انتخاب سليمان رهن مبادرة فرنسيّة وفريق 14 آذار يدرس تعيين وزراء جدد ولقاء مسيحيّ اليوم في الصيفي
بدأ التوتّر الخارجي القائم على أكثر من محور، بالانعكاس تصعيداً غير مسبوق من فريق 14 آذار الذي يتّجه إلى خطوات تهدف أوّلاً الى ترميم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. وفيما كانت تنشط عواصم عربية وأجنبية تتقدّمها السعودية ومصر وفرنسا للضغط على سوريا بغية إلزامها بموقف هدفه إجبار فريق المعارضة في لبنان على السير بتسوية رئاسية وتأجيل الملفات الأخرى الى وقت لاحق، عقدت قيادات المعارضة اجتماعاتها لترتيب أوراقها بالنسبة للمرحلة المقبلة.
وحسب مصادر واسعة الاطّلاع، استدعت الأزمة المتفاقمة من جديد، اتصالات جديدة مع العاصمة الفرنسية، وسط توقعات بأن يصل الى بيروت قريباً موفد فرنسي لاستئناف التواصل بين الأفرقاء كافّة بعد المناخ التصعيدي القائم، في ظلّ الاعتقاد بأنّ عدم قيام فرنسا بهذا الدور من شأنه تفجير الوضع أكثر مما يتوقع كثيرون.

14 آذار والتصعيد
وعلم أن فريق 14 آذار قرر السير في خطوات تهدف برأيه الى تعزيز وضع حكومة الرئيس السنيورة، وأن ذلك يتم من خلال تعيين خلف للوزير الشهيد بيار الجميل وبديل من الوزير المستقيل يعقوب الصراف، على أن يُعيّن في وقت لاحق بدائل من الوزراء الشيعة، وذلك ردّاً على ما اعتبره فريق السلطة قرار المعارضة وسوريا منع الانتخابات الرئاسية.
وكان الوضع مدار بحث في اجتماع طارئ عقده قادة 14 آذار أمس في قريطم برئاسة النائب سعد الحريري، على أن يعقد مسيحيّو الفريق اجتماعاً لهم اليوم في بيت الكتائب المركزي في الصيفي، وذلك بعدما رفض الرئيس أمين الجميل عقده في معراب، ورفضت بعض الشخصيات المشاركة فيه إذا أصرّ رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع على عقده في مقره.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الأخبار» إن فريق السلطة قرر مجموعة من الخطوات بينها العودة الى خيار النصف +1 إذا مرّت الأيام الباقية من السنة الحالية دون انتخاب رئيس جديد. لكن هذه الخطوة تواجه مشكلة مع موقف البطريرك الماروني نصر الله صفير الذي يصر على رفضه انتخاب رئيس دون مشاركة غالبية اللبنانيين، أو خلافاً للدستور. ولفتت المصادر الى أن فريق 14 آذار يواجه استحقاقاً آخر يتّصل بوضع الفريق المسيحي فيه، الذي يعاني «ضائقة شعبية» منذ تراجع الأكثرية عن ترشيحاتها لمصلحة العماد سليمان.
وقال قطب في 14 آذار «إن الاجتماع كان لتقويم التطورات ويندرج في سياق دعم مبادرة الفريق لتعديل الدستور وانتخاب العماد ميشال سليمان». وأشار الى أن المجتمعين قوّموا «سلباً موقف قوى المعارضة وموقف سوريا، وأن هناك من يريد تعطيل الانتخابات، وأنه إذا لم يتم التقدم باقتراح لتعديل الدستور يمر عبر حكومة السنيورة فإن الانتخابات لن تحصل»، لافتاً الى أن الاتصالات الخارجية لقوى 14 آذار بيّنت «أن كل دول العالم تمارس أكبر ضغط الآن على سوريا لكي تلزم الفريق الحليف لها في لبنان المضي في التسوية قبل نهاية هذه السنة».
وقالت مصادر متابعة لاتصالات فريق 14 آذار إنه بصدد وضع برنامج زمني لخطوات عدة بينها البحث في العودة الى خيار النصف +1 مع المرشحين نسيب لحود أو بطرس حرب بداية العام المقبل إذا تعذر الانتخاب قبلاً، لأنه لن تكون بعدها فرصة لتعديل الدستور إلا إذا انتظر الجميع عودة المجلس الى دورته العادية منتصف آذار المقبل، وهو الأمر الذي يرى فريق 14 آذار أنه هدف سوري لأجل منع تمثّل لبنان برئيس للجمهورية أو برئيس للحكومة في اجتماع القمة العربية المقرر في دمشق الربيع المقبل.

