تهدئة لأسـبوعين وتعديل سعودي على تفـاهم طهـران يطلب تزامناً بين ملفّي المحكمـة والحكومـة
عادت الامور الى النقطة الصفر من حيث المساعي السعودية ـ الايرانية الخاصة بالأزمة اللبنانية، لكن قوى المعارضة اتفقت على تهدئة ضمنية من شأنها ملاقاة مساع لدى فريق السلطة بسحب التوتر من الشارع أيضاً، وسط أجواء توحي بأن البلاد سوف تشهد نوعاً من الانفراج ولو الشكلي لما بعد الرابع عشر من شباط الحالي، ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، حيث تلقت مرجعيات غير لبنانية أن قوى 14 آذار تتجه صوب تحرك رمزي في المناسبة، وأن النقاش يتركز على مسيرة مختصرة وقليلة الحشد تتجه صوب الضريح مع طلب من المعتصمين إخلاء الساحة أو تخفيف الاعتصام ولو ليوم واحد، علماً بأن القوى الأمنية اتخذت المزيد من الإجراءات لمواجهة أي مفاجأة غير سارة.
وبينما أعلن في باريس أن الرئيس جاك شيراك سوف يستقبل الأحد رئيس مجلس الأمن القومي السعودي بندر بن سلطان للبحث في الملف اللبناني، علمت “الأخبار” أن السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة أبلغ الرئيس نبيه بري عن تعديلات طرأت على التفاهمات السعودية ـ الإيرانية بشأن بنود الحل، وأن قوى 14 آذار أبدت اعتراضاً على عدم ربط المحكمة الدولية بالحكومة الجديدة، وأن الاقتراحات الجديدة تقول بتأليف لجنتين من المعارضة والموالاة، واحدة تتولى مناقشة التعديلات على مشروع نظام المحكمة، والأخرى تتولى مناقشة ملف الحكومة وما يتعلق بتوزيع الحصص والمقاعد والأسماء، على أن يكون النجاح في عمل اللجنتين شرطاً لتنفيذ الحل، وإن تعذر على أيٍّ من اللجنتين التوصّل الى نتيجة نهائية لا يؤخذ بعمل اللجنة الثانية، وهو ما افترضه بري تعديلاً جوهرياً ينسف ما نقل إليه سابقاً عن اتفاق على تأليف الحكومة ومن ثم يصار الى تأليف اللجنة الخاصة بالمحكمة وتحال خلاصة أعمالها الى الحكومة الجديدة، مع تعهدات قاطعة من جانب المعارضة بألا تعمد الى تعطيل الحكومة. وإن العودة الى فكرة التزامن بين الخطوتين تمثل انتكاسة كبيرة للجهود القائمة.
وحسب مصادر قيادية في المعارضة فإن ما تلقته من معلومات عن نتائج المساعي السعودية ـ الإيرانية تفيد بأنها اصطدمت بضغط فرنسي يريد تمرير المحكمة بصورة حاسمة الآن وقبل أي خطوة أخرى، وأن إقرار المحكمة من خلال المجلس النيابي يجب أن يكون شرطاً حاسماً للقبول بالحكومة الجديدة، وهو الأمر الذي يحرص السفير الفرنسي في بيروت برنار إيمييه على قوله أمام من يلتقيهم، كما هي حال سفيرة بريطانيا الجديدة في بيروت، التي ركزت في حواراتها مع القادة السياسيين على أولوية ملف المحكمة.
وقد عقدت خلال الايام الاخيرة سلسلة من الاجتماعات بين قادة المعارضة، فاستقبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الوزير السابق سليمان فرنجية الذي التقى العماد ميشال عون، كذلك التقى نصر الله الوزير السابق طلال ارسلان فالنائب والوزير السابق ميشال سماحة، وتُعد ترتيبات لعقد لقاء بين نصر الله وعون.
إلا أن الجميع ينتظر عودة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الخميس المقبل، لكن الأكيد أن أوساط المعارضة لا تملك جديداً عما يريد أن يقوم به موسى وإن هي حرصت على إبلاغه بأنها ترحّب به. وقد أبلغته أيضاً أنها تنتظر منه أفكاراً تحقق اختراقات جدية لا أن يتحول الأمر الى لعبة كسب للوقت فقط.
