أعلن الرئيس نبيه بري أمس تأجيل جلسة الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة اليوم الى 11 من شباط المقبل، بعد وصول مساعي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى نتائج غير إيجابيّة، بانتظار البيان المفترض أن يصدر في السابع والعشرين من الشهر الجاري عن المجلس الوزاري العربي بشأن الملف اللبناني. وفي الوقت نفسه، صدر موقف لافت عن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اتهم فيه بري بإغلاق أبواب المجلس النيابي، داعياً الى انتخاب رئيس جديد للبنان «بالتفاهم».وقال ساركوزي في مقابلة مع قناة «الجزيرة» القطرية مساء أمس «نريد انتخاب رئيس في لبنان بالتفاهم، لا نستطيع أن نقبل بأن يحتفظ رئيس البرلمان بمفتاح مجلس النواب لإغلاقه. أي بلد في العالم يرضى بهذا الأداء؟».
وعلمت «الأخبار» من مصادر دبلوماسية غربية أن الجانب الفرنسي كان على تواصل دائم مع موسى ومع أطراف لبنانية وعربية معنية بالمناقشات الجارية، وأن باريس ستنتظر تلقّي مجموعة من التوضيحات والتفسيرات عمّا دار قبل أن تستأنف اتصالاتها مع عواصم دولية وعربية من أجل العودة الى إدارة حوار في دمشق وبيروت من أجل الحل، علماً بأن النقاش داخل الإدارة الفرنسية انتقل من مرحلة البحث في آلية التوافق الى البحث في أصل هوية الرئيس التوافقي المقبل، وهي سوف تستقبل قريباً حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي كان قد أجرى خلال الأيام القليلة الماضية اجتماعات «رفيعة» في بيروت تندرج في سياق إعادة بروز اسمه مرشحاً توافقياً بديلاً من العماد ميشال سليمان.
وبينما كان موسى في طريق عودته الى القاهرة، كان فريقا الموالاة والمعارضة يستعدان لجولة جديدة من السجال السياسي على خلفية ما انتهت إليه مبادرة موسى، وسط توقعات بأن يعمد الاخير الى مطالبة وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم المقبل حول لبنان (إذا عقد) بتضمين بيانهم تفسيراً رسمياً لما هو مقصود في البند الثاني من المبادرة العربية المتعلق بتأليف الحكومة، بعدما أكد هو للطرفين قبل مغادرته أن التفسير الذي يحمله يقول بمنح الموالاة 15 وزيراً أو أقل والمعارضة عشرة وزراء، ويترك الباقي لرئيس الجمهورية، وهو الأمر الذي رفضه بري. كما سمع موسى خلال زيارته الى سوريا كلاماً واضحاً عن هذه النقطة، وتأكيداً بأنّ دمشق فهمت الصيغة الاخيرة للبيان على أن تشكيلة الحكومة تكون بالتساوي بين المعارضة والموالاة ورئيس الجمهورية.
وكان موسى قد تلقّى صدمة إضافية لدى عودته من دمشق، حين أبلغ بأن الاجتماع الذي كان مقرراً بينه وبين الرئيس أمين الجميّل والعماد ميشال عون والنائب سعد الحريري قد تعطل بسبب مرض عون المفاجئ وإرسال الجميل والحريري سليم الصايغ وهاني حمود ممثلين عنهما للاجتماع بموفد عون جبران باسيل، فيما كلف موسى مدير مكتبه هشام يوسف الذي بادر الى سؤال باسيل عن رد المعارضة على مقترحات موسى بشان اتفاق الضمانات. وعندما قال باسيل إن الاجوبة منتظرة من الجانبين، حاول الصايغ الكلام لكن مندوب الحريري تدخل قائلاً «نحن هنا للاستماع لا لإطلاق مواقف». ثم عاد باسيل وأكد أن المعارضة لا يمكنها الركون الى اتفاق سياسي مع قوى سبق أن نقضت اتفاقات سابقة ليسأل عن الجهة الضامنة، فأكد يوسف ما كان قد قاله قبل يومين لممثلي المعارضة بأن الجامعة العربية ليست هي الطرف المعدّ للاتّفاق أو الضامن له، بل إنها تدفع لأن ينجز الأمر بين اللبنانيين.
وكان موسى قد اقترح أن تقبل المعارضة بالتخلي عن الثلث الضامن وأن تحصل في المقابل على اتفاق سياسي مع الموالاة يتضمّن النقاط التي لا يمكن بتّها من دون إجماع، وهو الأمر الذي لم تجب عليه الموالاة أصلاً. وقال مصدر في الأكثرية لـ«الأخبار» إن الاتفاق كان سيحل محل مجلس الوزراء، وهو أمر غير دستوري.
وعلمت «الأخبار» أن تراجع لقاء ساحة النجمة الى مستوى الصف الثاني، دل على فشل الرهان على نجاح أي تفاوض على المستوى الرفيع بين الموالاة والمعارضة، في ظل المواقف المحلية والعربية السائدة. ولذلك نصح بري موسى في لقائهما أمس بوجوب العمل على خط «س ـــ س» أي على الخط السوري ـــ السعودي لأن الأزمة عادت الى دائرة التعقيد.