strong>راجانا حمية
بين مقابلتين، وجدت ماغي فرح «break» لـ«الأخبار» تجيب فيه عن محاور كتابها الجديد، وعن أسئلةٍ طُرحت «5000 مرّة» عليها... فكنّا نحن نطالبها بإجابةٍ عن سؤالنا الـ«5001». لم تنزعج من المحاولة الأولى بعد الـ5000 السابقة، وأجابت بابتسامتها وصوتها الهادئ «يلّا أوكّي، بس بليز بسرعة عشان عندي شغل»

قبل أن تُجيب فرح على السؤال الأول تلتفت إلى زميلنا مروان ولا تستطيع منع نفسها عن اكتشاف برجه «إنت ترابي أو مائي، هيك مبيّن، بس أكيد منّك هوائي ولا ناري». هنا، قد تدفعك الحشريّة إلى تمييع السؤال عن بداياتها في عالم الأبراج، والقفز إلى ما يخبّئه المستقبل لنا نحن الاثنين، بعدما أصابت في أوّل توقّعاتها، لكنّها لن تطيل الحديث خارج المقابلة، وخصوصاً أنّنا استطعنا الحصول عليها عقب تأجيلين، لتثبت في المرّة الثالثة بين مقابلة «راديو دلتا» ومقابلة أخرى مع إحدى القنوات التلفزيونيّة، أو بتحديد أكثر، في فترة «النصف ساعة» التي انتظرتها في «دلتا» ريثما يصل سائق السيّارة.
خلال هذه الفترة، حاولت فرح تكثيف إجاباتها قدر المستطاع، مستعينة في غالبيّة الأحيان بكتابها، إذا ما شعرت بأنّ إجابتها قد تطول، «شوفي، هون بالكتاب في كل شي بدّك تسألي»، ورغم ذلك، ثمّة ما يُشعرنا بالرغبة في معرفة أكثر ممّا هو موجود داخل الكتاب، أو معرفة أحوال السياسيين في 2008. ولكن ماغي لن تجيب، مذكّرة بشرطها قبل بداية المقابلة «من دون سياسة» لأنّ لا مكان للتدجيل والتبصير في علم الفلك.

لا تدجيل ولا تبصيرفهنا، ماغي فرح تعرف أنّ ثمّة «أكثرية» من «المشعوذين»، كما في السياسة اللبنانيّة، تتخصّص في «الوهم»، مؤكّدة أنّ عملها «ليس الضحك على عقول الناس الصغيرة، وجني الأرباح»، رغم أنها تفخر بمبيع كتبها. كيف لا وهي الواثقة بأنّها «لم تتفلسف يوماً»...«ولا دجّلت»...«ولا بصّرت»...«ولا توقّعت»، بل «قالت» احتمالات ورموزاً لا حتميات، كما شدّدت في مقدّمة كتابها الجديد «2008، آمال تُزهر»...»على كوننا نفتح باباً في هذا العالم لنكتشف أسراره ولكنّنا لن نعرف كل شيء، نلاحق ونرى ونحقّق في بعض الوقائع ولا نستنتج افتراضات».
تبدأ ماغي عامها الجديد بآمالٍ تُزهر، أو أنّها أملت أن تكون كذلك، بعد سنتي الانهيارات الدراماتيكيّة، وتعقّب تسميتها بأسباب كثيرة تُسعف احتمالها، استناداً إلى مواقع النجوم والكواكب. فترى أنّها أفضل من ثماني سنوات مضت، تتميّز بالحكمة والاتّزان واتّخاذ القرارات الحاسمة، إلاّ أنّها استثنت منها شهرين فقط، أواخر كانون الثاني المقبل وبعض من التشرينين أيضاً، إذ يسجّل الفلك في هاتين الفترتين «مفاجآت وإرباكات، تشهد إمّا سقوط أنظمة أو شخصيّات أو انطلاقة جديدة لحزب أو مجموعة أو قوّة تفرض نفسها في مكان ما».

