14 آذار ترشّح 5 شخصيّات شيعيّة لتولّي مناصب وزاريّة وتترك للجميّل تسمية خلف لنجله
في خطوة مثّلت عنواناً جديداً للأزمة السياسية القائمة، أعلنت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة إقرار مشروع قانون تعديل دستوري يسمح بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. ورأى الرئيس السنيورة الأمر بمثابة خطوة اضطرارية في مواجهة أزمة الفراغ، وأنّ الحكومة استندت إلى ما لديها من صلاحيات بالوكالة لإنجاز الأمر. أمّا قوى المعارضة فرأت في الخطوة تصعيداً يجب الردّ عليه، مقابل تأكيد الرئيس نبيه برّي أنّه سيتعامل مع القرار وكأنّه غير موجود. وذكرت مصادر وزارية أنّ في فريق 14 آذار من يدرس خطوات إضافية، من بينها إعادة ترميم الوضع الحكومي بتعيين وزراء بدلاء من المستقيلين. وأعلنت حكومة السنيورة إقرار القانون الذي يطلب تعديل المادة 49 من الدستور. كما دعت المجلس النيابي إلى فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي أوّل السنة، تستمرّ حتى منتصف آذار المقبل، وذلك لإقرار مجموعة مشاريع قوانين. كما أعلنت أنها بصدد اتخاذ القرارات المناسبة لعدم إبقاء البلاد في حالة شلل.
وإذ رأى فريق 14 آذار أن الخطوة طبيعية لحماية مشروع انتخاب العماد سليمان، أعلنت مصادر بارزة فيه أن عريضة سيوقعها 68 نائباً لإقرار التعديل الدستوري ذاته في أقرب جلسة لمجلس النواب، ما أوجد مناخات سلبية عند قوى المعارضة كافة.
وذكر الرئيس برّي أمام زوّاره أمس أن الخطوة تمثّل التصعيد الذي كنّا نحذّر منه، وأنّ رئاسة المجلس لا تعترف بما صدر، وهي لن تتلقّى القرار، وستعمل على مواصلة الحوار بقصد التوصل إلى تفاهم. وأكد بري أن لديه الصيغة التي يعرفها فريق السلطة والتي لا توجب تعديلاً دستورياً لانتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية، ولكن يبدو أن هؤلاء لا يريدون الحوار ويريدون فرض أمر واقع، وهو ما لن يقبل به أحد. وأضاف برّي: ربّما تشكّل هذه الخطوة عرقلة لانتخاب العماد ميشال سليمان، لأنّهم يعرفون أن تفسير المادة 74 لا يوجب أي تعديل دستوري. وحذّر بري من أنّ الموالاة تريد خلق فتنة بين المعارضة والعماد سليمان، ولذلك فإنّ المعارضة ستبقى على دعمها ترشيح قائد الجيش وستعمل على إنضاج توافق سياسي يحصّن الرئيس المقبل.
وشنّ برّي حملة مركّزة على الرئيس السنيورة، متّهماً إيّاه شخصياً بالعمل على تعميم الفراغ والاستيلاء على كلّ الصلاحيّات، محاولاً الاستفادة من الموقف الأميركي. وكشف برّي عن مشاورات جارية مع بقية قوى المعارضة لاتّخاذ خطوة مقابلة.
من جانبه، رأى العماد ميشال عون في حديث إلى «الأخبار» أن ما قامت به حكومة السنيورة يعني أمراً واحداً، وهو أنهم لا يريدون التوافق، بل يوجّهون ضربة إلى كل ما كان يجري العمل على بنائه في الفترة الأخيرة. وأضاف «لقد اختاروا ليلة الميلاد لارتكاب خطيئة، وهم يعتقدون أنهم بهذه الطريقة يثبتون الفراغ ويتركون حكومة السنيورة تدير البلاد». وأوضح عون «أن المعارضة لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ما يحصل، وسيكون لها موقفها الواضح والعملي، وخصوصا أنّ هذه الخطوة جاءت بناءً على تعليمات تلقّاها فريق السلطة. وعلى ما يبدو، فإنّ من يقف خلفهم قرّر إنهاء ترشيح قائد الجيش، لأنّ ما حصل يعدّ ضربة له، عدا عن أنهم أرادوا تعطيل الحوار، لا الاتفاق». وأكد أن «محاولة الحكومة ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية لن تمر من دون ردود»، معتبراً أنّ «نهاية هذه الحكومة لن تكون سعيدة».
أمّا المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل فقد ربط خطوة حكومة السنيورة بزيارتي مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ولش. ورأى أن السنيورة يريد حصر كل صلاحيات الإدارات العامة التنفيذية به. واتهم الخليل السنيورة بأنّه يعمل على تحقيق مصالحه الشخصية ومصالح الأميركيين.
