قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس إن لقاءات وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك خلال زيارة الأخيرة إلى القاهرة، «انحصرت في موضوع واحد، هو كيف يمكن (الدولتين) التصدي لانتشار النفوذ الايراني في المنطقة»، مشيرة إلى أن «الخطر الوجودي الذي يهدد الدولتين من إيران وحلفائها، دفع بـ(الرئيس المصري حسني) مبارك إلى اثارة افكار تتصل بتسوية في هضبة الجولان، في محاولة لجذب السوريين من بين فكي الاحتضان الايراني».وأضاف مراسل الصحيفة للشؤون العسكرية، اليكس فيشمان، أن «مصر ترى في المصالحة الداخلية الفلسطينية هدفاً أساسياً من أجل مواجهة النفوذ الايراني، لكنهم في القاهرة يدركون عدم إمكان تحقيق مصالحة من دون هدنة مع اسرائيل، والتي بدورها لن تتحقق إذا ما استمر تهريب السلاح (إلى قطاع غزة) ومن دون عودة سريعة (للأسير الإسرائيلي) جلعاد شاليط».
بدورها، كشفت صحيفة «هآرتس» عن أن وزارة الخارجية الإسرائيلية وضعت سوريا أحد اهدافها الرئيسية للعام المقبل. ونقلت عن «وثيقة صدرت أخيراً عن الوزارة، أشارت فيها إلى أن سوريا ستكون هدفاً رئيسياً في جدول أعمالها للعام المقبل، بعد صوغ خطة استراتيجية لإخراج دمشق من محور الشر».
وأضافت الصحيفة، نقلًا عن مصادر رفيعة المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية، أنه «إلى الآن، لا خطة واضحة باتجاه الهدف المنشود، لكن هناك عدداً من السيناريوهات المتاحة والهادفة إلى إبعاد سوريا عن ايران وعن حزب الله وعن المنظمات الفلسطينية»، مشيرة إلى أن «خطة الخارجية تأتي في سياق الفحص الذي يجريه رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود اولمرت عبر وسطاء، لاختبار مدى استعداد دمشق للبدء بإجراء مفاوضات سياسية مع اسرائيل».
وأشارت الصحيفة إلى أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني صادقت قبل أيام على الخطة، التي تهدف أيضاً إلى «عزل حماس دولياً وتحسين الوضع الاقتصادي في الضفة (الغربية)، وتعزيز التطبيع مع دول عربية والتأسيس لعلاقات مع دول في الشرق الاوسط لا علاقات دبلوماسية لإسرائيل معها»، مشيرة إلى أن الهدف الإضافي للعام المقبل هو «إحباط البرنامج النووي الإيراني، وتقديم الدعم للجاليات اليهودية التي تعاني ضائقة».
وأعادت صحيفة «معاريف» إثارة ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن تسليم مصر رسالة سورية إلى باراك خلال زيارته الأخيرة إلى القاهرة. وقالت الصحيفة، رغم النفي السوري لرسالة كهذه، فإن الرئيس السوري بشار الأسد حاول اللعب على التناقضات و«بناء قناة حوار مع وزير الدفاع ايهود باراك تتجاوز (رئيس الوزراء إيهود) اولمرت، في محاولة منه لتليين السياسة المتشددة التي ينتهجها رئيس الحكومة»، مضيفة أن مصدراً سياسياً اسرائيلياً رفيع المستوى قال إن «محاولة الأسد لتجاوز أولمرت لن تنجح، لأن باراك ليس في اطار اللعبة» السورية.

اللغز السوري

من جهته، كشف المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، عن أن اسرائيل ما زالت تنتظر الرد السوري على غارة سلاح الجو الإسرائيلي في السادس من ايلول الماضي، مشيراً إلى أن النوايا السورية ما زالت لغزاً بالنسبة لإسرائيل التي تتوقع استخباراتها العسكرية رداً في العام المقبل، ضد المصالح الإسرائيلية في العالم.
وأضاف هرئيل أن «الحدث الأبرز في عام 2007 هو الحرب مع سوريا التي لم تندلع، رغم الهجوم الغامض لسلاح الجو الإسرائيلي في شمال سوريا في السادس من ايلول الماضي»، مشيراً إلى أن «الرئيس السوري اختار الانتظار ولم يردّ عسكرياً على الهجوم، بل يدلي بتصريحات متضاربة بشأن نواياه».
وأضاف هرئيل أن وراء ضبط النفس السوري اسباباً عديدة، منها «ضرورة اخفاء طبيعة المشروع الذي تمت مهاجمته، وهو منشأة نووية بنيت بمساعدة من كوريا الشمالية، وموازين القوى (المختلة) بين الجانبين، التي تجسدت بالتفوق العملياتي والاستخباري في الغارة الجوية الإسرائيلية نفسها».
وكشف هرئيل عن أن «إسرائيل كانت تنتظر (الرد السوري) وهي مستنفرة لقواتها، وقد بلغ الاستنفار على الحدود الشمالية اعلى درجة له منذ حرب لبنان الأولى عام 1982، لكن بعد أربعة ايام، توصلوا في الأركان العامة للجيش الإسرائيلي إلى قناعة بأن الأسد لن يهاجم في المدى الفوري».
وتساءل هرئيل عن نوايا الرئيس السوري للعام المقبل، و«الذي يبدو زعيماً مسؤولاً وكل همه تهدئة المنطقة، مثلما ورد في كلامه لصحيفة «دي برسا» النمساوية» قبل أسبوعين، «لكن كيف يمكن تفسير انجراره إلى مشرع سري (نووي) خطير إلى هذا الحد في ساحته الداخلية»، مشيراً إلى أن «الاسد ما زال لغزاً بالنسبة للقيادة السياسية في اسرائيل ولأجهزتها الاستخبارية، إذ إن رئيس الموساد مائير داغان يظهر شكوكاً في نواياه وفي امكان التوصل معه إلى اتفاقية سلام، بينما يبدو رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية عاموس يدلين أكثر تفاؤلاً».
وشدد هرئيل على أن «لغز دمشق سيشغل قادة الاستخبارات (الإسرائيلية) للعام المقبل، لكن إذا اختار اولمرت مباشرة المفاوضات مع سوريا فسيجد رئيس اركان الجيش غابي أشكنازي مؤيداً، وهو أعرب قبل عشر سنوات عن موقف مهني يبرر الانسحاب من الجولان، بشروط معينة»، لكنه عاد واستدرك بأن «المسار السوري يبقى مرتبطاً بالتطورات التي تشهدها ساحات اخرى في المنطقة، مثل المفاوضات مع الفلسطينيين والصراع حول الانتخابات في لبنان، وإن كانت اسرائيل تقترب من مهاجمة المنشآت النووية الايرانية».
ونبه هرئيل إلى أن أحد الاسباب القائمة وراء «اللغز السوري»، هو ان «غارة السادس من ايلول ما زالت حساباً مفتوحاً، ولا يستبعدون في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية احتمال أن يحاول الاسد اغلاق الحساب، كأن يعمد في هذا العام إلى استخدام الإرهاب بالواسطة، ضد أهداف اسرائيلية في الخارج».