المعارضة متماسكة

من جانبها، عقد قادة المعارضة أمس سلسلة من المشاورات على مستوى مساعدي القيادات الأولى، وتباحثوا في أمور كثيرة أبرزها تأكيد وحدة موقفها من الملف برمّته. وأبدت القوى كافة تفهمها لموقف العماد ميشال عون والعمل بقوة لضمان التوافق على المرحلة المقبلة بصورة تامة قبل إنجاز أي خطوة تخص الاستحقاق الرئاسي. وأكدت هذه الاجتماعات السير في الخيار التوافقي الذي يأتي بقائد الجيش رئيساً للجمهورية، مشددة على أن مشكلتها هي مع فريق 14 آذار لا مع قائد الجيش، وأنه لا تراجع في موقفها الرافض الاعتراف بشرعية حكومة الرئيس السنيورة، وعدم السير بأي تعديل دستوري يمر عبرها.
وذكرت مصادر قيادية في المعارضة أن التباين الذي جرت الإشارة إليه في الآونة الاخيرة على مستوى موقف قيادات من المعارضة بشأن التعامل مع تعديل الدستور والاتفاق مع فريق 14 آذار، قد تمت إزالته بالكامل، وخصوصاً بعدما لمس الرئيس بري «خدعة» من جانب الطرف الآخر، ما جعل العلاقة بينه وبين النائب الحريري متوقّفة وتلامس حد القطيعة. فقد تسرّب الى رئيس المجلس أن الحريري لا يريد محاورته بعد الآن، وأن فريق 14 آذار سيشنّ حملة على بري للمطالبة بتنحّيه عن رئاسة المجلس، وسط غموض في موقف النائب وليد جنبلاط الذي كان حتى الأمس داعماً للعودة الى الحوار مع رئيس المجلس وعدم دفعه بالكامل «الى أحضان الآخرين»، كما نقل عنه.
وأشارت مصادر المعارضة الى أن فريق السلطة تلقّى تعليمات خارجية بالتصعيد، وذلك أنّه ما من سبب آخر للتراجع عن تعهدات قدمها النائب الحريري في حضور وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بشأن أمور كثيرة تخص المرحلة المقبلة. كما رأت هذه المصادر أن فريق السلطة يتعرّض الآن لضغوط خارجية تعكس توترات فريق عربي إزاء الوضع في المنطقة، وأن رفض اقتراح بري لتعديل الدستور يعني أن هذا الفريق يريد قتل الناطور لا أكل العنب، وأنه لو كان هناك حرص على إنجاز الأمر سريعاً لما كان الفريق نفسه توقف عند استقالة الحكومة التي ستصبح حتمية عند الانتخاب.
ورأت أوساط المعارضة أن ما يقوم به فريق الأكثرية الآن هو محاولة لاستنهاض قواعده وإعادة لحمتها في مواجهة الأزمة التي واجهتها في الفترة الأخيرة، وأن التلويح بخيارات قاسية، كما ذكر جعجع، يعني دفع البلاد الى مواجهة قاسية.
وتحدثت المصادر عن تواصل تم خلال الايام القليلة الماضية بين المعارضة وقائد الجيش، إذ عقدت اجتماعات بينه وبين قيادات رئيسية في المعارضة أكدت موقفها الداعم لوصوله الى الرئاسة، وأن النقاش في سلة التفاهم هو نقاش مع الفريق الآخر لا مع سليمان ولا يستهدفه. وأكد سليمان في المقابل رغبته في عدم إقحامه في لعبة ابتزاز من هنا أو هناك، ولكنه شدد على أهمية خلق مناخات إيجابية تنسحب على وضع المؤسسة العسكرية التي باتت المسؤولة الوحيدة عن الأمن في البلاد.