strong>موسى يتبنّى تفسير الأكثريّة للبند الثاني من المبادرة وبكركي تواجه انقساماً مسيحيّاً على مرجعيّتها
لم يخرج الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى من لقاء ساحة النجمة أمس سوى بانتصار شكلي يسبق زيارته دمشق اليوم. فقد نجح في جمع فريقي المعارضة والموالاة، بعدما رضخ فريق 14 آذار والنائب سعد الحريري تحديداً لمطلب المعارضة التحاور مع العماد ميشال عون، فيما بدا إقحام الرئيس أمين الجميّل صوريّاً للغاية إذ لم يضف جديداً على المحادثات الداخلية التي كرّست الخلافات المعروفة للجميع. لكن موسى، العارف بصعوبة التوصل الى نتيجة، طلب الى الجانبين العودة الى اجتماع آخر بعدما قدم أفكاراً اعتبرها قابلة لمعالجة المشكلة، وإن تمنى إبقاء الأمر بعيداً عن متناول الإعلام. ومع أن الجميع كان يعيش منذ أول من أمس أجواء اجتماع أمس، فإن التفاصيل التي رواها مشاركون عكست الآتي:
أوّلاً: استمرار وقوف موسى إلى جانب الأكثرية في تفسير البند الثاني من المبادرة الخاص بالتركيبة الحكومية، وهو قال بـ15 وزيراً للأكثرية وعشرة وزراء للمعارضة وخمسة لرئيس الجمهورية. فصمت الحريري والجميّل، فيما قال عون إنّ هذا تفسير خاطئ للمبادرة التي تمنع الاستئثار والتعطيل، ما يعني أن الصيغة المنطقية تكون من خلال المثالثة، ما دفع بموسى من جديد الى الحديث عن حصص مختلفة للأغلبية عن الأقلية، فردّ عليه عون بأنّ الأمر ممكن من خلال منح الأكثرية 17 وزيراً والمعارضة 13 وزيراً، وهو ما رفضه مباشرة الجميّل والحريري.
ثانياً: لم يتمّ التطرّق الى المسألة الدستورية الخاصة بطريقة انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. وجرى الحديث عن البند الثالث الخاص بقانون الانتخاب من خلال جواب ملتبس قدّمه الجميّل والحريري على سؤال عون عن السبب المانع من إعلان أنّ القضاء هو الدائرة الانتخابية. وقال ممثّلا فريق 14 آذار إنهما لا يعارضان القضاء، ولكن لماذا الاستعجال، فالأمر يحتاج الى نقاش لاحق في مجلس النواب، إذ لا يجوز مصادرة دور المجلس من الآن، ما كان كافياً ليفهم عون أنّ فريق السلطة غير موافق على مبدأ القضاء.
ثالثاً: جرى إبراز الهواجس الخاصة بفريق الأكثرية. ففيما قدّم عون مطالعة عن سبب المطالبة بالثلث الضامن، أثار الحريري مجدداً ملف المحكمة الدولية متخوفاً من تعطيل أمور تتعلّق بها لاحقاً. فأكّد له عون أن المحكمة باتت ملك مؤسسات دولية وأن المعارضة حاضرة لتقديم الضمانات المطلوبة في هذا المجال.
ورغم حصول مداخلات كثيرة من جانب المشاركين ومراقبة آخرين حضروا اللقاء (جبران باسيل من التيار الوطني الحر وهاني حمود من تيار المستقبل وهشام يوسف مدير مكتب موسى)، إلا أن المعنيين بالملف أكدوا بعد مرور وقت غير طويل على انتهاء الاجتماع أن النتائج ليست في جوهر المسائل وأن التقدم يقتصر على الشكل، علماً بأن تصريحات موسى بعد اللقاء، التي كرر فيها تفسيره للبند الثاني من المبادرة، أثارت حفيظة المعارضة، حيث كان الرئيس نبيه بري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل يستمعان الى تفاصيل ما جرى من باسيل. واتفق على أن يصدر توضيح وموقف عن التيار الوطني الحر رداً على ما قاله موسى بعد الاجتماع.
