رام الله ــ أحمد شاكرالقاهرة ــ خالد محمود رمضان
نيويورك ــ نزار عبود

لم ينجح السيناريو الذي اختبرته القاهرة، أمس، من أجل إعادة الأمور إلى طبيعتها عند معبر رفح، بعد يومين على اقتحامه من قبل الغزّاويّين الغارقين في ظلمة الحصار ونتائجه المأسويّة. محاولة مصرية لإغلاق الحدود سرعان ما جرى إحباطها. بدا خلالها أن الجانب المصري يتريّث في «التصرّف»، بانتظار اجتماع وزراء الخارجيّة العرب غداً، والذي أشار دبلوماسيّون إلى أنّه سيبحث في خطة دعم مالي عربي لمصر لمساعدتها في مواجهة أعباء الحصار المفروض على القطاع.
وفيما لم تتمكّن خراطيم مياه قوّات الأمن المصريّة من كبح عزيمة الفلسطينيّين التوّاقين إلى الغذاء والأدوية والوقود، بعدما أحدثوا فتحات جديدة في الجدار الحدودي، أشارت مصادر مصرية، تحدّثت إلى وكالة «فرانس برس»، إلى أنّ القوّات المصرية لم تتلقّ بعد أوامر مباشرة بإغلاق الحدود تماماً في أيّ وقت محدد. وهو ما يطرح السؤال: متى ستستخدم القاهرة قواها الكاملة، في ظلّ ازدياد الضغوط الإسرائيليّة والأميركيّة عليها؟ الجواب قد يكمن في حديث مصادر دبلوماسية عن أنّ ترتيبات تجرى لعقد اجتماع يضم عدداً من وزراء الخارجيّة العرب على هامش الاجتماع الذي سيعقده مجلس الجامعة غداً لمناقشة الأزمة اللبنانية، للبحث في مشكلة تدفّق الفلسطينيين إلى مصر.
وقالت تلك المصادر، لوكالة «يونايتد برس إنترناشيونال»، إنّ الاجتماع يهدف إلى دراسة مساهمة عربية خاصّة في مجالي توفير الوقود والكهرباء إلى قطاع غزة من مصادر عربية. إلّا أنّها تحفّظت عن الإشارة إلى الجهة التي طلبت عقد الاجتماع والدول التي ستشارك فيه.
ويعدّ هذا التطوّر نوعيّاً، إذ إنّ الدول العربية تقدّم معونات ومساعدات مباشرة إلى السلطة الفلسطينية، كما إنّه يُعدّ عاملاً جديداً تنتظر مصر مفاعيله من أجل دراسة كيفيّة التعاطي مع الحدود الفلسطينيّة.
وهذا التعاطي يبدو ملحّاً على نظام الرئيس حسني مبارك، وخصوصاً إذا صحّت التسريبات من رام الله، التي كشفت عن أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت اتّصل هاتفياً بالرئيس المصري، مطالباً بإعادة إغلاق الحدود، ومهدّداً باحتلال الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر واحتجاز الفلسطينيين في مدينة العريش المصريّة وعدم السماح لهم بالعودة إلى قطاع غزة.
التسريبات، التي توقّعت إغلاق الحدود خلال اليومين المقبلين، تضمّنت أيضاً إشارة إلى أنّ أولمرت اتّهم ضبّاطاً مصريّين بمساعدة حركة «حماس» على تهريب الأسلحة إلى القطاع من من دون حسيب أو رقيب وهو ما نفاه مبارك، مؤكّداً بشكّل قاطع أنّ الأمن المصري لم يلحظ أي أسلحة مع الفلسطينيين وأن كل ما لاحظه هو الأغذية والمحروقات التي قطعتها إسرائيل عن القطاع.
وفي السياق، نفت مصادر مصريّة رفيعة المستوى، تحدّثت إلى «الأخبار»، أن تكون القاهرة بصدد استقبال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، لإجراء مشاورات بخصوص الوضع الراهن على الحدود المصريّة ـ الفلسطينيّة ومستقبل عمليّة المصالحة بين الحركة الإسلاميّة وحركة «فتح» برئاسة محمود عبّاس، وذلك في ظلّ إشارة مبارك إلى استعداده لاستضافة حوار بين الحركتين المتقاتلتين، وإعراب مشعل عن قبوله الدعوة، فيما لم يصدر أيّ ردّ من السلطة الفلسطينيّة.
وقالت المصادر إنّ أيّ زيارة لمشعل إلى مصر مرتبطة بتوفير الشروط اللازمة لنجاحها. وأوضحت أنّ مصر لم تلمس أيّ تغيير في استراتيجية «حماس» تجاه العلاقات مع «فتح» والسلطة أو حيال استمرار سيطرتها على زمام الأمور في قطاع غزة، مشيرةً إلى أنّ عبّاس لا يزال يضع شروطاً على أي حوار مع «حماس» التي لا تزال مصرّة على بحث كلّ القضايا المصيرية على أجندة الحوار قبل الدخول في أيّ «مفاوضات تصالحية».
في هذا الوقت، بقي البيان الرئاسي في مجلس الأمن الدولي المتعلّق بالوضع في غزة، رهينة التجاذب ولم يتحول إلى قرار. فقد توصّل الأعضاء في المجلس إلى صيغة موحدة بموافقة 14 دولة، إلّا أنّ الولايات المتحدة رفضتها.
أمّا المجموعة العربية فقد غرقت في اجتماعات لامتناهية وسط تخبّط لوضع استراتيجية موحّدة بعد 4 أيام من الفشل في إصدار بيان رئاسي يطالب برفع الحصار عن غزة وتأمين المواد الإنسانية والوقود.
الأميركيون طرحوا مجموعة من الأفكار المتشدّدة عن «الإرهاب»، إلّا أنّ الأعضاء الباقين رفضوها. وفي هذا الصدد، قال دبلوماسي عربي لـ«الأخبار» إنّ المندوب الأميركي، زلماي خليل زاد، «يضع العصي في الدواليب» ولا يريد أي بيان أو قرار يصدر عن المجلس من خلال زج عناصر تعجيزيّة.