سنة واعدة

أمّا في ما يخصّ توقّعات الـ2008 العامّة، فتفترض فرح أنّها «تحمل إلينا بعض الوعود»، فهي مبدئياً «سنة واعدة تحمل في طيّاتها حلولاً وآمالاً جديدة، قد يسخر منها المراقب للأحداث السياسيّة، لصعوبة تصوّر التوقّعات الإيجابيّة في هذه الفترة التاريخيّة الحاسمة والساخنة التي تنذر بالأسوأ». إلاّ أنّ «الواقع» الفلكي يدلّ على «بصيص نور ويرى في مواقع الكواكب أملاً بانفراج أو حلول، أو هدنة على أقلّ تقدير، ولا سيّما أن وجود كوكب جوبيتير في برج الجدي يشير إلى نمط هادئ كما إلى الحكمة والتعقّل والنضج قبل اتّخاذ أي قرار، وقد يتفادى المسؤولون مشاكل كبيرة في هذه السنة التي تركّز على القيم والمبادئ ولو لم تعد على «الموضة»، فيتوق الناس إلى هؤلاء لكي يتولوّا شؤونهم، فيما يميل الكثيرون إلى تبنّي القضايا المحقّة والدفاع عن مبدأ أو رسالة».

مهنياً، عاطفياً وسياسياً

2008 من الناحية المهنيّة والعاطفيّة تبدو أقرب إلى التفاؤل، إذ ترى فيها فرح «سنة الاستثمار والعقارات والبورصة التي قد تشهد هبوطاً في العامين المقبلين، كما أنّها سنة الاستقرار العاطفي لمعظم المواليد والزواج والحب، أمّا سياسيّاً، فقد لا تنبئنا الـ2008 بجديد إيجابي إلاّ بعض الثغر الطفيفة».
فللمرّة الأولى، ترى فرح تنافراً بين التوقّعات الفلكيّة والأخرى السياسيّة، إذ تشهد المنطقة تغييرات جذرية في ديموغرافيّتها وجغرافيّتها وانتماءاتها وتحالفاتها واقتصادها وثرواتها وميولها ومعتقداتها. كما تبرز في هذا العام قضايا العدالة والحق والقانون التي تتحدّث عن مفاجآت وإدانات واتّهامات وفضائح تُذهل الناس. وسياسياً أيضاً، ثمّة انتخابات نيابيّة مهمّة في بعض أقطار العالم، وقد يكون بعضها مفاجئاً وغير متوقّع فيسعى الكثيرون إلى المشاركة وإعطاء الرأي واختيار الممثّلين الأكفّاء، وقد يتحمّس الناس لزعمائهم أو مختاريهم من السياسيين ويكون الطموح كبيراً بحيث نسمع نقاشات سياسيّة واجتماعية واقتصاديّة تشدّ الانتباه.
وسياسيّاً أيضاً، تتذكّر فرح أنّ سقوط أنظمة وفضائح حصلت في دورات فلك مماثلة لدورة السنة الجديدة، كغزو العراق للكويت وطلاق ديانا وتشارلز والاجتياح الإسرائيلي عام 1982 وعدوان 2006، وتذكّر في الوقت نفسه بأنّ الآثار لا تزال ممتدّة، مرجعة السبب إلى أنّ استقرار كوكب أورانوس في برج الحوت ينذر دائماً بحرب قد تشتعل، ولن يترك مكانه قبل عام 2010.
كما أنّ «تنقّل كوكب بلوتون بين برجي الجدي والقوس ووجوده إلى جانب جوبيتير في الجدي يمارس تأثيراً كبيراً قد يغيّر وجه العالم ابتداءً من هذه السنة وحتى 2024، إضافة إلى أنّ وجوده في الجدي مربك بعض الشيء، إذ يشير إلى تغييرات تطاول الجماعات والأشخاص والدول»، ولا شك أنّ «النزاعات ستكون كثيرة، وخصوصاً أنّ هذا الكوكب لا يستقرّ دفعةً واحدة وينبئ بتغييرات سياسيّة آتية على مدى السنوات المقبلة وتبديلات في النظرة إلى النجاح والمال والسلطة، وقد تتغيّر مقاييس وأنظمة وقوانين بسرعة هائلة».
ولعلّ الخطر الثالث الذي يمثّله وجود بلوتون في الجدي، أنّه كوكب يرمز إلى الثورة والحروب، والمعارك واللقاءات السياسيّة الحامية والاتفاقات السرّية، وقد يكون شهر تشرين الثاني الأكثر دقّة في هذا الإطار، غير أنّ وجود ساتورن (زحل) في برج العذراء يخفّف من هذه التوقعات ويلجم خطرها في اللحظة الأخيرة.

