المعلّم تواصل مع غيان... وتسوية تحفظ حقوق الضباط دون مراسيم والسنيورة يصرف راتباً إضافيّاً للعسكريّين
شكلّ الاتّصال الذي أجراه وزير الخارجية السورية وليد المعلم بالمدير العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان الخرق الوحيد في جدار الأزمة القائمة، إذ أعاد الأمل بإنعاش الاتصالات الفرنسية على أساس ورقة التفاهم التي صيغت بحضور وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير. ووعد الفرنسيون بمعاودة الاتصالات بمساعدة جهات عربية بارزة بعد عطلة الأعياد، علماً بأن التوتر الداخلي ارتفع منسوبه أمس في ضوء قرار اتخذته قوى المعارضة بالعمل على تحرك واسع بعد عطلة الأعياد إذا لم تتوقف حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عن ممارسة صلاحيات رئاسة الجمهورية واتخاذ قرارات إدارية ومالية كبيرة.
وعلمت «الأخبار» أن جهات وسيطة أبلغت قوى بارزة في 14 آذار بأنّ المعارضة تنتظر اليوم، فإذا لم تؤجل حكومة السنيورة البحث في المواضيع المدرجة على جدول الأعمال الموزّع على الوزراء، فإنّها ستعلن توقف الحوار وعدم التجاوب مع أي وساطة، والمبادرة الى خطة تحرك احتجاجية كبيرة مطلع العام المقبل. وفهم أن جهات في 14 آذار دعت الرئيس السنيورة الى عدم اللجوء الى قرارات من شأنها تصعيد الأزمة، ولا سيما أن هناك ضغوطاً كبيرة على قيادة الجيش من جهة وعلى البطريرك الماروني نصر الله صفير من جهة ثانية لرفع الغطاء عن قرارات الحكومة المستندة الى صلاحيات رئيس الجمهورية.
ووصف مصدر قيادي في المعارضة الموقف بأنه خطير جداً. وقال إن عدم تراجع الأكثرية عن خطواتها الحكومية يعني دفع الأمور نحو المواجهة، وإعادة الأمور الى ما كانت عليه قبل الرابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي، عندما عدلت المعارضة عن خطوات ميدانية بعد تلقي تعهد بعدم لجوء قوى 14 آذار الى النصف +1، وامتناع حكومة السنيورة عن القيام بأيّ أعمال إدارية تمسّ صلاحيات رئيس الجمهورية. ولفت المصدر إلى أنّ المعارضة جادة في خطواتها، وهي تعلم أن الضغوط الاميركية على فريق 14 آذار ستُستأنَف قريباً مع عودة السفير جيفري فيلتمان الى بيروت.
في هذه الأثناء، بادرت قيادة الجيش اللبناني الى الطلب من الرئيس السنيورة عدم وضع المؤسسة العسكرية في قلب التجاذب الحاصل، ذلك أن إصدار قرارات ومراسيم خاصة بالترقيات والمناقلات داخل الأسلاك العسكرية دون توقيع رئيس الجمهورية سيسبّب إحراجات كبيرة قد تؤثر على تماسك المؤسسة، وعلم أن السنيورة وعد قائد الجيش العماد ميشال سليمان بالعمل على تفادي الأمر.
وعلم أن التسوية التي أقرت أمس لتفادي الأزمة تقوم على اعتبار قرار وزير الدفاع بشأن الترقيات يحفظ حقوق العسكريين من جميع الرتب، وألا يصدر مرسوم إضافي لأن المرسومين اللذين صدرا في الأول من كانون الثاني والأول من تموز من عام 2007 لم ينفذا بسبب رفض رئيس الجمهورية السابق إميل لحود التوقيع عليهما لأنهما صدرا عن حكومة السنيورة التي لم يعترف بها، وإقرار هذه الترقيات بمفعول رجعي يحتاج الى قانون من المجلس النيابي وهو أمر تعذر.
غير أنّ ذلك لم يمنع السنيورة من «ممارسة عواطفه» إزاء الجيش، فقرّر أن يمنح العسكريين راتباً إضافياً تقديراً لما بذلوه في مواجهات نهر البارد، فيما أنجز أمس مع وزير الدفاع الياس المر والوزراء المعنيين القرارات الخاصة بالشهداء والجرحى من العسكريين.
وفيما نفى وزيران من حكومة السنيورة علمها بتأجيل الجلسة، تحدّثا عن وجود مخارج تحيّد المؤسسة العسكرية عن التجاذب القائم وتسحب الحجة من يد المعارضة التي حذّرت بلسان قيادات بارزة فيها من أنّها لن تسكت عمّا تقوم به حكومة السنيورة.
وقال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إن المعارضة لن تقف مكتوفة الأيدي. وأضاف معلّقاً على احتمال إقرار حكومة السنيورة اليوم مشروع الرواتب والرتب للجيش وقوى الأمن الداخلي: «نحن في المعارضة سنتصرّف في ما تسلكه الحكومة غير الشرعية بحسبه، ولن نذكر طريقة وأداءً معيناً، لكننا نعتبر أنهم يأخذون البلد إلى مشاكل وتعقيدات سيتحمّلون مسؤوليتها، فإذا كانوا يعتقدون أننا سنتفرج عليهم إلى آخر المطاف فهم مخطئون وستثبت الأيام ذلك».
وتوقع قاسم تحركاً فرنسياً خلال الأيام المقبلة «على أساس المبادرة التي تعهد بها النائب الحريري، ثم لم يفِ بالتزاماته». وأكد أن «الأمور ليست مقطوعة بالكامل».
من جانبه، قال الوزير مروان حمادة لـ«الأخبار» إن «الخروج من الأزمة يكون بقبول حل يقوم على ألا يكون ثلثا الحكومة الجديدة للأكثرية ولا الثلث المعطّل للأقلية، ويكون رئيس الجمهورية هو الحَكَم، وهذا الحل يضبط الأمور والإيقاع حتى الانتخابات ويعيد لرئاسة الجمهورية وهجها».
ولفت حمادة إلى أنه ليس هناك توجّه إلى انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان بنصاب النصف زائداً واحداً «إلاّ إذا اعتمد التفسير الذي قدّمه النائب بهيج طبّارة، ولكن المعارضة تفرض شروطاً سياسية». وختم: «إذا كانوا يقولون إن الاقتراح النيابي كأنه لم يكن، وإن مشروع الحكومة كأنه لم يكن، فهل يراد أن يقال إن المجلس كأنه لم يكن؟».