ممثّلين لفريق الموالاة، فإن مصادر قريبة من وفد الجامعة العربية، قدمت لـ«الأخبار» صورة مفصّلة عن المناقشات التي جرت والتي انتهت الى إحباط الأمين العام للجامعة عمرو موسى الذي شعر بأن أزمة الثقة كبيرة جداً ويجب العمل على إزالتها كي يصار الى ترتيب اتفاق. وتنشر «الأخبار» محضر الاجتماعين الى جانب بنود الاقتراح الذي قدمه موسى.افتتح موسى الجلسة الاولى مذكراً بأنه في 26 من هذا الشهر هناك جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وأتمنى أن نصل إليها بالتوافق، ثم طلب من الحضور البدء بالنقاش.
عون: نحن جئنا لنطلب المشاركة في الحكم، ولا نريد الانتصار على أحد، والبلد بحاجة الى كل الجهود في هذه المرحلة الخطيرة ونحن ننظر الى الأحجام في المشاركة الحكومية على أساس أننا في المعارضة نمثل 45 بالمئة من المجلس النيابي فيما تمثل الموالاة 55 بالمئة وذلك رغم القانون الانتخابي الجائر عام 2005. ولذلك يجب أن نتفق على قانون انتخابي جديد يكون من صلب أعمال الحكومة المرجوة فإذا أقررنا بمبدأ المشاركة تصبح البنود الباقية مجرد تفاصيل لذلك يجب ان نتفق على المشاركة قبل الدخول في أي موضوع آخر.
الجميّل: أنا مع المشاركة لكن لست مع مبدأ حكومة معارضة وموالاة وإلا فسنطالب بالمشاركة أيضاً بقرار الحرب والسلم وبسط سلطة الدولة على كل الاراضي اللبنانية.
الحريري: لنذهب الى صلب الموضوع. فالمبادرة العربية تنص على المشاركة لكنها كلمة مطاطة. فهناك فئة تمتلك سلاحاً ولا سلطة لنا عليها، ورئيس الحكومة يكلف بمرسوم من رئيس الجمهورية بعد الاستشارات. وبالتالي نريد المشاركة في كل شيء. نحن لسنا ضد إيران وسوريا لكن نصف الشعب اللبناني هو ضد الحرب. لكن السلاح الموجود الآن هو ضمن استراتيجية دفاعية سورية لا لبنانية.
عون: الموضوع هنا المشاركة وليس الاستراتيجيات.
الحريري: جنرال، هناك أحزاب تموّل من الخارج فكيف نتشارك معها. أما بشأن قانون الانتخابات فأنا مع القضاء ولكن لست مع قانون عام 1960، وعندما اعتُمد كان عدد النواب 99 وعدد المحافظات 5، بينما اليوم أصبح عدد النواب 128 وعدد المحافظات 8.
عون: هذا لا يغيّر من مبدأ القضاء، والعودة الى قانون 1960 هي بمثابة العودة الى شيء حقيقي من التمثيل الصحيح، عدد النواب حالياً مقسم على الاقضية لكن الفارق هو أن كل نائب ستنتخبه الفئة التي ينتمي إليها من دون تحكم فئة اخرى. الدستور يحل مشاكلنا التي ينتهي تعقيدها بالانتخابات النيابية.
الحريري: أوافقك، ولكنني أقول صراحة إن لدى المعارضة نوايا تعطيلية.
عون: عدنا الى الحديث عن النوايا.
الجميّل: المبادرة العربية لا تنص على قانون القضاء.
الحريري: شو بدكن كمان المغتربين يصوّتوا؟
الجميل: ما معنى كلام حزب الله بأن سلاحه أبعد من الحدود. والكلام عن المشاركة وقانون القضاء يعيق النقاش.
موسى: المعارضة تريد المشاركة المؤثرة، أما الموالاة فتريدها غير معطلة. وأنا أقترح أن نذهب نحو انتخاب رئيس جديد.
عون: الرئيس والحكومة كل لا يتجزأ.
موسى: لكن هل هناك خلاف على تعديل الدستور لأجل انتخاب الرئيس؟
عون: أفضّل استخدام عبارة «دون إشكال دستوري».
الجميل: كلا، أنا أطالب بتعديل الدستور.
عون: التعديل يمكن أن يدخلنا في متاهات تعيق انتخاب الرئيس.
الجميل: انتخابات الرئيس بدون تعديل الدستور خطرة ومنافية للدستور.
عون: لكن انتخاب العماد سليمان فيه خرق للدستور.
موسى: لنعد للبحث بقانون الانتخابات الصادر عام 1960.