كوارث محتملة

كوارث جوبيتير وبلوتون لا يمكن أن تكون عادية، فلقاؤهما يشير إلى وضع متفجّر كبير أو أزمة نوويّة أو خطر كبير داهم أو هزّة أرضيّة أو بركانيّة تترك خسائر كبيرة، أو حدث سياسيّ أو اقتصادي خطير قد يؤدّي إلى خسائر ضخمة أيضاً وأخطار تُخفى عن الناس أو يؤجّل الإعلان عنها. كما أنّ 2008 لن تكون مختلفة عن سابقاتها في أحداث الاغتيالات، فقد نسمع بعمليّة اغتيال كبيرة وانهيارات هدّامة، ولن تكون الولايات المتّحدة الأميركيّة بعيدة عن هذه الأخطار، والتي قد تطرأ في بدايات السنة، إضافة إلى الكوارث الطبيعيّة والأحداث الصناعية كانفجار أحد المصانع أو المعامل بصورة مهولة تثير جدلاً كبيراً. وليست مختلفة أيضاً في المواجهات، إذ تحمل قضايا مهمة وأساسيّة يتجادل بها المسؤولون في العالم، وقد تؤدّي إلى مواجهات خطيرة وخوف من إعلان حرب أو الاقتراب منها.
وفي السياسة الدوليّة، يتأرجح الفلك بين واقعين، واقع يكشف النقاب عن جماعات ثوريّة تهدّد بالأسوأ وتُشهر السلاح في وجه بعض قوى النفوذ، يبحث في ظلّها الناس عن السلامة فتكثر المؤسّسات الأمنيّة الحامية من جهة، ويهدّد العالم بالفوضى والحوار المفرط من جهة أخرى، إضافة إلى بعض المشاكل الاقتصاديّة التي تهدّد الكثيرين بترك أعمالهم. وواقع آخر مختلف يعد بالأرباح في البورصة والاستثمارات البتروليّة والعمليات المصرفيّة، ونجاح في عالم السينما والراديو والتلفزيون والإعلانات والإلكترونيات والكومبيوتر والإنترنت والخدمات الخلوية.
وثمّة ما يميّز 2008 قليلاً، فبعيداً عن كوارثها المحتملة، تحمل بعض الاهتمام بالقضايا التربويّة التي تستأثر بالاهتمام والدعم الحكومي والسياسي، والصحّية، إذ قد نسمع بعلاجات شافية لأمراض مزمنة واختراعات جديدة وتقنيات حديثة في عالم المستشفيات والجراحة.
وتختصر ماغي فرح بعض أحداث هذه السنة «السعيدة»، ففي أدقّ الأوقات تبرز حلول جديدة ووعي جماعيّ لإنقاذ الأرض من كوارث محتملة والناس من الأوبئة والحروب، ولكن من دون أن تكون الحلول نهائية. بمعنى أنّها «سنة مفتوحة قد تكشف عن بعض الأوكار الإرهابيّة قبل قيامها بعمليّات كبيرة خطّطت لها، وبعض المتطرّفين الذين يحاولون فرض نظامهم في كل أنحاء العالم، وتخرج إلى العلن نيات بعض الأقلّيات التي تحاول أن تستقلّ عن المحيط لتنشئ وطناً خاصّاً بها، ممّا يولّد حساسيّات وصراعاً بين الداعين إلى العلمنة والمتعصّبين لمذاهبهم وإثنياتهم».