فرنسا توضح لبرّي موقف رئيسها والمعارضة تتّهم موسى بالانحياز لفريق الأكثريّة
«إذا أغلقت الأبواب أمام الحل السياسي، فإنّ الاحتقان سوف يبحث لنفسه عن مكان للتنفيس»، كان هذا تعليق مرجع سياسي على التوترات ذات الخلفية المطلبية التي جرت أمس في بيروت. ورغم أن قوى من المعارضة تعاونت مع الجيش اللبناني على احتواء الأمر ليلاً، إلا أن الجهات النافذة في فريق 14 آذار تعاملت مع الأمر على أنه بداية لمسلسل احتجاجات تنوي المعارضة القيام بها تدريجاً في بيروت والمناطق.
حصل ذلك في الوقت الذي تراجعت فيه الى الحد الأدنى التوقعات باحتمال حصول خرق في الاتصالات العربية ـــ العربية بشأن لبنان، وخصوصاً أنّ المعارضة أبلغت عواصم عدة أنّ ما انتهت إليه مهمة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لا يسهّل المرحلة التالية، بعدما بدا موسى منحازاً في تفسيره للبند الحكومي لمصلحة فريق السلطة في لبنان. وتوقفت المصادر نفسها عند الموقف الذي صدر عن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والذي اتهم فيه الرئيس نبيه بري بإقفال المجلس النيابي.
ورد بري ببرقية بعث بها الى الرئيس الفرنسي قائلاً إن «الكلام الذي تناولتني به على محطة «الجزيرة» لا يستقيم». وأضاف «من عمل للحوار والتوافق منذ أكثر من عامين ومن دعا الى 14 جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية بدءاً من 25 أيلول الماضي لا يتهم بإقفال مجلس النواب».
وقالت مصادر قريبة من بري إن موقف ساركوزي يؤكد أن الادارة الفرنسية ليست في متابعة جدية للوضع اللبناني، كما انه يتناقض مع إعلان باريس أن المبادرة العربية مشتقة من المبادرة الفرنسية. وأشارت الى أن الفرنسيين يظهرون من خلال هذا الموقف أنهم يجهلون فعلاً ما يدور في لبنان أو هم يعرفون ما يجري ولكنهم يتجاهلونه متماهين في ذلك مع الموقف الأميركي. وكشفت المصادر أن بري تلقى بعد ظهر أمس اتصالات من مسؤولين في السفارة الفرنسية أوضحت مواقف ساركوزي، وعبّرت عما يشبه الاعتذار عن اتهامه بري بإغلاق مجلس النواب.
وأضافت المصادر نفسها ان عمرو موسى أكد لبري خلال الاتصال الذي أجراه به أمس أن الخرق الذي تحقق في لقاء ساحة النجمة برعايته بين الرئيس أمين الجميّل والنائبين ميشال عون وسعد الحريري لم ينتهِ، وأن الاتصالات مستمرة لتطويره فضلاً عن استمرار الاتصالات العربية من أجل إنجاح المبادرة العربية وإيصالها الى النتائج المرجوّة منها.
وأشارت المصادر إلى أن تأجيل جلسة الانتخابات التي كانت مقررة أمس لم يكن قراراً تفرّد به بري، بل تقرر بعد تشاور بينه وبين موسى قبيل مغادرته بيروت الى القاهرة. وقالت إن الجميع بات في انتظار اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر في القاهرة في 27 من الجاري للبحث في ما آلت إليه المبادرة العربية في شأن لبنان.

احتجاجات شعبيّة في بيروتوأكّد أحد مسؤولي حزب الله في بيروت أنّه لا خلفية سياسية للتحرك، وأنّه لا علاقة للحزب بما حدث، وإن كان قد ساعد الجيش في ضبط الأمور منعاً لحصول أي إشكالات أمنية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى حركة أمل التي أسهمت في ضبط الشبان المتحركين في مناطق نفوذها لمنع وقوع صدامات مع الجيش. تجدر الإشارة إلى أن عطلاً طارئاً أصاب أحد المحوّلات في محطة البسطة فجر أمس، أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن أحياء واسعة من بيروت، وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان أنها اضطرت إلى عزل هذا المحوّل، ما أدّى إلى انخفاض التغذية بالتيار الكهربائي بمعدّل 50 في المئة على مخارج التوتّر المتوسّط الآتية: مكي، لؤي، سليم سلام، شهاب الدين، صدّيق، مسقاوي، حجيج، النفق، نمر، معرّي ودريّة 1.
وعلم أن اتصالات سياسية جرت بين عدد من القوى والجهات الرسمية للتدقيق في خلفية التحرك، وخصوصاً أن بعض المجموعات التي شاركت في الاحتجاجات تُربط عادة بقوى المعارضة. وأكدت مصادر في قوى الأمن الداخلي عدم حصول أي نوع من الاحتكاك بين مجموعات تنتمي سياسياً الى قوى مختلفة، مشيرة الى أن المشاركين في الاحتجاجات ينتمون الى أكثر من مذهب. وفهم أن جانباً من النقاش تناول ملف الكهرباء نفسه بعدما تبيّن أن التقنين يقتصر على مناطق دون أخرى حتى داخل العاصمة.

مجموعة عدم الانحياز
من جهة ثانية، أفاد مراسل «الأخبار» في نيويورك نزار عبود أن البعثة اللبنانية في الأمم المتحدة سعت لتضمين بيان سيصدر عن مجموعة عدم الانحياز فقرة تدعم الموالاة في لبنان على حساب المعارضة وتزجّ الكتلة في الخلاف الداخلي اللبناني، بحيث تلقي ضمنياً اللوم على رئيس مجلس النواب نبيه بري في «تعطيل دور البرلمان في الانتخابات الرئاسية» في تجاهل تام لدعوته الى عقد 14 جلسة لهذه الغاية.
وسيتضمّن البيان التقرير الشهري عن الحالة في الشرق الأوسط الذي سيقدم غداً الأربعاء في مجلس الأمن الدولي. ونصّت الفقرة التي قدّمتها البعثة اللبنانية، والتي ووجهت باعتراض عدد من الدول، على الآتي:
«تعبّر المجموعة عن قلقها البالغ من التأخير المتكرر للانتخابات الرئاسية في لبنان وعن دعمها في هذا الصدد للبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 11 كانون الأول 2007 بشأن لبنان وتدعو إلى عقد انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وفق الأصول الدستورية اللبنانية وباحترام تام لسيادة لبنان ووفقاً للوحدة اللبنانية».
ولقد طلب حذف عبارة «تعبّر المجموعة عن قلقها البالغ من التأخير المتكرر للانتخابات الرئاسية في لبنان وعن دعمها في هذا الصدد للبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 11 كانون الأول 2007 بشأن لبنان».