الحريري: أرفض هذا القانون وبيروت يجب أن تبقى عاصمة موحدة من دون طغيان فئة على أخرى.
الجميل: قانون القضاء يسمح للطائفة الأرمنية بأن تؤثر على انتخابات بيروت والمتن وهذا مرفوض.
عون: في بيروت إجحاف في حق المسيحيين والأرمن، وكلامي هذا ليس من منطلق طائفي وهذا الأمر أرفضه عندما يطال أي طائفة لبنانية.
موسى: طيب، لنتحدث عن المشاركة في الحكومة، هناك معادلة 13+7+10 وأقترح أن يكون أي اتفاق على الحكومة صالحاً حتى الانتخابات النيابية، وتوجهات البيان الوزاري للحكومة الحالية يجب أن تكون في أساس البيان الوزاري للحكومة المرجوة.
الحريري: أريد أن يتضمّن البيان الوزاري أموراً واضحة مثل إقامة علاقات دبلوماسية فورية مع سوريا وإقفال فوري للمعسكرات الفلسطينية ولا سيما معسكر قوسايا الذي ليس فيه سوى عسكر وليس فيه لاجئون، إضافة الى ترسيم الحدود من الجنوب الى الشمال خلال شهر واحد، كما أريد أن ينص هذا البيان الوزاري على تطبيق القرارات الدولية لا فقط على احترامها كما تقول المبادرة العربية. أما البند المتعلق بسلاح حزب الله فإنني مع أن يخضع للحوار الداخلي. لكن أريد منع دخول السلاح لأي طرف داخلي كما أريد أن تضبط الدولة السلاح الموجود.
عون: وأنا أطالب بتضمّن البيان الوزاري عودة المهجرين ضمن الأولوية السياسية والمالية إضافة الى إقرار المجلس الدستوري.
الجميل: لا أريد فتح ملف المهجرين فليس من مال في الخزينة ونحن ندفع من اللحم الحيّ فإذا توافرت الأموال نفتح الموضوع.
عون: هناك أناس استفادوا من أملاك المهجرين طيلة 25 سنة والأنكى أنه تم التعويض عليهم.
الجميل: هذا الملف حساس وإذا فتح فسنطالب بفتح ملف وادي الذهب «وادي أبو جميل».
موسى: لنعد الى أمر المشاركة في الحكومة.
عون: يجب إعطاء الرئيس الحجم الكافي كي يستطيع تطبيق المادة 65 من الدستور وأن يكون التوافق من خلال الرئيس وهذا يعني عدم انحياز وزرائه الى أي طرف عند الاختلاف فيكون الرئيس بذلك ضامناً للتوافق في الحكومة.
موسى: أقترح تأليف حكومة من 30 وزيراً على أن نحقق التوازن من خلال توزيع الحقائب الأساسية.
الجميل: لا أوافق فهذا أمر مهين.
عون: تذكرون كيف منعت عنا وزارة العدل وأقصينا عن المشاركة في الحكومة الحالية فيما أعطيتموها للرئيس لحود الذي تتهمونه باغتيال الشهيد رفيق الحريري.
الحريري: أرفض الدخول في مثل هذه البازارات مع المعارضة، فنحن نمثل الأكثرية...
هنا يتدخل عضو وفد التيار الوطني الحر النائب نبيل نقولا مخاطباً الحريري: لا لستم أكثرية، هناك طعون أمام المجلس الدستوري فلو بت بها لتغيرت الاكثرية التي تزعمونها.
الحريري: أنت مطعون في نيابتك.
نقولا: وأنت أيضاً مطعون فيك.
الحريري: تهذب.
نقولا: أنت تهذب.
موسى: يا جماعة، ما الذي يحصل، أرجو من الحضور الكرام عدم الدخول في أحاديث جانبية، ونحن هنا للتوافق لا للكلام على أكثرية وأقلية.
تدخل عون وطلب من نقولا الهدوء ثم قال: أنا لا أريد أن أنتصر على أحد أو أن أقهر أحداً، لو استطعت تأمين الوحدة من خلال انتخاب العماد سليمان رئيساً فقط، لفعلت ذلك دون الدخول في كل هذا السجال.
الحريري: أرفض التوازن في توزيع الحقائب كما أرفض مبدأ المشاركة الحكومية والبحث في قانون الانتخابات وأقول هذا الكلام على مسؤوليتي وأرجو منك يا سعادة الامين العام أن تسجل هذا في المحضر.
