14 آذار ترفض تعديل الدستور دون المرور بالحكومة وبرّي يؤيّد اقتراح الحسيني
حتّى ساعة متقدّمة من ليل أمس، كانت المشاورات لم تصل بعد الى خلاصة حاسمة بشأن مصير التعديل الدستوري أو سلّة التوافق السياسي في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية. وفيما تردّد بقوّة أنّ جلسة الثلاثاء ستتأجّل مرّة الى موعد لاحق، ربما يكون بعد عطل الأعياد، أشار مصدر بارز إلى احتمال حصول تطوّرات محليّة وإقليميّة تفرض التعجيل بإقرار التعديل الدستوري وبتّ أمور كثيرة تسهّل تأليف حكومة وفاقيّة خلال وقت قصير.

تعديل الدستور

في شأن تعديل الدستور، اقترح الرئيس نبيه بري الأخذ بما قدّمه الرئيس حسين الحسيني لجهة القول بالظروف الاستثنائية التي تسمح للمجلس النيابي بتعليق العمل بإحدى مواد الدستور (المادة 49)، ما يسمح عندها بانتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون من الذين تعوق المادة ترشحهم. ورأى برّي في هذا الطرح مخرجاً يؤمّن حصول التعديل الدستوري من جهة، ويعفي المعارضة من مهمّة الاعتراف بشرعيّة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة من جهة أخرى، لأنّ التعديل الدستوري لن يمرّ في هذه الحال عبرها.
لكن أوساط فريق 14 آذار سارعت الى رفض الاقتراح. ووزعت دوائر قصر قريطم مساء أمس معلومات منسوبة الى «مصادر 14 آذار» تقول بأنّه جرى «تدارس في فريق 14 آذار لاقتراح الرئيس الحسيني تعليق المادة 49 من الدستور، وبعد استشارة القانونيين الكبار، وجدت أنّه تماماً كتعديل الدستور في حاجة للعبور الى مجلس الوزراء، وأي تفرد لمجلس النواب مرفوض رفضاً قاطعاً لأنّه غير دستوري».
من جانبه، أبلغ الرئيس السنيورة زوّاره بأنّه لن يقبل بأي اقتراح يلزمه الاستقالة قبل حصول انتخابات رئاسية، وأنه لن يوافق على أي تعديل دستوري لا يمر عبر الحكومة، فيما قال مصدر بارز في المعارضة إن «التعديل حتى يحصل ينبغي أن يكون ضمن إجماع، والإجماع هو في مجلس النواب. أما هذه الحكومة فهي تمثل فريقاً، وإذا حصلت مصادقة فيها على التعديل فهذا يعني اعترافاً بشرعيتها، وهذا لن يحصل».
وأضاف المصدر المنتمي الى الفريق الشيعي انه «حتى ولو قبلت حركة أمل وحزب الله، فهناك احتمال أن يتقدّم عشرة نوّاب من كتلة عون بطعن أمام المجلس الدستوري، وهذا يعني تشكيكاً في دستورية انتخاب رئيس الجمهورية».

التفاهم السياسي

في جانب آخر، نقل زوار قائد الجيش العماد ميشال سليمان عنه أنه مثلما لا يريد أن يورّطه أحد باتفاقات مسبقة، فهو لا يريد توتّراً مع أحد، وهو يتطلّع إلى إجماع حقيقي عليه، وينظر بحذر كبير الى احتمال أن يقاطع العماد عون جلسة تعديل الدستور أو انتخابه وأن يجاريه حزب الله في هذه الخطوة. وأمل سليمان حصول المزيد من الاتصالات لإنجاز ما يجب إنجازه على صعيد التوافق السياسي الذي يرافق وصوله الى بعبدا.
أما بشأن التفاهمات المفترضة وفق المساعي الفرنسية، فإن البيان الذي أصدره النائب سعد الحريري قبل أيام ونفى فيه أن يكون قد تطرق الى أمور الحكومة ورئاستها مع الرئيس بري والآخرين، فرض مناخاً حذراً لدى قيادات بارزة في المعارضة، فطالبت بأن يكون التوافق مكتوباً ومفصلاً وأن تكون الضمانات الخارجية والداخلية بشأنه واضحة تماماً، ولا سيما ما يخص توزيع التمثيل الحكومي للكتل النيابية، وإقرار قانون انتخاب وفق القضاء وتأكيد التوازن داخل الإدارات العامة وتوزيع عادل للحقائب السيادية، بالاضافة الى موضوع تحديد مصدر حصة رئيس الجمهورية من المقاعد الوزارية.
وفي هذا السياق، أبلغ الوزير مروان حمادة جهات عدة بأنّ التشاور القائم بين فريق 14 آذار والآخرين يقول بأن الرئيس المقبل هو من سيكون بيده الثلث المعطل، وبالتالي فإن حصة الثلثين سوف تبقى مع فريق الاكثرية، وإن التنازل لمصلحة رئيس الجمهورية يجب أن يأتي من جانب المعارضة، وهو أمر ترفضه المعارضة وتقول بأنّ حصة رئيس الجمهورية تأتي نسبياً من الفريقين، وكلّ بحسب حصته، وأن قوى المعارضة معنية بأن يكون بيدها الثلث الضامن.
وبناءً على ذلك، فإنّ احتمال حصول المزيد من التشاور حول الأمر يفرض الأخذ بالاعتبار التطوّرات السياسية الجارية من هنا وهناك. وقال مصدر مطلع إن وجود النائب سعد الحريري في السعودية له علاقة بهذه المشاورات، وإنه يناقش مع القيادة السعودية أمر ترشّحه لتولي رئاسة الحكومة أو الامتناع عن ذلك، وسط مخاوف أوساط قريبة منه، من «حرقه» في هذا المنصب خلال الفترة المقبلة التي ستكون انتقالية قبل الانتخابات النيابية المقبلة.
أما أوساط المعارضة فقالت إن «الإصرار على تسمية الحريري رئيساً يعني أن عون سيكون خارج الحكومة. وفي هذه الحالة فإن حزب الله لن يتخلى عن عون وسيكون أيضاً خارج الحكومة، وبالتالي ليس معروفاً ما إذا كان مناسباً للحريري أن تأخذ حكومته الثقة بثمانين صوتاً، فيما نالت حكومة السنيورة ثقة 120 صوتاً».

مشاورات المعارضة

وفي السياق نفسه، جرت خلال الساعات الماضية سلسلة من المشاورات المكثّفة بين قوى المعارضة شملت الرئيس بري والعماد عون وقيادة حزب الله والوزير السابق سليمان فرنجية، وجرى التداول في سبل تحسين الموقع التفاوضي والتثبت من التزام فريق الأكثرية بأي اتفاق، بالاضافة الى آلية التشاور في شأن الخطوات المفترضة قريباً. وسوف تعقد قيادات من المعارضة اجتماعات إضافية خلال الساعات المقبلة، وعلى مستويات رفيعة، لبلورة موقف واحد من المبادرات المطروحة.