لم يُسجّل، أمس، أيّ تطوّر سياسي بارز على مستوى المبادرة العربية الهادفة إلى حلّ الأزمة اللبنانية، وبدا الجميع في حال من الانتظار لعودة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت في ضوء ما سيسفر عنه الاجتماع الطارئ الثاني لوزراء الخارجية العرب الأحد المقبل في القاهرة.ويخرق هذا الانتظار السجال الحاد المستمر بين قادة في الموالاة والمعارضة بشأن ما كشفه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر اللّه في خطابه الأخير عن وجود أشلاء لجنود إسرائيليين لدى المقاومة منذ عدوان تموز 2006.
وقد بلغ هذا السجال ذروته باتهام عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله بعض أقطاب الموالاة بـ«محاولة إيجاد مناخ سياسي في لبنان يتلاقى مع الأجواء الإسرائيلية الداعية إلى تصفية السيد نصر الله جسدياً»، ورأى في تصريحاتهم «جزءاً من مخطط أميركي يريد أن يهيّئ الأرضية لاستهداف السيد نصر الله». وقال إن الموالاة «تتكامل مباشرة مع إسرائيل التي تستفيد من الحملة السياسية والإعلامية على الأمين العام لحزب الله في إطار سعيها لاغتياله».
وشنّت قناة «المنار»، أمس، حملة عنيفة على الرئيس أمين الجميّل وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع اللذين تحدثا بلغة «مطابقة للكلام الإسرائيلي» بحسب المحطة، فيما كانت مصادر قريبة من حزب الله تتهم السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان بالوقوف وراء الحملة، علماً بأن فيلتمان أجّل سفره الى الولايات المتحدة وسط معلومات لمصادر حزبية عن قرار اتخذته الخارجية الأميركية بإبقائه لبعض الوقت، والطلب الى من سيخلفه السفيرة الأميركية الحالية في الإمارات التوجه الى واشنطن أولاً.

برّي والمساعي

في غضون ذلك، نقل زوّار رئيس مجلس النوّاب نبيه بري لـ«الأخبار» عنه قوله إنه لا يتوقع بروز أيّ تطورات ملموسة على صعيد المبادرة العربية قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب الأحد المقبل في القاهرة.
وأضاف بري: «إذا كانت هناك نيّة لعقد قمة عربية طارئة من أجل نسف القمة العادية المقررة في نهاية آذار المقبل في دمشق، فإن ذلك سيؤدي إلى تصاعد الخلافات العربية ـ العربية ودخول الوضع العربي في مرحلة سيئة ستكون لها سلبياتها على لبنان. أما إذا كانت النيّة طيبة وعقدت قمة طارئة في شأن لبنان وفلسطين، فإن ذلك سيمهّد لقمة ناجحة في دمشق. ولكن حتى الآن لم يتبلور بعد ما سيؤول إليه الموقف العربي، ولذا ينبغي انتظار ما سيسفر عنه اجتماع القاهرة الأحد المقبل».
وكان موسى قد أعلن من القاهرة أمس أنه سيعود إلى لبنان مجدداً عقب الاجتماع الوزاري العربي لمواصلة مشاوراته مع القوى السياسية اللبنانية في شأن تطبيق المبادرة العربية. ورداً على سؤال عن تفسير المعارضة لهذه المبادرة، قال موسى «إن التفسير الذي ذكره من قبل هو التفسير المتوافق عليه وهو تفسير واضح».
وأوضح أن وزراء الخارجية العرب سيركزون في اجتماعهم الأحد المقبل «على الأوضاع في لبنان، إلى جانب الوضع على الساحة الفلسطينية وخصوصاً الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة والحصار على قطاع غزة، وذلك في ضوء التحرك العربي على الساحة الدولية، وخاصة في مجلس الأمن». وأشار إلى أنه سيجري اتصالات ولقاءات مع عدد من القادة وكبار المسؤولين العرب عقب الاجتماع الوزاري، وفي مقدمهم المسؤولون السعوديون، وذلك للتشاور معهم في آخر تطورات الأوضاع على الساحة العربية والإعداد للقمة العربية المقبلة.

محاولة اغتيال موسى!

من جهة ثانية، علّق موسى على معلومات صحافية تحدثت عن إحباط محاولة لاغتياله خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، مكتفياً بالقول «الحمد لله».
وكانت صحيفة «المصري اليوم» المصرية المستقلة قد أفادت في عددها الصادر أمس أنه «أثناء عودة موسى إلى بيروت، آتياً من دمشق عن طريق البر عقب لقائه المسؤولين السوريين في إطار محاولاته تفعيل المبادرة العربية الخاصة بحل الأزمة اللبنانية، اشتبه رجال الأمن اللبناني في سيارة متوقفة الى جانب الطريق قرب الحدود السورية اللبنانية، فأسرعوا في تدميرها عن بعد قبل وصول موكب موسى ودون الكشف عما إذا كانت تحتوي على مواد متفجرة أو لا».
وذكرت الصحيفة «أن الأجهزة الأمنية اللبنانية نفذت عمليات بحث واسعة عن مالك السيارة، وتبيّن أنه مصري يدعى «هشام ع. د.»، ويقيم في لبنان «لكنه غير موجود على الأراضي اللبنانية حالياً، وأنه يجري التنسيق مع الأجهزة الأمنية في مصر وبعض الدول العربية للتعرف على مكان وجوده وعلى توجهاته السياسية».
وأكّد مرجع أمني لـ«الأخبار» أمس «أنّ رجال الأمن العام اشتبهوا، قبل ساعة من عودة موسى من دمشق بعد ظهر السبت الماضي براً إلى بيروت، بسيارة كانت متوقفة على الطريق العام قرب نقطة الحدود اللبنانية السورية في المصنع. وزاد من نسبة القلق وجود عين كاميرا في رفرافها الأمامي وهو أمر نادر الوجود في عالم السيارات. ولما لم يفتح صندوق السيارة، اضطر خبراء المتفجّرات إلى استخدام صاعق صغير تم تفجيره في قفل الصندوق، وجرى البحث فيها بشكل دقيق ولم يُعثر بداخلها على أي مواد متفجرة وكذلك في أبوابها». وأضاف: «على رغم ذلك، عاد موسى من دمشق بعد الحادث، ولم تكن هناك حاجة لإبلاغه بأي معلومات عن الحادث الذي يمكن أن يحصل في أي وقت».