لكنّ الخليل أوضح أنّ المعارضة لن تنجرّ إلى فتنة هدفها تقسيم البلاد، رغم أنّ خطوة الحكومة تهدف إلى قطع الحوار وتأخير الاتفاق على الحل السياسي. وأكد الخليل أن المعارضة ستردّ، ولديها برنامجها الخاص لمواجهة مشروع حكومة السنيورة الاستئثار بالسلطة.
من جهته، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وصف الخطوة بأنها «مسرحية فولكلورية لا قيمة عملية لها، ولا يترتب عليها أي شيء». وأضاف «إنهم يحاولون أن يقولوا إنهم شرعيون وإن العمل بموجب صلاحيات رئيس الجمهورية هو حق لنا نمارسه، وهم يريدون أن يمارسوه لحشر رئيس مجلس النواب بالدعوة إلى تعديل الدستور الذي لا يحتاج إلى تعديل».
في المقابل، كشف قطب في 14 آذار أنّ اقتراحاً نيابياً بتعديل الدستور سيُرفع إلى الرئيس بري خلال أيام، وأكد أن الموالاة جادّة في المضيّ باقتراحاتها حتّى النهاية، مهما بلغت اعتراضات المعارضة. وأكّد أنّ فتح الدورة الاستثنائية للمجلس ليس مخصّصاً لتعديل الدستور وحسب، بل لإقرار مشروع الموازنة أيضاً، وغير ذلك من القضايا الحيويّة. ورأى القطب أنّ الاجتهاد القائل بأنّ المادة 74 من الدستور تسقط المهل وأنه ليس هناك حاجة لتعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش، ليس دستورياً. وردّ القطب سبب إحجام الموالاة عن محاورة عون إلى أنّ الشروط التي يضعها الأخير «غير قابلة للبحث». وأضاف: «بعد انتخاب الرئيس، كلّ شيء يصبح مطروحاً على الطاولة تحت رعاية الرئيس». وكشف أنّ باريس أبلغت دمشق موقفاً مفاده «إمّا انتخاب رئيس للبنان بنصاب النصف زائداً واحداً، وإمّا انتخاب العماد ميشال سليمان من دون شروط».

تعيين وزراء جدد

من جهة ثانية، أكّد مصدر بارز في قوى 14 آذار أن البحث الذي انطلق قبل مدة وجُمّد حول تعيين وزراء جدد مكان الذين استقالوا عاد ليقوم الآن بسبب شعور الأكثرية بأنّ المعارضة لا تريد انتخاب رئيس سريعاً، وأنه ربما تبقى البلاد في حالة شلل حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة.
وأفاد المصدر أن وزيرين على الأقل من حكومة السنيورة بادرا قبل مدة وجيزة إلى الاتصال بعدد من الشخصيات السياسية والمهنية الشيعية لمناقشتها في احتمال تعيين وزراء بدلاً من الوزراء الشيعة المستقيلين. وأوضح أحد الوزراء أن الأمر خضع للتشاور مع الجهات الداعمة في الخارج، ولا سيما مع الأميركيين. وذكرت المصادر أن المرشحين هم: ابراهيم محمد مهدي شمس الدين، الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، النائب غازي يوسف (بعدما رفض النائب باسم السبع هذه المهمة)، علي صبري حمادة أو رجل الأعمال البقاعي فادي يونس، ويجري الحديث مع شخصية من آل الأسعد.
أمّا بشأن المقعد الماروني الذي شغر باستشهاد الوزير بيار الجميل، فقد حُسم الحديث سلباً لناحية تولّي الرئيس أمين الجميّل أو نجله سامي المنصب، ويتركّز البحث الآن على شخصية كتائبية من الحلقة القريبة من الوزير الشهيد مثل ميشال خوري، المستشار السابق للوزير، أو الوزير السابق إدمون رزق بقصد استرضائه للعودة إلى الحزب، علماً بأنه نقل عن الرئيس الجميل قوله للرئيس السنيورة إنه يتحفظ على إنجاز هذه الخطوة الآن. وستعقد قيادة الكتائب اجتماعاً الأسبوع المقبل لحسم الموقف.
كما يجري البحث في اسم شخصية أرثوذكسية من الشمال، وإنّ أبرز المرشحين هو نجل النائب موريس فاضل بما يجعله أقرب إلى فريق 14 آذار من الوزير محمد الصفدي، علماً بأن شخصيات قريبة من «المستقبل» تريد تعيين بديل من أبناء عكار.