الجميل: أنا أتمسك بالمبادرة لتأمين انتخاب فوري للرئيس أما الأمور الباقية فنبحث في حلها لاحقاً لذلك فإنني مع معادلة 13+10+7 وعدم إعطاء المعارضة الثلث المسقط.
الحريري: وأنا أيضاً مع معادلة 13+10+7 شرط عدم الدخول في بازارات توزيع الحقائب الرئيسية، ولست مع قانون 1960 لأنه يعطي حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني أكثرية نيابية في الانتخابات المقبلة.
موسى: أنا أقترح الاتفاق على معادلة 13+10+7 شرط أن يكون فيها وزيران من حصة الرئيس واحد منهما للمعارضة وآخر للموالاة.
الجميل والحريري: نرفض هذا الاقتراح كما نرفض معادلة 10+10+10.
وفي نهاية الجلسة الاولى شعر موسى بأن استمرار البحث سوف يقود الى مواجهة من دون نتائج، فقال: لديّ عرض لكم، هذه ورقة من 6 نقاط. أرجو أن تدرسوها نقطة نقطة، ونلتقي غداً على أمل أن يكون مع كل طرف إجاباته وموقفه النهائي.

جلسة الاثنين

بعد مزاح لتلطيف الأجواء عاود موسى الترحيب بالحاضرين، ثم طلب بدء النقاش من الاقتراح الذي قدمه الأحد للوفدين.
عون: لا لزوم للبحث بالفقرة 5 لأنكم رفضتموها، وأصر على انتخاب الرئيس دون إشكالات دستورية لذلك يجب أن نبحث موضوع الحكومة لنتمكن من الانتقال الى بحث البنود الاخرى، فإذا اتفقنا يجب ألا يكون توزيع الحقائب والمقاعد الوزارية على قاعدة المناصفة، وأقترح العودة الى صيغة 14+11+5. أما بالنسبة لقانون الانتخابات لعام 1960 فيجب إقراره في الحكومة بعد ثلاثة أشهر من تأليفها في الحد الأقصى ليصار الى اعتماده في الانتخابات النيابية المقبلة، كما أطالب بإنهاء ملف المهجرين عبر إعطائهم الأولوية السياسية والمالية وبت مصير المجلس الدستوري في المهلة ذاتها.
الجميل: نصر على تعديل الدستور، ونحن ضد البنود الأخرى ولا سيما مطالبة المعارضة بالثلث المسقط، لذلك لا لزوم للكلام على أي شيء إذا لم نتوصل الى حل. أما بالنسبة لقانون 1960 فقد أصبح عمره 50 سنة ولم يعد يصلح ليومنا هذا.
عون: بما أن كل مطالبنا لم تؤخذ بعين الاعتبار فلنلملم أنفسنا ونرحل.
الجميل يكرر: لن نقبل بالثلث المسقط ولا بقانون 1960.
الحريري: جنرال، لو كنت أنت المرشح فهل كنت تقبل بشروطك هذه. وأنا ضد قانون 1960 لأن هناك تغييراً ديمغرافياً قد حصل (تناقص عدد المسيحيين وتزايد عدد المسلمين في بيروت). هذا القانون هو لمصلحة الحركة والحزب والتيار. أما نحن فيجب أن نلزم أنفسنا بالمادة 65 من الدستور، كما يجب أن نطبق القرارات الدولية بعد تسميتها في البيان الوزاري.
موسى: المبادرة العربية واضحة يا شيخ سعد وهي تدعو الى إجراء مفاوضات على أساس تأليف حكومة وحدة وطنية مع اعتماد النسبية في توزيع الحقائب بداخلها. ثم توجه الى عون قائلاً: إنهم يرفضون صيغة 10+10+10 وإعطاء الثلث الضامن.
عون: خيارنا أن يكون لنا حق المشاركة وأن نكون مؤثرين داخل الحكومة وخصوصاً أن رئيسها سيكون من فريقكم.
الجميل: العماد ميشال سليمان هو مرشحكم وليس مرشحنا لذلك لا يمكن أن نعطي حق المشاركة للمعارضة.
الحريري: يجب أن يتضمن البيان الوزاري تطبيق جميع القرارات الدولية بما فيها المتعلق بالمحكمة الدولية الى جانب تحقيق شروط تنفيذ مقررات مؤتمر باريس 3.
عون: إذا لم نتوافق على الحكومة فلا لزوم لإكمال البحث بالبنود الاخرى، لا أعرف كيف أقنعكم بأننا نريد المشاركة لا التعطيل. يا إخوان، هناك مصائب إقليمية وأي خطأ منّا يمكن أن يوقعنا بمشاكل كبيرة. أنا ألتزم حدودي وما يمكنني أن أعطيه قدمته، ولديّ حلفاء وهمّي الاول والاخير هو جمع كل الوطن وليس تهميش أي فئة بل جمع الكل داخل الوطن.
