14 آذار تـدرس تعـديل الدسـتور حكوميّـاً ونيابيّـاً وبـرّي يحمّـل السنيـورة مسـؤوليّة التصعيـد
تترقّب المعارضة إمكان إقدام فريق 14 آذار اليوم على خطوة تتعلّق بالتعديل الدستوري حتى تعتبر أن كل محاولات الوفاق قد نسفت. وأبلغت مراجع معنية جهات محلية وخارجية بأن لجوء حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الى إقرار مشروع للتعديل الدستوري بقصد الذهاب لاحقاً الى انتخابات بنصاب النصف +1 يعني قطع الطريق على كل محاولات التوافق، الأمر الذي وصفته أوساط 14 آذار بأنّه مشروع ليس لنسف الحوار، بل لترك الباب مفتوحاً أمام انتخاب العماد ميشال سليمان بعد رأس السنة حين يصبح تعديل الدستور صعباً.
إلا أن المناورات واللقاءات والاتصالات الجانبية القائمة في بيروت ودمشق وباريس، لم تغيّر من واقع الحال الجامد عند نقطة واحدة: الاتفاق السياسي على الحكومة هو شرط المعارضة للسير بالانتخابات الرئاسية. أما من جانب 14 آذار، فإنّ الموقف الذي أبلغ الى الفرنسيين هو من شقين: الأول يقول برفض منح المعارضة الثلث المعطّل، والثاني بأنه لا يمكن محاورة العماد ميشال عون إلا من خلال الفريق المسيحي في 14 آذار.
أمّا على مستوى التواصل السوري ـــــ الفرنسي، فقد علمت «الأخبار» أن الرسائل ظلّت متداولة بين الفريقين، وأنّ تبايناً برز بين وجهتي نظر الفريق المعاون للرئيس نيكولا ساركوزي والفريق العامل مع وزير الخارجية برنار كوشنير، والفريق الأخير هو الذي عطل إمكان التوافق على حوار مباشر بين العماد عون والنائب سعد الحريري. وعلم أيضاً أن المدير العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان أبدى تفهماً لمطالب المعارضة، وأنه سمع موقفاً سورياً جديداً لناحية الجزم بأنه لا مجال لدعم الانتخابات الرئاسية قبل الحصول على توافق سياسي على المرحلة المقبلة.
وكان العماد عون قد أعلن أمس، بوصفه المحاور باسم المعارضة، قرار «عدم التنازل عن ورقة التفاوض قبل الانتخابات الرئاسية». وأكد «لن نقبل بالوعود وعليهم تطبيقها اليوم، وأنه يثق بالعماد سليمان لكنه لا يثق بالوزراء الذين سيكونون من حصته، لافتاً الى تجربة الرئيس السابق إميل لحود».

14 آذار والتعديل

وقال قطب في 14 آذار لـ«الأخبار» إن الحكومة ستدرس في جلستها اليوم أمر إقرار مشروع قانون تعديل دستوري يجيز انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وسترسله إلى المجلس النيابي في موازاة مشروع تعديل مماثل ستعدّه الكتل النيابية لفريق 14 آذار. وأشار إلى أن الحكومة ستدرس مع بداية السنة الجديدة أمر فتح دورة تشريعية استثنائية لمجلس النواب من أجل درس مشروع التعديل الدستوري وإقراره.
وأشار المصدر إلى أن الموالاة «تريد من خطوتها المزدوجة هذه، لجهة مشروع التعديل الدستوري، أن تسهّل مهمة الرئيس نبيه بري. فإذا لم يرد تسلّم مشروع الحكومة التي يشكّك في شرعيتها، فبإمكانه الأخذ باقتراح التعديل الذي ستقدمه الأكثرية النيابية». وأضاف: «إن الموالاة ليست في وارد البحث في تشكيلة الحكومة الجديدة قبل انتخاب رئيس الجمهورية. وعندما أطلق الرئيس بري مبادرته في 31 آب في بعلبك، شدد على الاتفاق على الرئيس الجديد وأكد صرف النظر عن مطلب تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وبعدما توصلنا إلى رئيس توافقي هو العماد سليمان أُعدّت ورقة محضر مع وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير تم الاتفاق مبدئياً فيها على أن تؤلّف حكومة وحدة وطنية ويُقرّ قانون انتخابي على أساس اعتماد القضاء دائرة انتخابية، فلماذا لم يتم انتخاب الرئيس بعد حتى تؤلف هذه الحكومة ويبدأ إعداد القانون الانتخابي؟».
وأكد القطب أنه «لا الموالاة ولا العماد سليمان ولا البطريرك نصر الله صفير في وارد القبول بالبحث في تشكيلة الحكومة الجديدة قبل انتخاب الرئيس». وسأل: «ما دامت المعارضة تؤيّد ترشيح العماد سليمان، ألا تثق به وتطمئن إلى تأليف حكومة وحدة وطنية؟» واستدرك قائلاً: نحن نقبل بحكومة لا يكون لنا فيها الثلثان ولا للمعارضة الثلث المعطّل، وتكون صيغة التوافق في حصة رئيس الجمهورية من المقاعد الوزارية. لكن لا يمكن أن نقبل بثلث معطّل في يد المعارضة، لأن البلد لا يتحمل إعادته إلى ما كان عليه.
وعن الاقتراح الفرنسي رعاية حوار بين العماد ميشال عون والنائب سعد الحريري في باريس، قال القطب الموالي إن هذا الاقتراح سقط نتيجة إصرار عون على أن يكون المحاور المفوّض من المعارضة في مقابل إصرار الحريري على اصطحاب مسيحيي 14 آذار إلى هذا الحوار، وقال: «لا يمكننا تطويب المسيحيين لعون». وكرر اعتبار تفويض المعارضة إلى عون التفاوض مع الموالاة «مناورة»، مؤكداً أن التفاوض معه غير وارد.

برّي لن يتسلّم التعديل

وقالت مصادر مطلعة على موقف الرئيس بري لـ«الأخبار» إنه لن يتسلّم أي مشروع تعديل دستوري يمكن أن ترسله حكومة الرئيس فؤاد السنيورة إليه، وأنه يعتبر أن هذا الأمر قد تمّت معالجته في ضوء المشروع الذي أعدّه والنائب بهيج طبارة والذي يفتي بجواز إجراء التعديل الدستوري في مجلس النواب مباشرة، وأن إنجاز الاستحقاق الرئاسي كان ولا يزال يتعثّر عند موضوع الحكومة، حيث تصرّ المعارضة على إنجاز الاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية قبل انتخاب الرئيس وذلك في إطار سلّة الحلول المتكاملة التي تنادي بها المعارضة.
ولفتت هذه المصادر إلى أن التواصل بين بري والفرنسيين مستمر، وأشارت إلى أن بري كان ولا يزال ينصح الموالاة بوجوب التحاور مع عون «لأنه لا عبور إلى أي حل من دون التفاهم معه». واتهمت المصادر الرئيس السنيورة بأنه «هو من يعرقل الحلول، لأنه يعتبر أي حل يحصل سيكون على حسابه شخصياً».