وقال أحد المشاركين من الموالاة في الاجتماع «إن الأجواء كانت أقلّ تشنّجاً مما كان متوقعاً. ففي الجزء الأول من اللقاء، أبدى الطرفان ما لديهما من ملاحظات، وبعد العرض المفصّل طرح موسى بعض المقترحات والأفكار عن سبل تنفيذ المبادرة معتبراً أنها تمثّل قواسم مشتركة. وطلب موسى أن تكون هذه العناوين مدار بحث ونقاش لدى الأكثرية والمعارضة والعودة بأجوبة إلى اللقاء الثاني الذي سيعقد فور عودته من دمشق مساء السبت أو الأحد المقبل على أبعد تقدير».
وقال أحد أقطاب الموالاة لـ«الأخبار»: «لا يمكنني القول إنها فُتحت، لكن من المتوقع أن يدخل الاجتماع الثاني في التفاصيل»، لافتاً الانتباه إلى «قراءة متفائلة» أدلى بها موسى خلال اللقاء بعدما طلب إلى الجميّل والحريري تقويم النتائج في خلوة دامت نصف ساعة بينهما إثر مغادرة عون مجلس النواب.
وكانت فكرة اللقاء في ساحة النجمة مدار تشاور في اللقاء الموسّع لأقطاب وأركان قوى 14 آذار في عشاء قريطم مساء أول من أمس حيث أصرّ الأمين العام عمرو موسى على ضرورة عقد اجتماع بين ممثّلين من المعارضة والموالاة، فطرحت الفكرة وتبادل المجتمعون الآراء في شأنها، فكان اقتراح بحضور أحد أقطاب موارنة الأكثرية اللقاء مع العماد عون المفوّض من المعارضة بالحوار.
وعلم أن جعجع كان يرغب في أن يعقد اللقاء بصورة موسعة وأن يمارَس ضغط لحضور الرئيس بري الاجتماع مع المعارضة، لكن بري انتبه الى الأمر وعطّله فيما كان الجميّل يرى أنه لا مجال لأن يتمثل غيره في اللقاء، وهو ما حاول جعجع منعه قبل أن يتدخل الحريري وجنبلاط لمصلحة الجميّل مع تأكيدهما لجعجع أن الأمر شكلي وليس هناك ما يشير أصلاً الى اتفاق.
وقد عقدت خلوة قصيرة بين العماد عون والجميّل عندما وصل الأول في الثالثة والنصف عصراً إلى مجلس النواب قبل أن ينضم إليهما الحريري وموسى لاحقاً.

بكركي والمعارضة

في هذه الأثناء، كان الفريق المسيحي في 14 آذار يعمل على إثارة مناخ مسيحي بوجه المعارضة على خلفية تصريحات الوزير السابق سليمان فرنجية التي انتقد فيها البطريرك الماروني نصر الله صفير. وعمل فريقا القوات اللبنانية والكتائب وشخصيات كسروانية وجبيلية من 14 آذار منذ ليل أول من أمس على تحضير أنشطة شعبية وإعداد لافتات وتنظيم حلقات من أجل تسيير تظاهرات نحو بكركي، قبل أن يُدعى الى لقاء لمسيحيي السلطة في منزل جعجع، صدر بعده موقف حمّلوا فيه سوريا وحلفاءها مسؤولية ما يجري. ثم توجه الحاضرون نحو بكركي لمطالبة صفير بالسماح لتجمعات من الفريق نفسه بالحضور الأحد المقبل الى بكركي والمشاركة في القداس الأسبوعي وتحويله الى مناسبة تضامنية مع صفير واحتجاجية ضد المعارضة. وفي المقابل، دعا الوزير فرنجية الى مؤتمر صحافي يعقده اليوم لشرح موقفه.
ومع أن صفير كان متجاوباً مع الوفود القواتية التي زارته امس، إلا أن مطارنة عاملين معه أبلغوه بأنه إذا وافق على هذا النوع من الانشطة، فإن القوى المسيحية الأخرى والناشطة في المعارضة ستدعو الى حشد جماهيري كبير في إحدى الساحات العامة للمطالبة باستقالة البطريرك الماروني لأنه بات طرفاً مع فئة مسيحية ضد فئة أخرى. وجرت مداخلات بعضها من السفير البابوي في بيروت قبل إيجاد حل من خلال دعوة صفير المطارنة والسفير البابوي الى خلوة استثنائية لمدة 3 أيام في بكركي التي تقفل أبوابها، فيما يدرس رجال الدين فيها الأوضاع ويصلّون لأجل لبنان.