الجميل: لقد تنازلنا عن النصف +1 مقابل الثلث المسقط والتوافق على العماد سليمان.
عون: سليمان يجب أن يكون الرئيس الذي سيضمن تنفيذ التوافق وليس رئيساً مع فئة ضد اخرى.
الجميل: لا أعرف فهو سيعمل بحسب ضميره وفي كل الاحوال «مش حرزانة نغير المعادلة لأننا سنبدأ بالتحضير للحملات الانتخابية بعد 9 أشهر من اليوم».
مساعد موسى: ما رأيكم بتغيير الأرقام.
أجاب الجميع: تبقى المعادلة نفسها.
موسى: لديّ طرحان، الأول اعتماد صيغة 10+13+7 مع تسمية وزير مقرّب من المعارضة في حصة رئيس الجمهورية ووزير ثان ينتقيه رئيس الحكومة. أما الطرح الثاني فهو اعتماد صيغة 10+13+7 مع ضمانة الرئيس باستعمال حقه في فرض الوفاق عند الاختلاف.
الجميل والحريري: نرفض هذين الطرحين.
الجميل لعون: ساعدنا مع حلفائك في هذه المهمة وتجاوز هذه التعقيدات من أجل انتخاب رئيس مسيحي الآن وإلا فقدنا هذا الحق. وأنا اتحدث الآن بلغة تخص المسيحيين، وأرجو أن يعذرني الحاضرون، ولكنني أتوجه الى العماد عون بوصفه مسؤولاً مسيحياً.
عون لموسى: أشكرك حضرة الأمين العام وسيكون حكم التاريخ علينا جميعاً، فكل منا فعل ما بوسعه للحل. ربما لم نتفق هنا نحن الثلاثة، ولكن ربما أيضاً وراءنا ثلاثون غيرنا «يخربطون»، نتمنى أن يبقى الوضع مضبوطاً من أجل مصلحة كل الشعب اللبناني.
الحريري: يجب أن تتفهموا هواجسنا ليس لأننا لا نريد المشاركة، لكن تعطيل مجلس النواب قد أخافنا. هناك شهداء سقطوا واتهامنا لسوريا باغتيالهم محق ويوازي اتهام حزب الله لإسرائيل بالوقوف وراء اغتيالهم.
موسى: غداً جلسة انتخاب الرئيس ولا أرى أي تقدم ما لم نتفق على الحكومة، وما من قوى على الأرض تستطيع أن تفعل أي شيء لتصحيح الأمور وأنا سأعرض بدوري على الاجتماع الوزاري العربي ما حصل معي هنا وكيف عطل تأليف الحكومة. وأنا أفضل ان أطلع الرأي العام في لبنان على ما قمنا به وأقترح نشر الورقة التي اقترحتها عليكم الأحد.
الجميل: أرفض نشر محاضر الاجتماعات لأنها تديننا وتبيّن كأننا نحن من لا يريد المشاركة. كان الاتفاق في الاساس على غير هذا. وسيظهر الأمر كأن الورقة هي اقتراح من الجامعة العربية ونحن رفضناها.
موسى: لو لم يكن موضوع المشاركة هو الاساس لما كان العماد عون معنا هنا اليوم.
وعندها بدا أن المهم رفع الاجتماع وهذا ما حصل.

نص اقتراح موسى


تضمنت ورقة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الاتي:
1ـــــ انتخاب ميشال سليمان رئيساً للجمهورية دون تعديل الدستور.
2ـــــ تأليف حكومة وحدة وطنية.
3ـــــ تعهد الجميع بعدم الاستقالة من الحكومة أو اعتبارها مستقيلة حتى الانتخابات النيابية.
4ـــــ إقرار قانون انتخابي جديد على قاعدة القضاء وبناءً على قانون 1960.
5ـــــ عدم اتخاذ قرارات جوهرية في الحكومة خارج التوافق الذي يجب أن تناط مهمة المحافظة عليه برئيس الجمهورية.
6ـــــ تنفيذ القرارات الدولية ـــــ بحث سلاح المقاومة بالحوار ـــــ نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ـــــ تنفيذ مقررات الحوار سابقاً في المجلس النيابي بعد تضمين البيان الوزاري لها مع إضافة بندي المحكمة الدولية ومؤتمر باريس 3.