سليمان يستغرب الحديث عن تحفّظات سوريّة عليه وباريس تؤكّد: دعم بديله شرطه الإجماع
في انتظار عودة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى من دمشق اليوم، قام مساعدوه في بيروت بجولة لقاءات مع ممثلين عن المعارضة والموالاة، وناقشوا مقترحات تخص الجولة الثانية من الحوار المفترض بين العماد ميشال عون من جهة والنائب سعد الحريري والرئيس أمين الجميّل من جهة ثانية، علماً بأن المناخ العام ظلّ ملتبساً، وكان البارز فيه ما قاله النائب الحريري لزوّاره مساء أمس عن أن «الأمل غير مفقود تماماً، ولكن تبيّن لنا أن عون ليس مفوّضاً، وهو يريد أن يعود الى حلفائه في كل شاردة وواردة».
وبحسب البحث القائم، عرض موسى على الفريقين الدخول في حوار مفتوح للتوصل الى اتفاق سياسي تقوم على أساسه الحكومة الجديدة، ويكون أساسها منطلقاً للعبة سياسية من النوع الذي يلغي الحاجة الى ثلث معطل أو الى ثلثين.
ومن المتوقع أن يعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مجموعة من المواقف في خطاب مقرر له اليوم في ختام المسيرة التي دعا إليها حزب الله في الضاحية الجنوبية لمناسبة ذكرى عاشوراء، والتي سعى الحزب الى أن تكون حاشدة جداً، بينما عمل فريق كبير من عناصره على ترتيبات تنظيمية وأمنية منعاً لأي أحداث غير متوقعة، ومنعاً لإطلاق شعارات من شأنها توتير المناخ في البلاد.
وذكر مصدر مطلع أن لقاء ساحة النجمة لم يؤدِّ إلى نتائج حاسمة. وقال إن الحريري ومعه فريق الأكثرية يتعاطى مع المبادرة العربية على أساس أن بنودها الثلاثة منفصلة بعضها عن بعض، وأن المطلوب تنفيذها على هذا الأساس، بينما أصرّ العماد عون على اعتبار المبادرة متكاملة بحيث يتم تنفيذها دفعة واحدة، مشيراً إلى أن من حق المعارضة أن يكون لها الثلث الضامن. لكن الجميّل رفض هذا «الثلث» واعتبره خرقاً لاتفاق الطائف وأنه يقود البلاد إلى الفدرالية.
أما موسى فكان موقفه الذي عبّر عنه خلال اللقاء منسجماً مع موقف الحريري، فقال إن المبادرة في مضمونها لا تعطي الأكثرية النصف زائداً واحداً من الوزراء ولا تعطي المعارضة الثلث زائداً واحداً وأن الجامعة العربية ستؤمّن «الضمانات والتطمينات» المطلوبة للفريقين لدى تنفيذ المبادرة ببنودها الثلاثة بدءاً بانتخاب رئيس جمهورية.
ولفت المصدر إلى أن الحريري بدا منزعجاً في اللقاء ومقلّاً في الكلام، إذ تبيّن أنه حضر الاجتماع بناءً على نصيحة سعوديّة، مع أن هذه النصيحة لم تكن مُلزمة له. وأشار المصدر إلى أن موسى لم يشرح طبيعة هذه الضمانات «لأنه لا يعرف ماهيّتها» على حد تعبير المصدر الذي أضاف أنه تُرك أمر التحضير للاجتماع المقبل لمدير مكتب موسى السفير هشام يوسف الذي بدأ أمس اجتماعات مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل والنائب علي حسن خليل والمسؤول في التيار الوطني الحر جبران باسيل، وكذلك مع مستشار رئيس الحكومة محمد شطح الذي سيلتقيه اليوم.
إلى ذلك، كشف المصدر أن قائد الجيش العماد ميشال سليمان كان حريصاً في لقائه مع موسى أمس على إظهار «متانة» علاقته بسوريا وحرصه «على المقاومة» واستعداده لأن يكون حَكَماً بين الموالاة والمعارضة بما يسهّل خروج البلاد من الأزمة، مستغرباً ما يُنقل إليه من وجود «تحفّظ» لدى دمشق والمعارضة على ترشيحه.
وكان موسى أبلغ بري بأمر اقتراح حل لتركيبة الحكومة الجديدة اقترحها عليه الرئيس سليم الحص في لقائهما إثر عودته الأخيرة إلى بيروت، فما كان من بري إلا أن عقد لقاءً أمس مع الحص واطّلع منه على تفاصيل هذه المبادرة التي تقضي بتأليف حكومة من 16 وزيراً تتوزّع الحصص فيها كالآتي: 6 وزراء للأكثرية، 5 وزراءللمعارضة، و5 وزراء لرئيس الجمهورية، وهي تركيبة لا تعطي الأكثرية النصاب المُقرِّر ولا تعطي المعارضة الثلث الضامن، إضافة إلى اقتراح حكومة من عشرة وزراء توزّع الحقائب فيها كالآتي: 4 للموالاة و3 للمعارضة و2 لرئيس الجمهورية، على أن يكون رئيس الحكومة محايداً. وهذه الحكومة ينطبق عليها أيضاً مبدأ أن لا يكون أيّ فريق مقرّراً بمفرده أو معطّلاً بمفرده.
وكان موسى قد توجّه برّاً بعد ظهر أمس الى دمشق وتحدّث بعيد وصوله عن «تقدم» في الوساطة التي يقوم بها وقال: «لا نستطيع أن نقول إننا وصلنا الى حل للأزمة اللبنانية لكننا بدأنا نحرز تقدماً في حل هذه الازمة». وأضاف: «قمنا بخطوات أرجو أن تؤدي الى حلحلة» هذه الأزمة. وسيلتقي موسى اليوم الرئيس السوري بشار الأسد قبل أن يعود الى بيروت الأحد.

الموقف الفرنسي

ومن باريس أفاد مراسل «الأخبار» بسّام الطيارة أن الدبلوماسية الفرنسية تتابع باهتمام تطورات الوضع اللبناني وتترقب نتائج محادثات موسى في دمشق، لتبني عليها تحركها المقبل الذي ينطلق من سعيها لتجنيب لبنان «جحيم الفوضى والحرب». وأكد مسؤول دبلوماسي لـ«الأخبار» أن باريس «كانت تأمل انتخاب رئيس توافقي بعدما لاحظ الدبلوماسيون الفرنسيون خلال محادثاتهم مع الافرقاء اللبنانيين، أن سليمان كان هذا المرشح التوافقي»، رافضاً القول إن «الفرنسيين قطفوا من على شجرة العماد ميشال سليمان وباتوا يدعمونه». لكن المصدر أضاف «إذا ظهر اسم جديد كمرشح توافقي فإن من الطبيعي أن مسيو سليمان لا يعود مرشحاً توافقياً»، مع التأكيد أن هذا الأمر «يعود الى اللبنانيين».
وفي كلمة له أمام أعضاء السلك الدبلوماسي في باريس، رأى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن الأزمة في لبنان «لن تنتهي لأنها تُغذى من الخارج». وقال إن «الجامعة العربية اعتمدت بالإجماع خطة تسوية تتبنّى تماماً الافكار التي قدمتها فرنسا. ويتعيّن على هذا الأساس أن يتحمّل كل فرد مسؤولياته داخل البلاد وخارجها وأن يحكم المجتمع الدولي على كل طرف فاعل من خلال أفعاله. وستبقى فرنسا الى جانب اللبنانيين، كل اللبنانيين».