بحث في فرض عقوبات اقتصاديّة دوليّة على سوريا وساركوزي يستقبل الحريري قريباً
لا تحمل التقارير الواردة من القاهرة عن الاجتماع المقرّر غداً لوزراء الخارجية العرب بشأن لبنان، أي إشارات إلى خطوات نوعية، وسط موجة من التحذيرات من توريط الجامعة العربية بسقف يحوّلها الى طرف غير قادر على كسب ثقة جميع اللبنانيين. وهذا ما تنبّهت له الدبلوماسية المصرية التي سعت خلال اليومين الماضيين الى جمع أكبر قدر من وجهات النظر من قوى المعارضة لوضعها أمام المسؤولين في القاهرة، فيما يبدو أنّ نقاشاً يدور في فرنسا حول المرحلة المقبلة من التحرّك، في ضوء تقويم سلبي للمرحلة الأولى التي انتهت إلى فشل.
وذكرت مصادر واسعة الاطّلاع أنّ الهاجس الذي يتحكّم بعمل الفريق الوزاري العربي يتصل باحتمال توسع التوتر السياسي في لبنان الى حدود تطيح ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان. وقالت المصادر إن الجانب المصري الذي أدّى دوراً مركزياً ومبكراً في ترشيح العماد سليمان وتسويقه، يظهر خشية جدية دفعته الى طرح السؤال مباشرة على عدد من القيادات اللبنانية عمّا إذا كان هناك من تغيير في الموقف، وخصوصاً عند المعارضة، إضافة إلى استفسارات عن حقيقة وجود تبدّل في موقف سوريا من دعم ترشيح سليمان.
وتدعم مصر صدور موقف واضح وحازم من الجامعة العربية يساعد على انتخاب سليمان في أسرع وقت، مقابل السعي الى الحصول على ضمانات من شأنها تسهيل موافقة المعارضة على الفصل بين انتخاب الرئيس وملف الحكومة المقبلة، علماً بأن أجوبة رسمية تلقّتها القاهرة وعواصم أخرى من قيادات المعارضة تشير الى أنه لا مجال لاتفاق مجتزأ وأن الحل يكون عبر سلّة كاملة.
من جانبه، واصل السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان العمل على ممارسة ما أمكنه من ضغوط على فريق المعارضة، وتقديم الأمر على شكل إغراءات بأن إنجاز الانتخابات الآن سيحقّق للمعارضة أموراً كثيرة أبرزها أن العماد سليمان هو مرشحها قبل أن يكون مرشح الآخرين. ويحذّر فيلتمان من أن عدم حصول الانتخاب سيضطر المجتمع الدولي لجعل علاقته بلبنان عبر رئاسة الحكومة. وبالتالي، فإنّ من يسعى الى استعادة موقع حيوي للمسيحيين في لبنان عليه أن يعمد الى انتخاب رئيس بالسرعة الممكنة حتى ينتقل التواصل والدعم الى رئاسة الجمهورية، فيما تكون حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في مرحلة تصريف أعمال تمهيداً لقيام حكومة جديدة.
من جانب آخر، واصلت السفارة الأميركية والسفير فيلتمان تقصّي أبعاد الخبر المنشور في «الأخبار» أوّل من أمس عن احتمال لجوء المعارضة الى تنظيم تحرك احتجاجي ضخم أمام السفارة الأميركية في عوكر وتحويله الى اعتصام دائم. واتهم فيلتمان على عادته «الأخبار» بأنها لم تنشر خبراً عادياً، بل قبلت أن توجَّه الى السفارة الأميركية تهديدات بواسطتها، علماً بأنّ السفير الأميركي المغادر لبنان نهائياً بعد أسبوعين، ينوي أن يترك خلفه مكتباً هادئاً. كما تقرر أن يغادر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون لبنان آخر الشهر الجاري، في إشارة فهمتها أوساط معنيّة بأنّها تعكس اقتناعاً لدى الجهات الدولية بأنّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية قد يتأخّر إلى ما بعد القمة العربية المقبلة المقررة في آذار المقبل.
إلا أن التوتر الداخلي ظل مرتبطاً بالتحركات الخارجية، إذ علم أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيستقبل الأسبوع المقبل في باريس النائب سعد الحريري ليبحث معه في تطورات الملف اللبناني، فيما كانت دوائر قريبة منه ومن وزارة الخارجية الفرنسية تعمل على لملمة آثار تصريحات الرئيس الفرنسي العالية في القاهرة، وسط توقعات فرنسية بألا تتمسك دمشق بموقفها المجمّد للبحث في شأن لبنان.
وعلى الصعيد العربي، قالت مصادر مصرية في القاهرة إن الجهود المبذولة لترتيب العلاقات بين سوريا والسعودية قائمة، ولكن ليست هناك نتائج مقدرة الآن. ولم تنف هذه المصادر ما تردد عن قيام مسؤول سعودي رفيع المستوى بزيارة الى دمشق أخيراً أعقبت وساطة مصرية.

اجتماع القاهرة

وفيما بدأ توافد وزراء الخارجية العرب إلى القاهرة، أجرى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى سلسلة اتصالات مع قيادات لبنانية مستطلعاً رأيها في إمكان إطلاق مبادرة جديدة. وقالت مصادر مكتب موسى لـ«الأخبار» إنه تشاور مع الذين اتصل بهم في تطورات الأزمة السياسية في لبنان، مؤكداً حرص الجامعة على القيام بدور فاعل لحلها وتمكين النواب اللبنانيين من انتخاب الرئيس الجديد في أجواء سياسية مريحة، ومحذراً من «أن استمرار الوضع على ما هو عليه ليس في مصلحة لبنان ولا المنطقة العربية بأسرها».
وكان وزير الخارجية الكويتي محمد صباح السالم الصباح قد شدد على ضرورة وجود تحرّك عربي لتحريك الأمور على الساحة اللبنانية وأن يكون هناك جهد للوصول إلى توافق وطني لبناني على انتخاب رئيس للجمهورية. وقال الصباح إنه «بالنسبة للبنان هناك استحقاق دستوري رئاسي، وإن وجود بعض المؤشرات التي تؤكد اتجاه الأمور إلى التعقيد فى لبنان هو الذي دفعنا للدعوة إلى هذا الاجتماع الطارئ، وخصوصاً أن كل الأمور يفترض أن تتجه إلى الانفتاح بعد حدوث توافق وطني على شخص رئيس الجمهورية اللبنانية».
وحضت قوى 14 آذار وزراء الخارجية العرب الذين يجتمعون في القاهرة غداً، على الضغط على سوريا لوقف تدخلها في لبنان وتسهيل انتخاب رئيس جديد.
وناشدت في بيان لها اثر اجتماع عقدته أمس، مجلس جامعة الدول العربية «الضغط لرفع يد النظام السوري عن لبنان ومساعدته على انتخاب رئيس جمهورية توافقي في أسرع وقت». وأكدت دعمها تولي العماد ميشال سليمان رئاسة الجمهورية، وقالت إن لبنان يواجه «مشروع انقلاب على السلطة والنظام السياسي... بالقوة المدعومة من النظامين السوري والايراني». وأضافت إن المعارضة تهدد «بالفتنة وبضرب السلم الأهلي».
وتردّدت ليلاً معلومات مفادها أنّ فريق الموالاة يعدّ رسالة إلى مجلس الأمن يطلب فيها المساعدة على إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت، وذلك في حال فشل المسعى العربي الجديد المنتظر في القاهرة.
من جانبها، تعدّ قوى المعارضة مذكرة في هذا السياق سترسلها الى الأمانة العامة للجامعة العربية قبل اجتماع غد.