عون: ماذا تريد أميركا؟
وفي ظل هذه الأجواء قال عون لـ«الأخبار» إن المعارضة مستمرة في ضغوطها على الحكومة التي يصفها بأنها حكومة «الاقلية الشعبية» بوسائل مختلفة ترمي الى تحقيق أهداف المعارضة. وهو إذ يسجل ملاحظات على تحرك السفيرين الأميركي جيفري فيلتمان والفرنسي برنار إيمييه في أكثر من اتجاه بغية تحريض الحكومة على الإمعان في تجاهل مطالب المعارضة وجعل الحكومة تسلك مسالك انقلابية، أبدى تخوفه من أن تكون السياسة التي ترسمها واشنطن للبنان مطابقة لتلك التي اعتمدتها في العراق.
وقال عون: «نتطلع الى العراق فنرى أن السياسة الأميركية أوصلته الى الفوضى من جرائم وتفجير سيارات، الى حرب أهلية فعلية. يتسببون بكل ذلك ويقولون إنهم يخافون مما يجري هناك». وأوضح أنه لمس من زواره اليوميين تساؤلات يطرحونها عليه عن قلقهم مما قد يكون تخطيطاً أميركياً لما يحدث في العراق، ويتشكك الاميركيون في قدرتهم على مواجهته ومعالجة الامور الشائكة، ولاحظ أن السياسة الاميركية في لبنان «كأنها تدفع الى التصادم اكثر منها الى الحل بناءً على ما يجري في العراق. من هنا ثمة تحفظ كبير على السياسة الاميركية عندنا. فإما أن الاميركيين هم من يفجر الاوضاع في العراق أو هم يجهلون ما يحصل. والامران كارثة. وأنا أخشى أن تكون واشنطن تدفع في اتجاه مماثل بدءاً مما حدث الخميس 25 كانون الثاني. وكل ذلك من أجل دعم حكومة الاقلية الشعبية التي تبحث عن تصادم مع المعارضة، وتخلّ بكل الممارسات الدستورية في الحكم».
وحدّد عون سبع مخالفات ارتكبتها الحكومة للدستور حتى الآن:
ــــــ المادة 19: عبر تعطيل المجلس الدستوري وإلغاء دوره بتشريع غير قانوني، وبذلك ألغت الحكومة سلطة مراقبة السلطة التشريعية التي من شأنها حماية الاقلية من طغيان الاكثرية.
ــــــ المادة 83 من حيث عدم إرسال موازنتي سنتين متتاليتين الى مجلس النواب، لا في المهلة المنصوص عليها في الدستور ولا خارجها.
ــــــ المواد 49 و52 و53 المتعلقة بصلاحيات رئيس الجمهورية، وقد استولت الحكومة عليهابالتواطؤ مع سفارات اجنبية في ما يتعلق بالسياسة الخارجية وإقرار المعاهدات وتعطيل علاقة رئيس الجمهورية بالخارج ومقاطعة سفراء له بناءً على طلب هذه الحكومة. كذلك ما يخص صلاحيته في توقيع المعاهدات الدولية وإبرامها. ويتصل هذا بمشروع المحكمة الدولية الذي تتعمد حكومة السنيورة تجاهل توقيعه الدستوري عليه، إضافة الى صلاحية العفو الخاص التي لرئيس الجمهورية، من خلال إلغائه في مشروع المحكمة الدولية.
ــــــ المادة 95 المتعلقة بتمثيل الطوائف في الحكم وتجاهل غياب وزراء طائفة كبرى عن السلطة التنفيذية والتصرف بمعزل عنها، وكأنها غير موجودة، ووضعها أمام الأمر الواقع في ما تقرره هذه الحكومة غير الدستورية.
ــــــ الفقرة “ي” من مقدمة الدستور التي تسقط اي شرعية تناقض ميثاق العيش المشترك، الامر الذي ينطبق على الوضع الحالي للحكومة».