عندما كان أطفال القرى الحدودية يعبرون عن ابتهاجهم بتساقط الثلوج، كانت أم أحمد بحسون تحبس دموعها بسبب تلف موسمها الزراعي من الحبوب، لا سيما «البازيللا والفول»، إضافة الى شتول التبغ التي «يبست بالكامل». كانت العاصفة عبئاً ثقيلاً عليها، كونها المسؤولة عن اطعام أولادها الخمسة بعد وفاة زوجها. فالزراعة بالنسبة إليها، وللعديد من أبناء المنطقة مصدر الرزق الوحيد. وبسقوط الثلوج التي تحولت الى جليد، يبس الموسم وذهب رأسمال أم أحمد سدى.
الخسارة كانت فادحة، كما تقول: «أنفقت أكثر من ألف دولار أميركي على فلاحة الأرض وشراء الحبوب واستئجار العمال، وبات عليّ أن أستدين المال لزراعة الأرض من جديد بالخضار والقمح».
تعلم أم أحمد أن أحداً لن يعوّض عليها خسائرها هذه، وما يمكن فعله هو «إعادة زراعة شتول جديدة، واستدانة المال على أمل سداده لاحقاً».
الجليد الذي تبع العاصفة كان غير متوقع بالنسبة للمزارعين، «فهذا الأمر لم يحصل منذ أكثر من عشرين سنة، وبالتالي لم نقم بأي تدابير احترازية لمواجهته»، يقول المزارع حسن ترمس. برأيه «كان يمكن لتغطية شتول التبغ والخضار بالنايلون أن تحول دون يباس الشتول، أما الأراضي المزروعة بالحبوب فلا عمل كان يمكن القيام به لإبعاد خطر الجليد عنها». ويبدو أن أصحاب الخيم الزراعية كانوا من أكثر المتضرّرين في العاصفة «نظراً للكلفة المالية التي أنفقت على بناء الخيم وزراعة الشتول من النوعية الجيدة والمرتفعة الثمن». فسرعة الرياح وكثافة الثلوج أسقطت غطاء هذه الخيم.
حاول محمد مواسي عيترون أن ينقل ما تيسّر من شتول الخضار والصعتر الى داخل المنزل، لكن العدد الأكبر تعرض للجليد، وهو اليوم يعمل على زراعة شتول جديدة تحتاج الى الوقت لتثمر ما يؤثر في عميلة البيع لاحقاً. ولم تنج آلاف الشتول المزروعة في مركز الخدمات الزراعية في بلدة الطيري، التابع لاتحاد بلديات بنت جبيل، من الجليد بعدما أدّت العاصفة الى تدمير خيم المركز. ويوضح مسؤول المركز محمد ملحم أن «هذه الخسائر ستؤدي الى تأخر الموسم الزراعي، لأن ذلك يستدعي إعادة زراعة شتول جديدة»، لافتاً الى أن «الخاسر الأكبر هو البلديات التي تكبّدت آلاف الدولارات على زراعة الأشجار خلال السنوات الماضية، وأدّت العاصفة الى يباس أعداد كبيرة منها». مبيناً أن معظم أشجار الحمضيات المزروعة في القرى الحدودية تعرّضت لليباس أيضاً بسبب الجليد، ما أدى الى قطعها، أو تشحيلها على أمل أن تنمو مجدداً، لذلك لجأنا الى توزيع آلاف الأشجار على البلديات والأهالي تعويضاً عن الخسائر، كما لجأنا الى زراعة أكثر من 70 ألف شجرة في منطقة جنوب الليطاني، ونقوم بتوزيع الآلاف من شتول الزعتر الجديدة على المزارعين».