رنا حايك
تعود جذور علم الفلك العربي إلى الحقبة السومرية في بلاد ما بين النهرين، إلا أنه علم تطوّر في أوج الحضارة العربية، وتوسعت رقعة تداوله لتشمل كل حوض المتوسط حتى موريتانيا وأقصى جنوب الصحراء.
اندثرت هذه الممارسة مع الوقت، لكن رواسبها لا تزال ظاهرة في صقلية التي احتلها العرب حتى القرن الحادي عشر وارتبطت بأعمال السحر. وتشحّ الأدبيات المرتبطة بهذا العلم، لذلك برز التاريخ الشفوي سنداً أساسياً للبحث في تفاصيله. أما الكتب فهي إن وجدت لا تتوافر بسهولة، ويعدّ أشهرها كتب ثابت بن قرة وغالب بن جاذب والبمصر. وبما أن العرب هم قبائل رحّل، احتلّ القتال حيّزاً مهماً في أسلوب حياتهم، فقد اتّخذت أبراجهم أسماء أدوات القتال من رمح وسهم وسكين وإلخ...
تقسّم الأبراج العربية ثلاثة مستويات من الأسلحة: فالأسلحة القصيرة تتضمن السكين والخنجر والساطور والخنجر العربي. بينما تتضمن الأسلحة المتوسطة: صولجان الحديد وهراوة الفلّاح والفأس والسلسلة. وتتكوّن الأسلحة الطويلة من السيف والرمح والمقلاع وقوس النشاب.
السّمات العامة:

■ الأسلحة القصيرة
يتّسم المنتمون إلى هذه الفئة من الأبراج العربية بالانطوائية، لا يتقنون التعبير عن ذواتهم ولا إبراز مزايا شخصياتهم ومهاراتهم. يبتعدون عن الأضواء ولا يعنيهم هاجس التأثير على الآخر. بشكل عام، يفتقدون إلى حسّ المسؤولية ويمتنعون عن المبادرة. يكفيهم القليل وليسوا متطلبين. هؤلاء الأشخاص يحتاجون دائماً إلى دعم وحثّ ليتقدموا ويتطوّروا. يتفقون مع المنتمين إلى أبراج المستوى الثاني (أي الأسلحة المتوسطة)، بينما يصعب عليهم مجاراة المستوى الثالث لافتقارهم إلى مزايا الطموح والحيلة والحذاقة اللازمة.

■ الأسلحة المتوسطة
مجموعة الأسلحة في هذه الفئة هي أسلحة دفاعية، تتحلّى ببعض التلقائية والبساطة فتخدم من يحتاج إلى الاستعانة بها. هذه الأسلحة تفتح الباب على جميع الاحتمالات: هي مزلجة أو خشبة للقفز بحسب الظروف. في شكل عام، يتميز من ينتمون لهذه الفئة بالحكمة والتأمل والفعالية. يسيرون بخطى واثقة، تحرّكهم إرادتهم في إنجاح مشاريعهم، ويبعدهم هذا الإصرار عن خوض المغامرات. طموحهم وإقدامهم يجعلانهم يقيسون الأخطار المحتملة قبل اتخاذ القرارات. طبعاً يرغبون في التقدم لكن الحفاظ على السكينة يبقى من أولوياتهم. هم متعقّلون، يتحلّون بالحكمة والتوازن والاستقرار. قد يبدون غير مشوّقين في البداية، لكن ذلك سرعان ما سيتبدل لو قرّروا إظهار آلاف الاحتمالات التي ينفتحون عليها. يميل المنتمون إلى هذه الفئة إلى تكريس وقت للسفر وللقراءة وإلى تقسيم حياتهم بين قطبين: مهنتهم وأسرتهم. إلا أن التجاذب الدائم بين هذين القطبين يجمّد مواليد هذه الأبراج في أماكنهم «الوسطية» ولا يبارحونها لارتقاء القمم.

■ الأسلحة الطويلة
هذه الأسلحة ترمز إلى السطوع والتألق. يتمتّع المنتمون إليها بثقة في النفس عالية، رغم لحظات القلق والاضطراب التي يعانونها من وقت إلى آخر. هذه اللحظات التي تكبّلهم أحياناً ليست أكثر من تنفيس عن رغبتهم بالتزام حسن الأداء، وبمساعدة المنتمين إلى الأسلحة الأخرى أو القضايا التي تهمّهم بنزاهة وضمن سلوكية غير نفعية. يطمحون إلى التأثير على محيطهم الضيّق والأوسع، فيمتهنون السياسة أو الصحافة أو الطب أو الفن. حتى لو كانوا فقراء أو تعساء في حياتهم، يحلّق المنتمون إلى هذه الفئة عالياً متخطّين هواجس المال والسلطة. هناك، يبحثون عن الحقيقة، فيبدعون فناً ويقيمون أبحاثاً ويقودون ثورات. يتمتعون بالذكاء والمواهب الفنية والمهارات والطوق الدائم إلى المثالية.
تعبّر هذه السمات العامة التي تميّز كل مستوى من مستويات الأبراج العربية عن روح العصر الذي أنتجها وعن الشخصية العربية الأحادية في الحكم على الأشياء والمرتكزة على الطبقية القبلية، وبذلك، يكون العرب قد حققوا بعض الانسجام مع الذات، على الأقل في هذا المجال.

برجك بالعربي