بات واضحاً أن العلاقة بين الولايات المتحدة وسوريا تشهد، منذ مؤتمر أنابوليس، موجة من الدفء، ظهرت ارتداداتها في أكثر من ملف إشكالي في المنطقة، تعكس تغيراً جوهرياً في المقاربة الأميركية لدمشق، ولا سيما لجهة فتح أبواب الحوار بين الجانبين، والذي يمثّل عودة عن سياسة المقاطعة التي اتّبعها الرئيس الأميركي جورج بوش رسمياً منذ عام 2005. تغيّر عبّر عنه المستشار الأعلى في وزارة الخارجية الأميركية، دان سريبني، عندما أشار، في مقابلة مع وكالة «يونايتد برس انترناشيونال»، إلى «مناقشات» تجرى بين الجانبين حول «بواعث القلق» الأميركية في العلاقة مع دمشق.
وقال سريبني «كنا مرتاحين جداً لوجود تمثيل لسوريا، ومشاركتها في أعمال أنابوليس لأن إحدى جلساته خُصصت للسلام الشامل». وأضاف «نريد أن نتحرك على المسار الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني لأنه حاسم في هذه المرحلة بسبب حراجة الموقف، ولكن إذا وجد السوريون والإسرائيليون إمكاناً لتحريك مفاوضات السلام على مسارهم فلن نوقفهم، والأمر يتعلق بهم».
ورداً على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة تعتزم تغيير سياستها حيال دمشق، قال سريبني «المسألة ليست كذلك. هناك بواعث قلق في علاقات الولايات المتحدة مع سوريا في ما يتعلق بوجود جماعات فلسطينية متطرفة محددة في دمشق، وبالقضايا المتعلقة بوقف تدفق الإرهابيين والأسلحة عبر الحدود إلى العراق، وفي ما يتعلق بلبنان بالطبع، فنحن مستمرون في مناقشة هذه القضايا مع السوريين».
وأضاف سريبني: إن «هناك نقاطاً تحتاج إلى بعض الحوار (مع سوريا) حولها مثل العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية، وفي ما يتعلق أيضاً بدعم جهود السلام»، مشدداً على أن «سياستنا حيال سوريا لم تتغير، لكن البعض يبالغ أحياناً في تفسير ما يعني ذلك».
ورداً على سؤال عن إمكان قيام بلاده بتعيين سفير جديد في دمشق، قال سربيني «لا علم لي في هذه اللحظة إلى أين وصلت التطورات الأخيرة في شأن تعيين سفير جديد في سوريا. نحن نود أن يكون لدينا سفراء في جميع الدول، لكن في ما يتعلق بسوريا فهناك بعض القضايا لا تزال بحاجة إلى معالجة». وأضاف: «إن السوريين يعرفون موقفنا من تلك القضايا. ومن المهم أن نتحدث عنها ونرى أفعالاً تدعمها. وشاهدنا مؤشرات مشجعة في العراق، ونود أن نرى مؤشرات مشابهة في مواقع أخرى».
وحول لبنان، قال سريبني «نود أن نرى حلاً للأزمة السياسية القائمة بأسرع وقت ممكن، وهو أمر يتعلق باللبنانيين أنفسهم، لا بالولايات المتحدة وسوريا، ونريدهم أن يكونوا قادرين على انتخاب رئيس جديد يمثلهم جميعاً في أسرع وقت ممكن». وأضاف: إن «الولايات المتحدة لا تريد أن تدفع بأحد المرشحين وتفرض رأيها في لبنان، ولا تريد أن يقوم أي طرف آخر بذلك أيضاً، وتريد أن يتم حل أزمة الرئاسة بطريقة توافقية ترضي جميع اللبنانيين وتستجيب لمطالب لبنان، لأنه لا تزال هناك قضايا كثيرة أخرى بالغة الأهمية تحتاج إلى معالجة. ونأمل أن يتم حلها في القريب العاجل بعد انتخاب الرئيس».
ورداً على سؤال عن مشكلة لبنان بنظر الولايات المتحدة، قال سريبني إن «هناك حكومة منتخبة ديموقراطياً، وأطرافاً (لم يسمّها) كانت أكثر إيجابية في أن يكون في لبنان ديموقراطية ونظام سياسي يعمل، كما أن هناك جماعات أخرى صعبة وتعمل على عرقلة التحرك بهذا الاتجاه ومارست السياسة الداخلية بطرق لم تكن مساعدة للنظام السياسي القائم أو للشعب اللبناني بأكمله، وهو أمر محزن على اللبنانيين أنفسهم على اعتبار أن بيروت كان تسير في طريق استعادة موقعها الحيوي السابق في المنطقة».
وشدد سريبني على أن بلاده «تدعم الحكومة المنتخبة ديموقراطياً في لبنان والتي هي الآن حكومة فؤاد السنيورة».
(يو بي آي)